مصر: عصيان مدني «متدرّج» يقاطعه الإخـوان والسلفيون
حاصر آلاف المصريين، أمس، مقر وزارة الدفاع في القاهرة، وذلك في إطار التحركات الاحتجاجية الهادفة إلى إرغام المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تسليم السلطة للمدنيين، وذلك قبل يوم واحد من بدء العصيان المدني «المتدرّج»، الذي دعت إليه القوى الثورية، والذي سيبدأ بتنفيذ إضراب عام في مختلف الجامعات المصرية لينتقل بعد ذلك إلى قطاعات اقتصادية وخدماتية أخرى، في الذكرى السنوية الاولى لتنحي الرئيس السابق حسني مبارك.
واستبق المجلس العسكري بدء العصيان المدني بإصدار بيان، مساء أمس، توجه فيه إلى المصريين بالقول إنه «منذ عام تسلمت قواتكم المسلحة سلطة إدارة البلاد، بتأييد من جماهير هذا الشعب العظيم، وبشرعية فرضتها ثورة يناير تلك الثورة المجيدة التي فجرها شباب هم قلب هذا الوطن النابض، وخاضتها جماهير حرة أبية... وقد شارك جيش هذا الشعب في ثورته، من دون أن تنتابه حيرة أو تراوده لحظة تردد في اختياره الوطني بأن يكون درع الحماية لهذا الشعب العظيم وثورته العظيمة التي غيرت مجرى التاريخ».
وأضاف البيان «منذ أيام، أوفينا بأول عهد وسلمنا سلطة التشريع إلى مجلس الشعب في أولى جلسات انعقاده بعد انتخابات جرت في حرية ونزاهة، وها نحن نستعد لإكمال تعهداتنا، فقد تم الإعلان عن فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية يوم العاشر من آذار المقبل، وسوف نسلم سلطة الرئاسة إلى رئيس الجمهورية بعد إجراء الانتخابات لتنتهي المرحلة الانتقالية ويعود جيشكم الوافي الشجاع إلى مهمته الأصلية مدافعا عن الحدود وحاميا للثغور والأجواء».
وختم البيان «أبداً لن نخضع لتهديدات, ولن نرضخ لضغوط، ولن نقبل إملاءات... أبداً لن ننحني أمام عواصف أو أنواء... وأبدا لن نركع إلا لله الواحد القهار».
ونظم الناشطون المصريون ابتداءً من صباح يوم أمس أكثر من 25 مسيرة باتجاه مقر وزارة الدفاع في منطقة العباسية. وبدأت إحدى المسيرات من مسجد الفتح في ميدان رمسيس في وسط القاهرة بعد صلاة الجمعة، وشارك فيها مئات الناشطين، لكن عدد المشاركين بلغ نحو ثلاثة آلاف حين وصلت المسيرة إلى حواجز أمام مقر وزارة الدفاع.
وبعد الصلاة في مسجد الفتح هتف ناشطان وسط المسجد وأمامه «يسقط يسقط حكم العسكر» و«الشعب يريد إسقاط النظام» و«الشعب يريد إسقاط المشير» في إشارة إلى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي.
وهتف المشاركون في المسيرة بعد أن تقدمت في شارع رمسيس في طريقها إلى وزارة الدفاع «الإضراب مشروع مشروع ضد الفقر وضد الجوع». وكتب ناشطون شعارات على جدران المباني تقول «عصيان مدني» و«إعدام المشير» و«المشير خائن».
وأشار للمشاركين في المسيرة مئات السكان من الشرفات بعلامة النصر، وألقى إليهم رجل بحلوى وورود، بينما انتقدهم عدد من المارة وركاب السيارات التي أعاقت المسيرة سيرها.
وعند بلوغ المسيرة مقر حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في منطقة حدائق القبة هتف الناشطون «بيع الثورة يا بديع» في إشارة إلى المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع.
وقبل وصول المحتجين إلى الحواجز المقامة أمام وزارة الدفاع وقفوا أمام منزل مشجع لكرة القدم يدعى محمد خالد قتل مع نحو 70 مشجعا آخرين عقب مباراة لكرة القدم في مدينة بورسعيد الساحلية وهتفوا «آه يا محمد يا بطل دمك بيحرر وطن» و«وحياة دمك يا شهيد ثورة ثانية من جديد». وخرج أقارب خالد في الشرفة وقد ارتدوا الملابس السوداء وتبادلوا البكاء والهتاف مع المتظاهرين.
وأمام وزارة الدفاع ردد المحتجون الذين قدر عددهم بعشرات الآلاف هتافات تقول «ارحل» و«سلم السلطة» و«الشعب يريد إعدام المشير» و«يسقط يسقط حكم العسكر». وحين رأوا أفرادا عسكريين يصورون التظاهرة بالفيديو هتفوا «صور صور ذيع الثورة مش حتضيع».
وتوجهت إلى مقر الوزارة كذلك مسيرات شارك فيها آلاف الناشطين من عدة أماكن في القاهرة، من بينها ضاحية مصر الجديدة، وضاحية مدينة نصر وضاحية شبرا. وبحلول المساء بدأ المشاركون في المسيرات الانصراف من أمام الحواجز المقامة أمام الوزارة من دون أحداث عنف. وأعلنت 40 حركة سياسية انتهاء الاعتصام مع تأكيد مواصلة التحرك لإنهاء حكم العسكر.
وتأتي مسيرات أمس تمهيدا للإضراب والاعتصامات المقررة اليوم في الذكرى الأولى لتنحي الرئيس حسني مبارك. ودعا طلاب عدة جامعات في مصر إلى الإضراب. وجاء في بيان باسم 39 جماعة شبابية أن الإضراب هو «مجرد بداية لنقل المعركة الثورية على طريق ربط المطالب السياسية والديموقراطية بالمطالب الاقتصادية والاجتماعية».
ومن المتوقع ان تغلق في الإضراب الأول المزمع يوم السبت جامعات ومصانع وتتوقف حركة بعض القطارات وتخفض الخدمات العامة. وبحسب اتحاد شباب الثورة فإن الإضراب سيكون متدرجاً، بحسب استجابة المجلس العسكري للمطالب، بحيث يشمل قطاعات أخرى، كالمصارف والنقل العام.
وسيقدم معدل الاستجابة للإضراب أدلة على رغبة المصريين في مزيد من المواجهة مع المجلس العسكري. ونشر الجيش مزيدا من الجنود والدبابات لحماية المباني والمنشآت العامة استعدادا للإضراب الذي أثار انقسامات عميقة بين الجماعات الشبابية الليبرالية واليسارية من جهة والجيش والسياسيين الإسلاميين والزعماء الدينيين من جهة أخرى.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد