مصــر: «الإخــوان» تصطــدم بالجيــش والسـلفيـين

19-02-2013

مصــر: «الإخــوان» تصطــدم بالجيــش والسـلفيـين

دخلت القوات المسلحة المصرية على خط الأزمة مع جماعة «الإخوان المسلمين» بعد تسريب خبر إطاحة وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي من منصبه عبر موقع «الدولة» الالكتروني التابع لـ«الإخوان» الذي يموّله أيمن عبد الغني، زوج ابنة خيرت الشاطر، الرجل القوي في الجماعة.
وبرغم النفي السريع من قبل قادة «الإخوان» لهذه المعلومات، إلا أن حالة الغضب التي سرت وانتشرت بين جنود وضباط الجيش لم تهدأ أمس، فيما ربطت التسريبات المجهولة المصدر بحديث قادة القوات المسلحة في الفترة الأخيرة عن مخططات المؤامرة التي تحاك ضد الجيش، لتتكشف الأزمة الحقيقية بين المؤسسة العسكرية ومؤسسة الرئاسة المدارة من قبل مكتب إرشاد «الإخوان».
وأكدت مصادر عسكرية رفيعة المستوى أن الفريق السيسي أبدى امتعاضاً واضحاً من خبر إقالته الذي تم تسريبه مساء أمس الأول، وتناقلته مواقع إخبارية تمثل الجناح الإعلامي لـ«الإخوان».
وأوضحت المصادر أن وزير الدفاع أجرى اتصالا هاتفيا صباح أمس بالرئيس محمد مرسي أبدى فيه اعتراض قادة الجيش على سلوك بعض قيادات «الإخوان» من خلال الزج باسم المؤسسة العسكرية (يقصد صبحي صالح وحلمي الجزار) في الصراع السياسي الدائر في مصر الآن.
ولفتت المصادر الى أن الرئيس طمأن الفريق السيسي ووعده بتدارك الأمر مع قادة الجماعة. المصادر كشفت أيضا عن أن حديث رئيس الأركان صدقي صبحي خلال مشاركته في معرض الدفاع الدولي «آيدكس2013» في أبو ظبي السبت الماضي، لم يكن وليد الصدفة، ولم يكن تأكيده على يقظة الجيش لما يتم تدبيره لمصر ولقواتها المسلحة من قبيل المبالغة، فقبلها بأيام حذر وزير الدفاع من انهيار الدولة في ظل التناحر السياسي الدائر بين القوى السياسية، وهو ما أثار غضب قادة «الإخوان».
وقد زاد الغضب بعدما وجه وزير الدفاع الدعوة لقادة «جبهة الإنقاذ» وعدد من الأحزاب والقوى الإسلامية للحوار حول الأوضاع الراهنة من دون الرجوع إلى الرئاسة.
وخرج المتحدث باسم القوات المسلحة للتأكيد على أن المؤسسة العسكرية تابعت ما يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام من الشائعات المتعلقة بإقالة وزير الدفاع، وإبداء البعض لآرائهم تجاه هذا الموضوع منسوباً إلى تصريحات «مصادر عسكرية مسؤولة»، مشيرا الى ان هذا الحديث عار تماماً من الصحة، وانه لم تصدر أية بيانات أو تصريحات عن المؤسسة العسكرية بهذا الشأن.
وأضاف المتحدث ان المؤسسة العسكرية لا تتعامل مع مثل هذه الشائعات، وتدرك مخاطرها، وتهيب بالجميع توخي الدقة والحذر عند التعامل مع الموضوعات المتعلقة بالقوات المسلحة.
وبرغم نفي الجيش خبر الإقالة، إلا أن الرئاسة لم تشر الى المكالمة الهاتفية التي تمت بين مرسي والسيسي.
ويبدو أن الأزمة بين الجماعة والجيش في سبيلها إلى التفاقم مع تنامي الأزمات السياسية التي تتطلب وتستلزم تدخل القوات المسلحة.
وعلى جانب الصراع بين «الإخوان» والسلفيين على خلفية إقالة مستشار الرئيس خالد علم الدين، واتهامه باستغلال النفوذ، تبادل الطرفان أمس كما هائلا من الاتهامات، بدأها نادر بكار، أحد المتحدثين باسم «حزب النور» في مجموعة تغريدات على حسابه الشخصي في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قائلا: «وإذا كانت الرئاسة تقيل بالشبهات، فيجب على الرئيس نفسه أن يقدم استقالته لشبهات تورط بعض مرؤوسيه في قتل المتظاهرين عمداً»، وهو اتهام صمتت الرئاسة عليه ولم يخرج أحد لنفيه. ثم أدار دفة الهجوم على الرجل القوي في الجماعة خيرت الشاطر متسائلا: «إذا كانت الرئاسة تقيل بالشبهات، فلتحدثنا عن صفة خيرت الشاطر التي تكلم بها عن (تحركات مرصودة) لأطراف في الداخل والخارج لم يسمها».
قذائف الاتهامات التي صوبها السلفيون أمس لم تنته عند بكار، فقد شهد المؤتمر الصحافي الذي عقده «حزب النور» ردا على الرئاسة في ما يخص إقالة علم الدين.
المؤتمر الصحافي تأخر ساعة كاملة. وكشف علم الدين أن السبب وراء تأخير المؤتمر هو أن محمد فؤاد جاد الله، المستشار القانوني لمرسي، أخبره أن الرئاسة تطلب تأجيل المؤتمر، وانه سيتم الاعتذار في بيان رسمي صادر عن الرئاسة.
وما هي إلا دقائق حتى ظهر جاد الله على قناة «الجزيرة»، نافياً إجراء أي اتصال مع علم الدين، ومؤكدا أن الرئاسة لم تتهم المستشار السابق بشيء حتى تعتذر عنه، وهو ما دعا المستشار المقال الى التساؤل في المؤتمر الصحافي عن المخصصات المالية للرئاسة وأوجه إنفاقها، قائلا: «لا أعلم أين تذهب أموال ومبالغ الرئاسة، وكنت أصرف من جيبي الخاص في مواصلات من الإسكندرية إلى القاهرة، وأحجز فندقا على حسابي، ولم يصلني ملّيم من الرئاسة على مدار أربعة أشهر، في الوقت الذي تخصص لسكرتارية الرئيس سيارات فارهة وبدلات تصل الى 80 ألف جنيه شهرياً».
ووصف علم الدين إقالته بأنها أتت انتقاماً من اعتراضه على سيطرة مكتب الإرشاد على مؤسسة الرئاسة.
وخلال المؤتمر أعلن بسام الزرقا، أحد القيادات السلفية، استقالته من منصبه كمستشار للرئيس للشؤون السياسية، تضامنا مع زميله.
وقال الزرقا : إن استقالته لا رجعة فيها، وإن التيار السلفي لن يقبل بأقل من اعتذار رسمي من رئيس الجمهورية، مشيراً الى أن ما حدث هدفه التأثير في شعبية السلفيين قبيل الانتخابات البرلمانية.
هذا الأمر أكده الخبير في «مركز الأهرام للدراسات السياسية» عمرو هاشم ربيع بقوله إن «الصراع الدائر الآن بين الإخوان والسلفيين سيؤثر سلبا في الطرفين في الانتخابات المقبلة».
على جانب آخر، وكما كان متوقعا، أصيب نواب «حزب الحرية والعدالة» بالصدمة، بعدما قضت المحكمة الدستورية، أمس، بعدم دستورية قانوني الانتخاب ومباشرة الحقوق السياسية، وخصوصا صبحي صالح وكيل اللجنة التشريعية الذي كان مقررا لتقرير اللجنة عن قانوني الانتخابات، وتوقع موافقة المحكمة الدستورية عليهما.
ومن المتوقع أن تعيد الاعتراضات الدستورية في قانوني الانتخابات التوتر القديم بين جماعة الإخوان والمحكمة الدستورية، التي أوردت في بيان تفصيلي لها عشر ملاحظات على مشروع القانون أرسلتها في مذكرة رسمية إلى مجلس الشورى، لتعديل القانون على إثرها.
وركزت المحكمة على قانون العزل السياسي وتقسيم الدوائر والخلط بين صفتي العامل والفلاح.
وقال صبحي صالح إن «مجلس الشورى لم يتلق أي رد من الدستورية على قانون الانتخابات، مشيراً الى أنها ستجري في موعدها نظرا لضيق الوقت، وان المجلس سيعقد اليوم جلسة طارئة لمناقشة اعتراضات المحكمة على القانون.
الأزمات المتلاحقة والصدامات المتتالية لـ«الإخوان» مع القوى السياسية ومؤسسات الدولة (الجيش والمحكمة الدستورية) التي ترفض الهيمنة عليها تكشف عن أن الجماعة تمضي بخطى سريعة نحو صدام عنيف لن يكون في صالحها.

محمد فوزي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...