صوفيّو مصر يفكرون بحزب لحماية أنفسهم من الإسلاميين
وسط الأزقة الضيقة لحي السيدة زينب في القاهرة يهز نحو مئة رجل رؤوسهم وينشدون بإيقاع واحد اسم الجلالة. وينشد رجل يرتدي جلباباً «نشرتي الخير نشراً» للاحتفال بمولد السيدة فاطمة الزهراء ابنة النبي.
والرجال من أتباع الطريقة العزمية الصوفية، ويقولون إن عاداتهم مهددة من إسلاميين يريدون توسيع نطاق نفوذهم بعد الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك.
والتوتر قديم بين نحو 15 مليون صوفي في البلاد ينتمون لنحو 80 طريقة والسلفيين الذين يعتبرون الممارسات الصوفية بتبجيل الأضرحة بدعة. وقادت الإطاحة بمبارك في شباط الماضي لتخفيف قبضة الدولة على الجماعات الإسلامية التي قمعها مستغلا قانون الطوارئ المفروض منذ عام 1981.
وفي مسعاهم للدفاع عن عاداتهم، التي ترجع لقرون مضت، ربما يتحول بشكل تدريجي ما بدأ ككيان ديني فضفاض الى حركة سياسية. وقال المحلل السياسي نبيل عبد الفتاح إن الصوفيين يمكن أن يشكلوا كتلة انتخابية مهمة إذا وحدوا صفوفهم، مضيفاً إن قوتهم السياسية والتنظيمية اقل من قوتهم العددية.
وقال علاء أبو العزايم، شيخ الطريقة العزايمية، إن مساعي جماعة الإخوان المسلمين والجماعات السلفية للانخراط في العمل السياسي الرسمي تهدد التسامح الديني وتلزم الصوفيين بان ينحوا المنحى نفسه. وأضاف إن السلفيين و«الإخوان» إذا تقلدوا زمام الحكم قد يلغون المشيخة الصوفية، معتبرا انه ينبغي أن يكون هناك حزب للصوفيين لهذا السبب.
وتوجد الأضرحة في القرى والبلدات، وكثير منها داخل مساجد في أنحاء مصر، وهو ما يغضب السلفيين. كما يرفض بعض المحافظين موالد الأولياء التي تتخذ طابعاً احتفالياً ويرتادها غير الصوفيين في مصر. وتعد اوبريت «الليلة الكبيرة» من أشهر الأعمال الثقافية الموسيقية المستوحاة من موالد الأولياء.
وبرزت مخاوف الصوفيين بشأن ما ينتظر عاداتهم في المستقبل في نيسان الماضي، حين هاجم نحو 20 إسلامياً يحملون مناجل ومطارق ضريحاً يزوره صوفيون في القليوبية شمالي القاهرة. وفشل مخططهم بعدما تجمع مواطنون ودافعوا عن المكان الذي ظل مصوناً عبر الأجيال. ونفى سلفيون أن أنصارهم وراء الهجوم وأدانوه، ولكنهم أوضحوا معارضتهم لإقامة الأضرحة. وقال المتحدث باسم الحركة السلفية في الإسكندرية الشيخ عبد المنعم الشحات «لا ترفض الدعوة السلفية التصوف. نحن نرفض التمسح بالقبور والأضرحة والتبرك بها لأنه مصادم للشرع». وأعلن ان السلفيين يؤمنون أن الحجر الأسود الموجود في الكعبة في مكة هو فقط ما يمكن التبرك به.
ويحظر الدستور المصري تشكيل أحزاب على أساس ديني. ولم يمنع ذلك الجماعات السلفية، مثل الجماعة الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين، من تشكيل أحزاب للمنافسة في الانتخابات البرلمانية التي يتوقع أن تجرى في أيلول المقبل. ولم يظهر أي حزب صوفي، ولا يرى أتباع الصوفية جدوى من تشكيل حركة سياسية، لكن «حزب التحرير» الوليد تعهد بالدفاع عن مصالحهم واجتذب معظم أعضائه من الصوفيين. وقال مؤسس الحزب في مصر إبراهيم زهران «ما من شك أن الطوفان (الإسلامي) الآتي يخيفهم».
وأي تحرك سياسي واضح يمثل خروجاً عن مسلك الصوفيين المصريين الذين مالوا للإذعان لإرادة القادة السياسيين منذ القرن الثاني عشر. ويقول الباحث في علم الاجتماع السياسي عمار علي حسن «من السلطان صلاح الدين الأيوبي إلى مبارك كانت الصوفية تستغل من الدولة لتعزيز شرعيتها».
وفي مؤشر على استعداد أكبر لتحدي السلطة نظم شيوخ 13 طريقة صوفية اعتصاماً منذ الأول من أيار للمطالبة بإبعاد الشيخ عبد الهادي القصبي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية الذي عينه مبارك عام 2009. ويقولون إن القصبي خرج عن تقليد تعيين اكبر الشيوخ سناً في المنصب ورفضوا توليه لأنه كان عضواً في «الحزب الوطني الديموقراطي» المنحل.
ويعارض كثيرون من الصوفيين فكرة الدولة الدينية. وانتقد الشيخ جابر قاسم الطموحات السياسية للإخوان وشعارها «الإسلام هو الحل». وقال «إنها مسألة تعبدية. دعوة. كيف إذن يمارسون السياسة؟ هل هذا نفاق؟».
المصدر: رويترز
إضافة تعليق جديد