البحرين في ذكرى إعلان الطوارئ: تظاهرات وأحكام مخففة للشرطة
شارك آلاف البحرينيين أمس، في تظاهرة غربي المنامة تحت عنوان «عدنا» في ذكرى إعلان حالة الطوارئ في البلاد قبل عامين، بعد دخول قوات «درع الجزيرة» عبر «جسر الملك فهد» الذي يربط البحرين بالسعودية، للمشاركة في قمع الاحتجاجات التي استمرت شهراً في «دوار اللؤلؤة».
ورفعت خلال التظاهرة شعارات مناهضة للحكومة، ومطالبة بالعدالة والقصاص من القتلة والمعذبين والفاسدين، كما رفعت أعلام البحرين وصور المعتقلين والشهداء.
يأتي ذلك بعد يوم من دعوات للإضراب والتظاهر دعا إليها «ائتلاف شباب 14 فبراير»، حيث خرجت تظاهرات أحرق خلال المتظاهرون الإطارات وحاويات القمامة وأغلقوا الطرق. وأسفرت الاشتباكات مع رجال الشرطة الذين حضروا منذ صباح أمس الأول، في محيط القرى ذات الغالبية المعارضة، عن عشرات الإصابات والاعتقالات.
ووصفت وزارة الداخلية البحرينية وقائع يوم الخميس، بالأعمال الإرهابية، قائلة إنها استخدمت القوة اللازمة لتفريق المتظاهرين ولإعادة الأمن والنظام، فيما اتهمتها «جمعية الوفاق الإسلامية المعارضة»، كبرى جمعيات المعارضة في البحرين، باستخدام القوة المفرطة، وإغراق القرى بالغاز المسيل للدموع، بالإضافة إلى استخدام الرصاص الانشطاري الذي أدى إلى إصابات خطيرة.
وكان القضاء البحريني على محك العدالة، حيث أصدرت المحكمة الجنائية الكبرى، يوم الثلاثاء الماضي، حكماً بالسجن لمدة عشر سنوات على اثنين من أفراد الشرطة بتهمة «الضرب حتى الموت» لأحد المعتقلين، الذي توفي تحت التعذيب، وبرأتهما من قتل سجين آخر، بينما برأت خمسة من الشرطة (من أصل باكستاني)، متهمين بالتستر على الجريمة وعدم الإبلاغ عنها.
كما برأت المحكمة ذاتها، ومحكمة الاستئناف خلال الأسبوع الماضي، أربعة من رجال الشرطة في مراتب متدنية من تهم قتل متظاهرين في شهري شباط وآذار من العام 2011، واعتبرت القتل نتيجة «الدفاع عن النفس»، من دون أن تقدم أية أدلة على أن المجني عليهم كانوا يستخدمون القوة أو العنف، فيما أثبت أكثر من دليل قدمه الدفاع، أن القتل تم بدم بارد من قبل الشرطة ضد متظاهرين سلميين.
من جهة أخرى، حكمت المحكمة خلال الأسبوع الماضي أيضاً، على سبعة متهمين بالسجن لعشر سنوات، بتهم مهاجمة رجال شرطة بقصد قتلهم باستخدام الزجاجات الحارقة والتجمهر، برغم شكوى المتهمين بأن اعترافاتهم انتزعت تحت التعذيب. إلا أن المحكمة تغاضت عن هذا الطرح، كما عن الطرح ذاته في العديد من القضايا التي توجه فيها التهم ضد معارضين أو محتجين.
وفي هذا الشأن، علق رئيس «دائرة الحريات وحقوق الإنسان» في «جمعية الوفاق الوطني الإسلامية» في البحرين، النائب السابق السيد هادي الموسوي على الأحكام، واصفاً إياها بـ«الازدواجية وتعمد إفلات المجرمين من العقاب، وتعمد إهمال قضايا قتل أكثر من 110 مواطنين، بينما يسارع لإدانة مواطنين بعد تعذيبهم والتنكيل بهم على خلفية اتهامات باطلة بحوادث أمنية».
وأشار الموسوي إلى أن بعض قضايا القتل خلال العامين الماضيين، التي سقط فيها شهداء، تم التستر عليها وتغطيتها، خصوصاً تلك التي تورط فيها الجيش البحريني، «في الوقت الذي تسرع فيه السلطة إلى إدانة المواطنين بزعمهم قتل المنتسبين إلى أجهزة الأمن، وتعطيل قضايا قتل المواطنين لفترات طويلة، ثم تصدر الأحكام بالبراءة أو الأحكام المخففة، ما يشكل بوضوح إفلات المجرمين والقتلة من العقاب وغياب العدالة»، بحسب تعبيره.
وفي ما يتعلق بالقضايا التي اتهم فيها مواطنون بقتل رجال أمن، يقول الموسوي «يتم القبض على المتهمين خلال ساعات أو أيام، وتجري محاكمتهم محاكمة فورية وسريعة في المحاكم العسكرية، فيما هناك قضايا لم تجر فيها أي ملاحقة قضائية».
وفي تعليق للمحامي محمد الجشي حول الأحكام الأخيرة، قال إن «الأحكام الأخيرة هي ترجمة حقيقية لتنصل السلطة من تنفيذ توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقبلة لتقصي الحقائق، عبر إفراغ التوصيات من أهدافها والتلاعب الشكلي بتنفيذها، حيث أحالت المجرمين من الشرطة إلى المحاكمة بأدلة ضعيفة ثم تبرئتهم من قبل القضاء، وهو تحصين لسلوك المرتكب من دون ردع وعقاب».
ويتابع «فيما تصادر السلطات أبسط أدوات حرية التعبير، وتسجن من غرّد على حسابه الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي، تعبيراً عن آرائه لمدة تصل إلى ثلاث سنوات من دون أدنى مسوغ قانوني».
وعما يمكن فعله في مثل هذه الحالات، يقول الجشي إنه «مع استنفاد الوسائل المحلية للتقاضي وإحقاق الحق، ممكن اللجوء إلى الوسائل الدولية وآليات الأمم المتحدة، كما يبقى الإصلاح الشامل والهيكلي للقضاء، يمكن أن تنتج أحكام تقترب من العدالة والإنصاف، وعندما يحدث ذلك، إعادة المحاكمات بذرائع وحجج قانونية مقبولة تفضي إلى إنصاف الضحايا».
واستنكرت «جمعية الوفاق» ما اعتبرته استمراراً لتبرئة القتلة والمجرمين من قتل البحرينيين، في سلسلة أحكام غير موثوقة، تأتي في سياق سياسة الإفلات من العقاب، كما جاء في بيان لها، مشددة على أنها تمثل استخفافاً بحرمة الدم البحريني.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد