أزمـة قبـرص: حـل روسـي يلـوح فـي الأفـق
فتحت الأزمة الاقتصادية القبرصية الباب أمام روسيا لتعزيز دورها ونفوذها في قبرص ومنطقة المتوسط، إذ من المرجح أن يعرض القبارصة على موسكو شراء أسهم مصرفية في الجزيرة مقابل سيولة، بعدما فتح رفض البرلمان القبرصي أمس الأول، خطة الإنقاذ الأوروبية التي تضمنت ضريبة غير مسبوقة على الودائع المصرفية، فترة من التقلبات في قبرص. من خطة معدلة إلى إفلاس البلاد، فإن كل السيناريوهات باتت ممكنة.
برز الطرح الروسي، وجهاً لوجه مع سيناريو مفضّل لدى منطقة اليورو، وهو معاودة التفاوض واعتماد الاتفاق سريعاً، بحيث تقدم قبرص مقترحات لإعادة النظر في خطة الإنقاذ وتعديل الضريبة
على الودائع المصرفية، مع ضمان أن المبلغ الذي ستؤمنه سيكون 5,8 مليارات يورو، إلا أن هذا السيناريو يتطلب موافقة البرلمان القبرصي، لكن المشكلة هي أن قبرص لا تزال مترددة حيال فرض ضريبة أعلى على الودائع التي تزيد عن 100 ألف يورو.
إلا أن رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيديف أكد، أمس، أن خطة إنقاذ قبرص التي تعاني من الديون كانت مليئة بالأخطاء، لكن الحل يجب ألا يضر بالعلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي. وأضاف «يبدو لي انه تم ارتكاب كل خطأ ممكن في هذا الوضع»، معرباً عن أمله في ألا يؤدي أي حل للازمة المالية القبرصية إلى «الإضرار بعلاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي».
في هذا السياق، كان مصرف «غازبروم بنك»، الذي يملك عملاق الغاز «غازبروم» 41 في المئة من أسهمه، عرض تقديم مساعدة مالية إلى نيقوسيا وتعويم المصارف القبرصية، لقاء الحصول على امتيازات لاستخراج الغاز الطبيعي قبالة سواحل الجزيرة المتوسطية.
و«غازبروم بنك» شارك العام الماضي مع مجموعة «نوفاتك» الروسية للغاز وشركة «توتال» الفرنسية للنفط في استدراج عروض لاستثمار موارد المحروقات الـ«أوف شور» في قبرص، لكن المفاوضات باءت بالفشل.
إلا أن الخبيرة الاقتصادية جوليا تسيبليافا من مصرف «بي أن بي باريبا»، اعتبرت أن «غازبروم» لا يستطيع أن يقدم لقبرص بمفرده اعتماداً بثلاثة مليارات دولار بسبب رأسماله وقوانينه.
ويرفض مسؤولو الشركة الروسية التعليق على هذا الادّعاء سواء سلباً أو إيجاباً. ويشير المتخصصون في هذا المجال إلى أن موافقة إدارة قبرص اليونانية على عرض كهذا، من الممكن أن تتسبب في إحداث أزمة بين تركيا وروسيا، إذ أن أنقرة تدافع عن حق قبرص التركية في القطعة الثانية عشرة من المنطقة الاقتصادية الحصرية التي أعلنت عنها قبرص اليونانية في البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يدفعها إلى رفض الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بهذا الشأن.
وفي المساعي القبرصية الروسية، واصل وزير المالية القبرصي ميخاليس ساريس أمس، مفاوضاته حول شروط تقديم دعم مالي روسي للجزيرة، حيث التقى في موسكو، نظيره الروسي أنتون سيلوانوف، ثم النائب الأول لرئيس الوزراء إيغور شوفالوف لكن من دون الإعلان عن أي اتفاق. واكتفى ساريس في ختام لقائه مع سيلوانوف بالقول «لقد أجرينا محادثات جيدة جداً، صادقة، ومنفتحة».
وفي انتظار أن يواصل جولته الروسية اليوم، طالب ساريس بإعادة جدولة قرض بقيمة 2,5 مليار يورو، منحته روسيا إلى نيقوسيا في العام 2011، وتريد قبرص أن تنتهي من تسديده في العام 2016 بهدف تخفيف الأعباء المالية عنها.
وكان الكرملين أعلن، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تلقى اتصالاً هاتفياً في وقت متأخر أمس الأول، من نظيره القبرصي نيكوس أناستاسياديس تباحثا خلاله في المساعدة التي يمكن أن تقدمها روسيا لقبرص.
وصرح المتحدث باسم بوتين ديمتري بيسكوف «أن الرئيسين تناقشا في الوضع الاقتصادي لقبرص ضمن إطار اقتراح مجموعة اليورو، لإيجاد سبل من أجل الخروج من الأزمة».
وتابع المتحدث أن «بوتين عبر مجدداً عن قلقه حول تطبيق أي إجراءات من شأنها أن تضر بمصالح الأفراد والشركات الروسية».
ويقدر خبراء الاقتصاد في مصرف «سبيربنك» الروسي العام، أن الخسائر التي سيتكبدها المستثمرون الروس تمثل 40 في المئة من مبلغ الـ5,8 مليارات يورو، الذي كان من المفترض أن يتم جمعه بموجب خطة الإنقاذ الأوروبية لقاء الحصول على قرض بقيمة عشرة مليارات يورو.
المصدر: السفيير+ وكالات
إضافة تعليق جديد