انطلاق العمل بتلسكوب «ألمـا» بانتظار «إي ايلت»

14-03-2013

انطلاق العمل بتلسكوب «ألمـا» بانتظار «إي ايلت»

من المقرر أن يلتقط تلسكوب «ألما» العملاق، الذي سيبدأ عمله اليوم في منطقة «أنديز» الصحراوية في تشيلي في أميركا الجنوبية، صوراً لولادة نجوم ونشأة مجرات.
ويعد هذا المشروع العلمي أكبر مشروع فلكي على الأرض عرفه العالم حتى الآن.
ونظراً لارتفاع تكاليفه، يعد تلسكوب «ألما» العملاق أغلى مشروع فلكي على الإطلاق، إذ تجـاوزت تكاليفه مبلغ مليار يورو.
ويصف مدير المشروع فولفغانغ فيلد من مرصد «ايسو» الأوروبي، في مدينة غارشينغ بالقرب من ميونيخ جنوب ألمانيا، انطلاق عمل التلسكوب بأنه «يشبه في الوقت الحالي الانتقال من العين المجردة إلى أول تلسكوب عرفه الإنسان»، مشيراً أن التلسكوب الذي يعرف اختصاراً بـ «ألما» مشروع دولي كبير شارك فيه علماء من أوروبا، وأميركا الشمالية، وآسيا. وتابع «يتكون هذا التلسكوب من 66 تلسكوباً تبلغ مساحتها مجتمعة مساحة ملعب رسمي لكرة القدم».أجهزة التلسكوب «ألما» في صحراء تشيلي في أميركا الجنوبية (أ ف ب)
وأوضح فيلد أنه عندما بدأت 16 من هذه التلسكوبات في العمل في العام 2011 كانت نتيجة الصور التي التقطها أفضل من كل النتائج السابقة، شارحاً أنّ «تلسكوب ألما يقيس موجات الراديو في مجال لا يتجاوز واحد مليمتراً، وربما أقل من ذلك، ما قد يساعد العلماء على رصد ما يعرف بالمادة السوداء، وهي السحب التي تنشأ فيها نجوم جديدة، والتي تلعب دوراً هاماً في نشأة مجرات كاملة»، مضيفاً أنّ «هذه الموجات المليمترية بالغــــة الارتـــفاع هي شديدة الأهمية لاختراق السحب الغازية وسحب الغبار الممتدة».
ويذكر أنّ «ألما» وفر سابقاً في شكله غير النهائي، الذي كان قيد التشغيل حتى الآن، معلومات هامة، حيث اكتشفت التلسكوبات التي كان يتكون منها الشكل غير النهائي لـ«ألما» جزيئات عضوية صغيرة من السكر الذي يعتبر «اللبنة التي تتكون منها الحياة»، بحسبما أوضح فيلد، الذي أضاف متسائلاً «هل يسمح لنا ذلك بافتراض وجود حياة منتشرة في الكون؟».
وأقيم التلسكوب على ارتفاع أكثر من خمسة آلاف كيلومتر فوق سطح البحر في صحراء تشيلي، واختيرت تلك المنطقة لأن الهواء فيها جاف للغاية، بالإضافة إلى أن هذا المشروع كان يحتاج لمســـاحة لا تقل عن 16 كيلومتراً، وكلما زاد الارتفاع كلما كان الوضع أفضل، وليســـت هناك أماكن كثيرة في العالم تمتلك مثل هذه المميزات، وفقاً لفيلد.
وأوضح مدير المشروع أنه على الرغم من أنّ العلماء يعلمون، إلى حد ما، ما سيعود به هذا التلسكوب العملاق على العلم، إلا أنه لا يستبعد حدوث مفاجآت عند انطلاقه، لافتاً إلى أنّ «الأمر يشبه الحال مع عالم الفلك غاليليه، الذي لم يكن يتوقع أن يكتشف قمر كوكب المشتري، ثم فوجئ بأكثر من ذلك». وشارك أكثر من 500 إنسان من جميع أنحاء العالم في بناء هذا التلسكوب، الذي يصفه العلماء بأنه بمثابة «قرية وسط الصحراء». وعندما يبدأ تشغيله اليوم بحضور الرئيس التشيلي سيـــباستيان بينـــيرا فإنّ نحو 100 رجل سيتولون هذه المهمة.
في المقابل، فإنّ «ألما» ليس نهاية المطاف، لأن لدى المرصد الأوروبي الجنوبي في منطقة غارشينغ خطط أخرى كبيرة يسعى لتطبيقها في مناطق قريبة من موقع المرصد، حيث ينتظر أن يبدأ تشغيل التلسكوب الأوروبي العملاق «إي ايلت» في صحراء أتاكاما في تشيلي في خلال العقد المقبل.
ولكن التلسكوب الأخير سيعمل، خلافاً لـ«ألما» الذي يعمل في النطاق المرئي للأشعة فوق الحمراء، على مراقبة ما يعرف بالمادة الساخنة، في حين أن «ألما» يراقب نشأة النجوم والكواكب، حيث يبدأ في رصدها عندما تكون قد أخذت شكلها بالفعل.
في المقابل، يسعى العلماء باستخدام «إي ايلت» لتتبع نشأة الكون منذ الانفجار العظيم تقريباً. وسيصبح باستطاعة هذا التلسكوب، المنتظر أن يبدأ عمله في العام 2023، أن يلقي نظرة بعمق أكثر من 13 مليار سنة ضوئية في أصول الكون، وسيثبت على جبل سير أرمازونس، الذي يبلغ ارتفاعه 3060 متراً، في تشيلي.
وربما سيجيب التلسكوبان العملاقان يوماً ما عن كثير من الأسئلة التي لا تزال تحيّر العلماء مثل «هل هناك حقاً في الكون كواكب أخرى تشبه الأرض؟»، و«هل هناك حياة في أماكن أخرى في الكون؟».

(«دويتشه فيلليه»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...