مئات آلاف الأتراك يتظاهرون مطالبين برحيل أردوغان والأخير يصفهم بالمخربين
جددت الشرطة التركية أمس ولليوم العاشر على التوالي قمعها الحركة الاحتجاجية التي تطالب باسقاط حكومة رجب طيب اردوغان باستخدام كمية كبيرة من الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق مظاهرة شارك فيها الآلاف وسط العاصمة أنقرة.
وذكرت (رويترز) أن مئات من عناصر شرطة مكافحة الشغب استخدموا الغاز المسيل للدموع بكثافة لطرد المتظاهرين من ساحة كيزيلاي المركزية ما أسفر عن إصابة شخصين على الأقل.
وفي اسطنبول وفي ساحة تقسيم التي تحولت إلى ساحة للحرية في تركيا تظاهر مئات الآلاف من الأتراك أمس مؤكدين رفضهم لنهج حكومة حزب العدالة والتنمية مرددين هتافات تنادي برحيل أردوغان.
ويشير المراقبون إلى أن حديقة كيزي فى ميدان تقسيم في اسطنبول تحولت إلى مدينة فيها آلاف خيم الاعتصام حيث وجه المعتصمون تحذيرات إلى أردوغان ووزير الداخلية وقوات الأمن من عواقب أي محاولة لاقتحام الحديقة.
وأقام المعتصمون حواجز ضخمة لمنع المدرعات وقوات الأمن من الاقتراب أو اختراق الميدان وهذه الحواجز موضوعة في جميع الشوارع المؤدية إلى الميدان والحديقة.
وأثارت تصريحات أردوغان المتعجرفة واطلاقه اقبح التوصيفات بحق أبناء شعبه المنتفض على سياساته الاستبدادية ومنها المخربون والمتطرفون والمشاغبون غضب وحنق المحتجين الأتراك حيث رد أحد المتظاهرين الشباب عليه قائلا كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية: "نحن هنا لحماية حقوقنا وأسلوب عيشنا وللقول كفى للحكومة الفاشية" مشيرا إلى أن أهله وذويه أدركوا أن الشباب من المحتجين لا يتظاهرون لمجرد التسلية بل من أجل مستقبلهم.
وأكد الطالب التركي جان دوغان البالغ من العمر 23 عاما والذي يشارك في المظاهرات في العاصمة التركية أنه وأصدقاءه يناضلون من أجل حقوقهم الأساسية ضد حكومة تريد السيطرة على حياتهم كما أكدت إحدى المتظاهرات الشابات أن الشباب في الساحات والشوارع ليسوا من جيل المدمنين على الكحول وليسوا مشاغبين بل هم مواطنون مسؤولون.
وشدد الشاب اليف جبلي ويبلغ من العمر 19 عاما وهو يتظاهر في أنقرة على أن مطلبه الرئيسي هو ضرورة ابتعاد أردوغان عن حياته وحياة الشباب الخاصة ويقول "حتى والدي لا يتدخل في حياتي الخاصة مثلما يفعل أردوغان".
ووجهت صحيفة حرييت التركية في مقالها الافتتاحي تحية للشباب المتظاهرين في شوارع تركيا قائلة: "أحسنتم أيها الأبناء .. كنا نعتقد أنكم ثمار الرأسمالية لكنكم قضيتم على كل الأفكار المسبقة" في إشارة منها الى وجود صورة ذهنية عن شباب تركي يهتم بالاستهلاك ولا يهتم بالسياسة والمجتمع من حوله.
وأظهرت نتائج استطلاع أجرته جامعة بيلغي في اسطنبول أن 53 بالمئة من المتظاهرين الأتراك لم يشاركوا مطلقا في حياتهم في تجمع سياسي و 70 بالمئة لا ينتمون إلى أي حزب سياسي لكن 92 بالمئة منهم يؤكدون أن القمع الذي مارسته الشرطة والقيود التي فرضتها الحكومة التي تقود البلاد منذ 2002 على حياتهم اليومية هما من الدوافع الرئيسية لخروجهم للتظاهر.
من جهتها أوضحت عالمة الاجتماع التركية نيلوفر نارلي أن مطلب الشباب الرئيسي هو عدم التدخل في حياتهم الخاصة والإصغاء إليهم.
واعتبر جنكيز اكتر المحلل السياسي في جامعة بهتشي شهير أن أردوغان راهن على المادة لكسب ود الجماهير مقابل السكوت عن الحقوق مضيفا: أن الصيغة التي تقول "استهلك واصمت" لها حدود لأن الناس يقولون "هذا يكفي نريد أيضا حريات".
وعلى وقع الاحتجاجات الشعبية التركية أظهر رئيس بلدية اسطنبول كادير توباس تراجعا وابدى استعداده للتخلى عن بعض أجزاء مشروع تعديل ساحة تقسيم الذي كان وراء اندلاع حركة الاحتجاج في محاولة لاحتوائها.
ونقلت أ ف ب عن توباس قوله للصحفيين "لا نفكر إطلاقا في بناء مركز تجاري هناك ولا فندق أو مساكن" وتحدث عن إمكانية بناء "متحف بلدي أو حتى مركز عروض" مؤكدا فى الوقت ذاته نية السلطات اعادة بناء الثكنة العثمانية السابقة التي دمرت في أربعينات القرن الماضي مكان حديقة كيزى لأن المشروع يندرج في إطار "وعودهم الانتخابية" حسب قوله مدعيا إن "الشعب أعطى الإذن للقيام بذلك" بهدف الالتفاف على مطالب المحتجين.
واعتبر أن "هناك بالتأكيد عيوبا لكن يمكن تسوية كل هذه الأمور بالحوار".
من جهته رفض التجمع المعارض لمشروع تعديل الساحة عرض الحوار من جانب رئيس البلدية مشيرا إلى تجاوز حكومة حزب العدالة والتنمية القضاء فيما يخص هذا الملف.
وقالت المتحدثة باسم التجمع موشيلا يابيشي في مؤتمر صحفي: "عندما أعلن أردوغان خططه لتجديد ساحة تقسيم رفعنا القضية إلى القضاء لكنهم واصلوا العمل دون انتظار قرار القضاء".
كما أوضحت المتحدثة أن قائمة المطالب التي سلمها التجمع الأربعاء الماضي لنائب رئيس الوزراء بولند ارينج لم تحظ حتى الآن بـ "أي جواب".
وتتواصل المظاهرات الشعبية الحاشدة المطالبة برحيل أردوغان وحكومته وتتسع رقعتها لتشمل معظم المدن التركية ولا سيما بعدما امتدت الأزمة التى تعصف بهذه الحكومة التسلطية لتطول قطاعات اقتصادية مهمة فى تركيا منها أسواق المال والسياحة التي تضررت بشكل كبير. وبدأت الشركات السياحية والتجار يشعرون بآثار الاحتجاجات مع ابتعاد السياح عن المناطق التي تشهد احتجاجات بشكل كبير.
وذكرت رويترز أن شركات سياحة محلية أكدت أن السياح لا يزالون يحجمون إلى حد بعيد عن زيارة المنطقة بعد أسبوع من الاحتجاجات وأن أعمالهم تضررت بذلك ويقول مدير المبيعات يونس جيكريكجي في أحد الفنادق السياحية "إن 45 بالمئة من الحجوزات لهذا الأسبوع الغيت وهذه الإلغاءات للأيام العشر المقبلة".
من جهته أعرب حكمت بايران مالك مطعم عن تشاؤمه بشأن المستقبل نظرا لانخفاض عدد السياح وقال: "خسرنا الزبائن بالفعل وهم أقل بكثير من عدد السياح الذين ارتادوا المطعم في نفس الوقت العام الماضي أنا متأكد أننا لن نرى ذلك العدد مرة أخرى قريبا".
من جهته أكد ايكوت اردودو العضو في البرلمان التركي عن حزب الشعب الجمهوري أن المتظاهرين الأتراك في ساحة تقسيم باسطنبول يرون في رجب طيب أردوغان رئيس الحكومة التركية ديكتاتورا يقوم بقمع الشعب التركي بكل أطيافه وهم ينددون بديكتاتوريته ويتظاهرون ضده شخصيا وليس ضد أي حزب بعينه.
وقال اردودو في مقابلة مع قناة الميادين أمس إن "أردوغان يقمع الحريات الصحفية حيث لا يمكن بث المعلومات الصحيحة والواقع للعالم كما هو" واصفا اللعبة السياسية التي يتبعها أردوغان بـ اللعبة السياسية الوسخة".
وأوضح أردودو أن "المتظاهرين الأتراك غير راضين عن الفساد المستشري في تركيا ولا سيما فساد أردوغان والحلقة المقربة منه" مؤكدا أن "الفعاليات والتحركات والاحتجاجات التركية بدأت بتجمع عفوي للناس ضد سياسات أردوغان فواجهتهم الشرطة التركية بشكل مفرط واستخدمت ضدهم الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه".
ولفت أردودو إلى أن "الكثير من أبناء الشعب التركي يرون أن أردوغان يحاول تغيير نظام الحكم في تركيا عبر التحريض ضد المتظاهرين والإدعاء أنهم لا يتظاهرون ضده وإنما ضد الإسلام" مبينا أن هذا "الإدعاء غير صحيح ومناف للحقيقة فالمتظاهرون ليسوا ضد أي ديانة بل هم يريدون العيش بسلام وإخاء مع كافة أطياف المجتمع التركي".
بدوره أكد المحلل السياسي التركي بركات قار أن مطالب المحتجين الاتراك الشرعية والديمقراطية لم تلق استجابة ايجابية من قبل الحكومة التركية برئاسة أردوغان بل على العكس استمر باسلوبه المتوتر الذي يقوم على كيل الاتهامات للمحتجين وان تعامل هذه الحكومة بهذه الطريقة لن يصب في مصلحة الشعب التركي بل سيزيد الازمة والمشاكل في البلاد .
وقال قار في حديث لقناة (روسيا اليوم) من أنقرة نشره موقع (روسيا اليوم) الاخباري "إن الاعتذارات المقدمة للمحتجين وحدها لن تكفي" متسائلا .. كيف لرئيس وزراء ان يدافع عن السلام ويحقق لشعبه السلام مع الاكراد وفي نفس الوقت يستمر في سياسته العنفية ضد شعب آخر كالشعب السوري مثلا.
وبالسؤال عما جرى في ساحة تقسيم في بداية الاحتجاجات قال قار "على رئيس الحكومة ألا يتدخل في مثل هذه الامور التي هي من اختصاص البلديات ومؤسسات أخرى لكنه في الحقيقة يتدخل في كل صغيرة وكبيرة".
من جانبه اكد المحلل السياسي التركي كمال بياتلي في نفس الحديث من اسطنبول ان كل شيء مرهون بأسلوب اردوغان المتشنج والحاد الذي يوتر الاوضاع اكثر قائلا "إن استمراره في هذا الأسلوب سيعرضه لخسائر اكبر مما يتصور".
ولفت بياتلي الى ان جدار الخوف لدى الشعب التركي انهار حيث كان هناك كبت للحريات وقد صبر الشعب كثيرا لكن الجيل الجديد مصمم على موقفه معتبرا أن فوز اردوغان في الانتخابات القادمة في حال تم وحده لا يكفي لأنه ان حصل على نسبة غير كبيرة ستفقده شعبيته وسيفتح الباب أمام أحداث أخرى.
وأشار بياتلي إلى أن المشكلة تكمن في أسلوب أردوغان الحاد كما ان الغموض يلف الكثير من سياساته الداخلية والخارجية حتى بالنسبة لاحزاب المعارضة في البرلمان لافتا الى تدخل أردوغان المباشر بالأزمة في سورية.
وقال بياتلي "إن عامة الشعب لا تعلم عن ذلك شيئا".
إلى ذلك هاجم رئيس حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا رجب طيب أردوغان مجددا مئات آلاف المتظاهرين ضد سياسات حكومته واصفا إياهم "بالمخربين واللصوص" وتوعدهم بأنهم لن يربحوا في "المؤامرات التى يدبرونها ضد تركيا".
وقال أردوغان فى كلمة له أمام أنصاره خلال افتتاح مراكز رياضية فى مدينة مرسين التي تستعد لاستقبال دورة العاب البحر الأبيض المتوسط السابعة عشرة "إن الذين يحتجون في ساحة تقسيم في اسطنبول ويحرقون ويدمرون المبانى هناك ويسرقون وينهبون والذين يقومون بأعمال الشغب فيمختلف أنحاء تركيا لا يملكون أي طالب رعية أوديمقراطية".
وأضاف أردوغان "إن أحزاب المعارضة تلجأ إلى الاحتجاجات في الشوارع والساحات لأنها تدرك أنها ستخسر في صناديق الانتخابات" في حين أن حزبه كان أول من رفض مطلب المعارضة بإجراء انتخابات مبكرة.
وزعم أردوغان أنه لا يخاف من حرية التعبير ويحترم الحقوق الفردية ويستمع إلى مختلف الآراء في حين أن قوات الأمن التابعة له هي من سارعت إلى قمع الاحتجاجات في أول يوم انطلقت فيه واعتدت على المتظاهرين وأوقعت عددا من القتلى وآلاف الجرحى في صفوفهم بينما لاتزال تحتجز الآلاف منهم في السجون حتى اليوم.
وتوعد أردوغان الذين قتلوا شرطيا في مدينة أضنة بدفع الثمن لكنه لم يأت على ذكر المتظاهرين الذين قتلوا نتيجة قمع الشرطة العنيف لهم وكيف سيحاسبهم.
واستعاد أردوغان اسطوانة غرس حكومته لملايين الأشجار من أجل تبرير تدمير حديقة جيزي في اسطنبول من أجل إقامة منشآت تجارية سيستفيد منها بعض المقربين والمحسوبين عليه حسب مصادر صحفية محاولا توصيف الاحتجاجات بأنها ضد قطع الأشجار وليس المطالبة برحيله عن السلطة وضد الديكتاتورية التي يمارسها.
وغالى أردوغان في استعراض ما سماها الإنجازات التي قدمها لتركيا مدعيا أن "حزب العدالة والتنمية استلم تركيا أنقاضا وانتشلها من الحضيض وأوصلها إلى ما هي عليه اليوم وبنى فيها الجامعات وهو ما لم تفعله الحكومات السابقة".
وزعم أردوغان أن "اسطنبول كانت صحراء تغلب عليها تلال القمامة" عندما وصل إلى رئاسة بلديتها وهو من قدم لها كل شيئ وغرس الأشجار فيها وجلب المياه إليها ونظف جوها من التلوث "ولو كان لديها لسان لنطقت بالإنجازات التي قدمها لها".
ولدى وصوله إلى مطار مرسين كرر أردوغان أمام أنصاره الذين جمعهم لاستقباله في المطار وصف المتظاهرين بالمخربين والفوضويين والجبناء داعيا ناخبيه إلى "تلقين المتظاهرين درسا أول بالسبل الديموقراطية ي صناديق الاقتراع خلال الانتخابات البلدية المقبلة العام القادم".
وزعم أردوغان أن حزبه هو حزب الـ76 مليون تركي من دون تمييز متناسيا أعداد المتظاهرين الكبيرة في أغلب المدن المحتجين على هذا الحزب الذي يؤسس لديكتاتورية جديدة تقصى كل المخالفين بالرأي.
ومن مرسين إلى أنقرة دار أردوغان حول ذاته دون أن يدلي بجديد إلا شتائم يضيفها في وصفه المنتفضين ضد دكتاتوريته مكررا وصفهم "بالمخربين واللصوص والغوغائيين" مواصلا تحديه للمتظاهرين.
وفي انفصال عن الواقع قال أردوغان مساء أمس أمام مجموعة من أتباع حزبه جمعهم لاستقباله في مطار أنقرة "هذه المدينة اليوم تقوم باستضافة رئيس وزرائها بكل محبة ومودة وتؤكد أنها تقف إلى جانبه".
وأنقرة التي ظهر أردوغان في مطارها عائدا من مرسين شهدت في ساعة متأخرة من أمس الأول تظاهرات عارمة ضده في حي كيزلاي حيث حاولت شرطة أردوغان تفريقها بالغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لكن المحتجين استطاعوا قطع الطرق وإشعال النار في الشوارع.
وأعلن رئيس الحزب الحاكم في تركيا اقتراب نفاد صبره في تهديد واضح قائلا "تحلينا بالصبر وسنتحلى به ولكن للصبر حدودا" في الوقت الذي احتشد عشرات الآلاف من المتظاهرين الأتراك المناهضين لحكومته وسط اسطنبول.
وتنكر رئيس حزب العدالة والتنمية لهوية آلاف الأتراك الذين يملؤون الساحات قائلا "هل الشعب هو من يتظاهر ويحتج في حديقة تقسيم وهل الذين اجتمعوا في مطار أتاتورك والذين استقبلوني في مرسين والموجودون في هذا الحشد.. أليسوا من الشعب التركي.. مدعيا أنه يرضى "بالشعب فيصلا" في الوقت الذي رفض حزبه دعوة المعارضة التركية لانتخابات مبكرة.
واجتر أردوغان حديثه عن تاريخ زراعته للأشجار وتنظيف قمامة اسطنبول وكل توصيفاته وكلماته ومزاعمه التي أطلقها منذ بداية حركة الاحتجاج في دليل على أنه أفلس من الكلمات وبات في دوامة تكرار ذاته دون جديد.
وهدد أردوغان بالقول "لن تنالوا مما تفعلونه.. وكم عددهم لا يهم وهذا كلامي لهم كلهم.. أنتم الذين قمتم ببدء هذه العمليات ضدنا وستدفعون ثمنها غاليا" معترفا بأن الشرطة التابعة له ارتكبت الأخطاء.
وحاول أردوغان اللعب على وتر الطائفية بالقول "بعض الأطراف المتطرفة ليس لها الحق بمحاسبتنا" وأضاف في مكان آخر من كلامه "كانت ممارساتهم كلها تخريبا وقاموا بحرق السيارات العامة وبمهاجمة المحجبات ولم يكتفوا بذلك بل أيضا ذهبوا ودخلوا إلى مسجد وأدخلوا الكحول وشربوها هناك".
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد