مصر: دعوات الى مليونيتي «الحسم» و«الاستقلال» اليوم
لا يصدّق المعتصمون في ميدان التحرير بالقاهرة، وفي ميدان القائد إبراهيم بالإسكندرية، ولا في ميدان الأربعين بالسويس، أن تغييراً قد طرأ على جسد حكومة ما بعد ثورة «25 يناير». الحكومة التي طالب ثوار مصر برئيسها، عصام شرف، وحملوه في الميدان وأجبروا العسكر على الإتيان به؛ هذه الحكومة أو الأصح رئيسها، خذلهم للمرّة الثانية. المرّة الأولى كانت في الإخفاق الشديد بما وعد به من إصلاحات. أما الثانية، فكانت في اختيار عدد من الوجوه الجديدة تحمل أفكار وتوجهات المجلس العسكري الذي لا يزال يتعامل مع الثورة على أساس أنه صاحبها وحاضنها الأول.
كان الارتباك هو سيد الموقف في الأيام الماضية إبّان تشكيل الحكومة. تبدّلت الحال الآن وحضر الإحباط، وبنحو كبير، الغضب، بات هو السائد بين جموع المصريين. في الأمس، أدّت تشكيلة عصام شرف، الممثلة للتغيير الوزاري المنتظر، اليمين الدستورية أمام المشير طنطاوي. جرت المراسم على عجل كمن يستعجل إخفاء فضيحة، فهل ارتاح شرف الآن؟ سؤال يبدو منطقياً بعد اللغط الذي ملأ سماء القاهرة، خلال الساعات الماضية، عن تقديم الرجل استقالته الى المجلس العسكرى الذي أشرف أعضاؤه على اختيار الوزراء الجديد. السؤال الذي يطرح نفسه الآن، ما الجديد الذي تحمله التشكيلة الجديدة؟
كان الأولى برئيس الحكومة أن يقول للناس خطط ومهام وزاراته الجديدة، والتي تم بناءً عليها الاختيار، لكن لم يحدث شيء من هذا. كل ما حصل أنّ القائد العام للمجلس العسكري المشير طنطاوي قال في تصريحات مقتضبة كلاماً عاماً عن الوزارة الجديدة، وأنها تتطلع الى مهام جسام وتقف أمام تحدّيات كبيرة وتهدف الى تسيير البلاد في هذه الفترة الحساسة.
لكن ما أخفاه طنطاوي وكان يفترض أن يقوله شرف هو: أي طريق ستسلكه الحكومة، وأي نظام اقتصادي ستعبر من خلاله مصر الى برّ الآمان؟ والأهم، لماذا أبقى الرجل على عدد من الوزراء كانوا على رأس مطالب الثوار في ما يتعلق بالتغيير؟ وأبرزهم وزير الداخلية منصور العيسوي، الذي تحدى الثوار، ومن قبلهم رئيس الوزراء بإصراره على عدم توقيف أيّ من الضباط المتهمين بقتل الثوار. كذلك وزير العدل ووزيرة التعاون الدولي، فايزة أبو النجا، إحدى هوانم سوزان ثابت زوجة الرئيس المخلوع، ووزير الإعلام أسامة هيكل، الذي هاجم الثورة على صفحات صحيفة «الوفد» عندما كان رئيساً لتحريرها؟ أسئلة كثيرة لم يجب عنها شرف، ويسود الظن أنه لن يجيب. كل ما فعله الرجل أنه استبعد وزير الاتصالات حازم عبدالعظيم، الذي كان مرشحاً للمنصب من دون مبرّر، فيما أبقى على وزير الخارجية، محمد كامل عمرو، الذي قيل إنه استبعد.
كل هذا الارتباك كان دافعاً إلى إصرار المعتصمين في التحرير وعدد من الميادين، على تجديد الدعوة الى مليونية الحسم اليوم، بعدما رفضت معظم ائتلافات الثورة تغييرات عصام شرف وطالبت برحيله، فيما خرجت التيارات الإسلامية لتعلن «مليونية الاستقلال» بعد قرار تأجيل انتخابات مجلسي الشعب والشورى. لكن هذه التيارات اختلفت في ما بينها. الصوفيون أعلنوا عدم مشاركتهم في المليونية، بينما أعلن السلفيون والجماعة الإسلامية، أنهم يحشدون لمليونية ترفض التأجيل وتطالب بإجراء الانتخابات في موعدها. وظلت جماعة الاخوان المسلمين حتى مساء أمس صامتة في مواجهة الدعوة.
محمد فوزي
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد