ضريبة البنزين تفتح شهية جمع العمولات

تسجل مديرية نقل دمشق وترسم يومياً مابين 200- 2200 سيارة وذلك على ذمة المهندس حكمت خليل رئيس قسم الحسابات في المديرية ويتولى معقبو المعاملات حوالي 50 بالمئة من العدد الاجمالي للمعاملات التي تجري في المديرية يومياً، مستفيدين من رغبة أصحاب ومالكي السيارات بالابتعاد عن الازدحام والفوضى التي تعم نوافذ الموظفين.
والأهم من كل هذا الكلام، ما كشف عنه أغلب المعقبين لـ «البعث» عن تعرفة ثابتة قدرها 500 ليرة تدفع لموظفين معينين لتخليص إجراءات معاملة السيارة الواحدة، وبذلك وحسب تقديراتنا فإن حجم الرشاوى تصل الى نصف مليون ليرة يومياً تدفع من جيوب بعض ضعاف النفوس في الإدارة.
المال مقابل الراحة
أحد معقبي المعاملات وهو حاصل على إجازة في القانون استهجن الأجور الزهيدة التي يتقاضاها جراء تقديم الخدمة التي لاتتجاوز 250 ليرة، مشيراً الى أن ترسيم سيارة استطاعة 14 حصاناً يبلغ 9700 ليرة وبطاقة جديدة 670 ليرة و 500 ليرة تدفع لأحد موظفي الإدارة- من دون أن يذكر اسماً.
وتابع معقب آخر قائلاً: إن صاحب السيارة يدفع 12 ألف إذا أراد النجاة من غمار الصراع ونيل راحته ومن يرغب بالتوفير على حساب الوقت يدفع 10.370 آلاف ليرة، لافتاً الى أن محسوبيات الفاسدين في تسجيل سيارته الجديدة مع إجراء عملية الفراغ ترتفع عن عمولات الترسيم السنوي لتصل الى ألف ليرة- يعني لكل معاملة عمولة- حسب تصريحات المعقبين طبعاً- مبيناً أن أجر الخدمة يصل الى ألف ليرة أيضاً ويبلغ إجمالي ما يسدده صاحب السيارة الجديدة 21 ألف ليرة منها 17.300 ألف ليرة للإدارة و700 ليرة طوابع.
دفاع رفعاً للعتب
وبدوره نفى علي شحادة معاون مدير نقل دمشق ما أثير من تصريحات حول حجم الفساد في إدارات ترخيص وتسجيل المركبات، موضحاً أن كل رئيس شعبة مسؤول وبصفة مراقب على كافة موظفيه، وأي خلل في نظام التعامل يحاسب عليه بعقوبات تصل الى الفصل من العمل، مذكراً بإنهاء الحكومة لعمل خمسة موظفين من نقل دمشق في العام الماضي لأسباب تتعلق بالنزاهة.
وفي الوقت نفسه، لم ينف شحادة وجود بعض التجاوزات غير الواضحة في سير العمل والمخلّة لأخلاقيات العمل -كما قال- مبرراً صعوبة ضبط المخالفات بالكم الهائل للمعاملات يومياً، التي وصلت الى 45.815 ألف عملية تسجيل سيارة حديثة و 327.152 ألف ترسيم وترخيص خلال العام الفائت حسب بيانات النقل- معتقداً أن تطبيق مشروع قرار زيادة تسعيرة لتر البنزين ما بين 4-5 ليرات إجراء سيخفف من الازدحام بمعدل 70٪ بحيث يصعب على أي موظف اتباع الطرق الملتوية للفساد لأنها ستكشف بسهولة.
الدخل والنزاهة
وفي السياق ذاته، يشير حكمت خليل رئيس قسم الحسابات الى بلوغ حجم الرسوم بنقل دمشق على تسجيل وترخيص السيارات نحو 13 مليار ليرة في العام الماضي، وهذا مؤشر آخر على كم العمولات ونسبة الحوافز الجيدة التي يتقاضها موظفو النقل والتي تفرض النزاهة وسلوكيات تتصف بالمرونة والتعامل اللبق مع المتعاملين.
والخطيئة الكبرى ما يرتكبه بعض الموظفين الصغار في إدارة النقل الذين تركوا عملهم وأصبحوا مسيرين معاملات ومنافسين أشداء للسماسرة -حسب تصريحات عدد لابأس به من المعقبين- مشيرين الى أحدهم خارج مبنى الإدارة بموقع تصيد لأحد الزبائن مظهرين غبنهم وانزعاجهم من قطع هؤلاء الموظفين لأرزاقهم، لأن المعاملة بين أيديهم تتم في أقصر وقت وفي أقل كلفة من معقبي المعاملات خارج المبنى -كما يقول أحد السماسرة- ولم ينكر الكثير من المسؤولين الحكوميين في تصريحات لوسائل الإعلام الغاية الرئيسية من مشروع قرار استبدال الرسوم المفروضة على السيارات بمبلغ معين يضاف على سعر اللتر الواحد من البنزين، وهي محاولة لتقليل الفساد في مديريات النقل، ونشير في هذا المجال الى أن نحو 60-70٪ من المعاملات في مديريات النقل هي فقط للترسيم السنوي للسيارات العاملة على البنزين -حسب بيانات وزارة النقل- .
باتجاه الحسم
وما أشار إليه شحادة معاون مدير عام نقل دمشق عن رقابة رؤساء الشعب للموظفين كلام غير مقنع، وكان من الأنسب بعد كل ما قيل ويقال من تفشي الفساد في إدارات النقل، أن تكلف جهة خارجية بعيدة عن وزارة النقل، مختصة بالمراقبة والمحاسبة تراقب تحركات الموظفين وتحقق مع كل من يشتبه به، وإن ثبت عليه الجرم تحيله للقضاء لينال جزاءه العادل.
 
 

سامر حلاس

المصدر: البعث