مصر: الحكومة الجديدة تدشّن المرحلة الانتقالية
دخلت المرحلة الانتقالية لـ«ثورة 25 يناير» المصرية مرحلة جديدة، أمس، بعدما استكمل رئيس الوزراء عصام شرف تعيين وزرائه، الذين أدّوا اليمين الدستورية أمام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي، في وقت ذكرت النيابة العامة المصرية أن مقرات جهاز مباحث أمن الدولة كافة قد أصبحت تحت سيطرة الجيش، مشيرة إلى أنها بدأت إجراءاتها للتحقيق في إتلاف وثائق مهمة من قبل ضباط هذا الجهاز السيئ السمعة في عهد مبارك.
وأدّت الحكومة المصرية الجديدة برئاسة شرف اليمين الدستورية أمام طنطاوي الذي يتولى زمام الأمور في البلاد منذ الإطاحة الرئيس السابق حسني مبارك. وتضمّ الحكومة الجديدة ستة وزراء جدد أسندت إليهم حقائب الخارجية (نبيل العربي)، والداخلية (منصور عيسوي)، والعدل (محمد عبد العزيز الجندي)، والثقافة (عماد أبو غازي)، والقوى العاملة (البرعي أحمد البرعي)، والبترول (عبد الله عبد المنعم).
وبتغيير وزراء الخارجية والداخلية والعدل يكون رئيس الوزراء الجديد، الذي حمله المتظاهرون على الأكتاف يوم الجمعة الماضي في ميدان التحرير باعتباره مرشحهم، والذي أكد أمامهم أنه «يستمد شرعيته منهم»، قد استجاب لمطلب رئيسي من مطالب «شباب ائتلاف الثورة» والقوى السياسية المصرية وهو إبعاد الوزراء القدامى الثلاثة أحمد أبو الغيط ومحمود وجدي وممدوح مرعي، الذين يحمّلونهم العديد من أوزار عهد مبارك، علماً بأن الشخصيات الجديدة تحظى كلها بالاحترام في الأوساط السياسية المصرية ومعروف عنها النزاهة.
وعقب أداء اليمين الدستورية، عقد المشير طنطاوي لقاء مع أعضاء الحكومة، دعاهم فيها إلى «الحفاظ على موارد مصر من مياه النيل وأمن مصر المائي والاهتمام بالتصدي للانفلات الأمني في الشارع المصري ومقاومته، وعودة الشرطة المدنية لممارسة عملها في أسرع وقت ممكن»، حسبما نقلت عنه وكالة «أبناء الشرق الأوسط».
وسيكون ملف مياه النيل على رأس أولويات وزير الخارجية الجديد بعد انضمام بوروندي الأسبوع الماضي لاتفاقية جديدة لتقاسم مياه النيل، ما يفتح الباب لإقرارها، وبالتالي لتجريد مصر من العديد من امتيازاتها في مياه النهر، وأبرزها حق الفيتو في منع إقامة أي مشروع على النهر خارج أراضيها.
وأكد طنطاوي، خلال اللقاء، أن المرحلة الانتقالية ستتم وفقاً للجدول الزمني الذي أعلنه المجلس الأعلى للقوات المسلحة في الإعلان الدستوري الذي أصدره في 13 شباط الماضي بعد يومين من سقوط مبارك. وكان هذا الإعلان الدستوري أشار إلى أن المرحلة الانتقالية ستشهد ثلاث مراحل، تبدأ بإعداد تعديلات دستورية وإجراء استفتاء عليها، ثم إجراء انتخابات تشريعية، وأخيراً الانتخابات الرئاسية.
وتطرق طنطاوي إلى الاستفتاء على التعديلات الدستورية يوم 19 آذار الحالي، حيث طلب من رئيس الوزراء «عقد اجتماعات للمحافظين لإعداد وتأمين إجراءات الاستفتاء، وعرض تعديل القوانين المكملة للدستور في ضوء التعديلات الدستورية على مجلس الوزراء لمراجعتها في صورتها النهائية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ انتخابات مجلس الشعب، ثم الانتخابات الرئاسية خلال المدة التي قررها المجلس الأعلى للقوات المسلحة في الإعلان الدستوري».
من جهته، قال وزير المالية سمير رضوان، الذي احتفظ بحقيبته الوزارية، إن «ثورة 25 يناير» أكسبت مصر تعاطفاً دولياً كبيراً، مشيراً إلى أنّ عدداً كبيراً من المسؤولين الدوليين أبدوا رغبتهم في مساعدة الاقتصاد المصري.
وأشار رضوان إلى أنه طالب الدول الأوروبية بمبادلة الديون المستحقة على مصر بمنح بالجنيه المصري يتم توجيهها إلى صندوق يخصص لإقامة مشروعات تنموية تحتاجها مصر، موضحا أن هناك ترحيباً بذلك، وتتم دراسة هذا الطلب من قبل المسؤولين في الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
- في هذا الوقت، بدأت النيابة العامة تحقيقات في حرق وإتلاف وثائق ورقية وأخرى مخزنة على أجهزة كومبيوتر داخل مقار جهاز مباحث امن الدولة، حيث قررت حبس 47 ضابطاً وشرطياً ينتمون إلى هذا الجهاز لتورطهم في هذه الوقائع.
وقال النائب العام المساعد عادل السعيد إن «النيابة العامة أمرت بحبس 47 من ضباط وجنود الشرطة الذين ثبت من التحقيقات اتصالهم بوقائع حرق مستندات في مقار مباحث أمن الدولة وإتلاف بعض أجهزة الحاسب الآلي فيها»، موضحاً أن «النيابة تواصل تحقيقاتها بسؤال بقية المسؤولين عن ارتكاب تلك الوقائع».
وأكد السعيد أن «مقار مباحث أمن الدولة كافة في جميع أنحاء الجمهورية وما بها من مستندات وأجهزة تحت سيطرة القوات المسلحة حالياً».
وكان متظاهرون قاموا، خلال اليومين الماضيين، في محاصرة مقار جهاز مباحث امن الدولة في القاهرة والإسكندرية ومحافظات أخرى بعدما لاحظ ناشطون أن سيارات جمع قمامة تخرج من بعض هذه المراكز محمّلة بأكياس مليئة بالوثائق التي تمّ فرمها أو حرقها.
ورحّبت الصحف الصادرة أمس بسيطرة القوات المسلحة على مقار جهاز امن الدولة. وكتبت صحيفة «الأهرام» الحكومية في عنوانها الرئيسي الاثنين «سقوط دولة أمن الدولة»، بينما عنونت صحيفة «المصري اليوم» المستقلة «أمن الدولة أصبح في قبضة الجيش»، فيما عنونت صحيفة «اليوم السابع» المستقلة «امن الدولة تحت أحذية الثوار».
-من جهة ثانية، ذكرت صحيفة «اليوم السابع» أن سوزان زوجة الرئيس المخلوع حسني مبارك، ونجلها علاء، سيمثلان أمام جهات قضائية، خلال الأيام المقبلة، للتحقيق في البلاغ المقدم من رئيس تحرير جريدة «الأسبوع» مصطفى بكري للنائب العام المستشار عبد المجيد محمود، والذي يتهمها بالحصول على أموال مكتبة الإسكندرية بشكل مخالف للقانون، بالإضافة إلى العديد من البلاغات الأخرى.
وبحسب «اليوم السابع»، فإن التحقيق سيجري أمام فريق من المحققين التابعين للمكتب الفني للنائب العام، بالإضافة إلى جهاز إدارة الكسب غير المشروع، حول تضخم ثروات سوزان وعلاء مبارك، بعدما أمر رئيس الجهاز المستشار عاصم الجوهري بتكليف الأجهزة الرقابية المختلفة بإجراء تحرياتها لمعرفة ما إذا كانت هناك أرصدة مصرفية أخرى لأسرة الرئيس المخلوع في «البنك الأهلي المصري» أو غيره من المصارف المحلية والأجنبية.
من جهة ثانية، أعلن عدد من الأقباط في مدينة الإسكندرية من مفكرين ورجال أعمال ومحامين وشباب، عن تدشين ائتلاف سياسي أطلقوا عليه «الائتلاف الوطني الحر» تحت شعار «شعب واحد وطن واحد مصير واحد». وقال منسق الائتلاف جوزف ملاك إن فكرته تقوم على عبارة «كلنا أقباط»، أما هدفه فهو الخروج من العباءة السياسية للكنيسة، بالإضافة للاندماج داخل المجتمع المدني.
وأضاف أنه تقرّر تحويل هذا الائتلاف إلى حزب سياسي مدني يرأسه مسلم، وتكون دعامته الأساسية إقامة دولة مدنية قائمة على الحرية والمساواة، على أن يكون نهج الحزب قائماً على أهداف ثورة 25 يناير، مشيراً إلى أن من المبادئ الأساسية للحزب الوليد هو فصل الدين عن السياسة، وليس عن الدولة.
وكشف أن أعضاء الحزب ناقشوا وضع المادة 2 من الدستور، وانتهى التصويت إلى العمل على إبقاء تلك المادة وعدم المساس بها، مع إضافة عبارة هي «على أن تطبق ما نصت عليه الشرائع لغير المسلمين، ولا يتعارض معها».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد