المعهد الكاثوليكي في باريس يستعد لتخريج 30 إماماً بينهم نساء

21-01-2010

المعهد الكاثوليكي في باريس يستعد لتخريج 30 إماماً بينهم نساء

يعد المعهد الكاثوليكي في باريس هذه العام، لتخريج دفعة جديدة من الأئمة الذين يتولى إعدادهم بحيث يكونوا على انسجام مع بيئتهم الفرنسية فيجمعوا بين المعرفة الدينية والإلمام بالثقافة العامة في فرنسا وتاريخ قيمها الجمهورية ومؤسساتها المختلفة وقوانينها.

وتضم هذه الدفعة، الثالثة التي يخرجها المعهد، 30 طالباً من جنسيات مختلفة، تركية وعراقية وشمال أفريقية ومن بينهم 4 نساء، بعد تلقيهم تأهيلاً يستمر من كانون الثاني (يناير) الجاري الى حزيران (يونيو) المقبل، بواقع 400 ساعة دراسية.

وكان قرار إعداد الأئمة شهد ولادة عسيرة على رغم الحاجة الملحة التي برزت لاستكمال التعليم الديني الذي يتلقونه في المؤسسات والمعاهد الدينية، بالمعرفة اللازمة بالقيم والنظم والقوانين التي تحكم المجتمع الفرنسي.

وعلى رغم أن مثل هذا الإعداد بدا «الصيغة الأمثل» لتخريج جيل جديد من الأئمة والحؤول دون تهميش الإسلام الذي يشكل الديانة الثانية في فرنسا بعد الكاثوليكية، امتنعت الجامعات الرسمية مثل «السوربون» وغيرها عن خوض هذا المعترك.

وتم تبرير هذا الموقف بكون الجامعات الرسمية مؤسسات علمانية لا يمكن أن تكون معنية بإعداد وتخريج رجال دين.

وأتت المفاجأة من المعهد الكاثوليكي، وهو جامعة خاصة، الذي وافق على رعاية عملية إعداد الأئمة الراغبين والمقتنعين بأن لا مجال للفصل بين قيمهم الدينية وقيم مجتمعهم الغربي.

وقال المسؤول عن إعداد الأئمة في المعهد الكاثوليكي اوليفييه بوبينو المختص في سوسيولوجيا الأديان لـ «الحياة» إن قرار إعداد الأئمة من جانب المعهد، أثار نوعاً من الصدمة العامة في أوساط عدة.

وأضاف أن الكاثوليك المحافظين الذين يقدمون تبرعات الى المعهد، اعتبروا انه أجدر به إعداد الكهنة وليس الأئمة، ما أدى الى قدر من الخسائر المادية التي رفض التكهن بحجمها، وإلى حملة تشهير شخصية به لموافقته على تولي هذه المهمة.

وكذلك فإن المنظمات والهيئات الإسلامية اعترضت بداية على تولي المعهد إعداد الأئمة بدلاً من الجامعات الرسمية، لكن بوبينو لفت الى انهم غيروا رأيهم لاحقاً، وأن العلمانيين من جهتهم اعترضوا على تقديم تمويل عام لمعهد كاثوليكي، فكلفة الدورة الإعدادية لمدة سنة تقدر بحوالى 3 آلاف يورو تُسدد وزارة الاندماج والهجرة والهوية الوطنية 70 في المئة منها ويتولى المعهد الجزء المتبقي من التكاليف.

ولكنه أكد تجاوز الصعوبات المختلفة، مشيراً الى أن الأمور تسير في شكل طبيعي، خصوصاً بالنظر الى الأساتذة الذين قال بوبينو أنهم من نوعية استثنائية ويمتلكون المقدرات الضرورية لمثل هذا الإعداد البالغ الدقة.

وتتوزع المواد الدراسية على أربعة محاور أحدها محور الثقافة العامة والمحور القانوني ومحور الثقافة الدينية وأخيراً محور التداخل الثقافي، ويحتوي كل منها على مواضيع متعددة.

وينهي الطلاب سنتهم الدراسية، بصوغ بحث يختار موضوعه كل منهم، ويتم نشر البحث الأفضل وتوزيعه على أوسع نطاق.

وعن كيفية اختبار الطلاب، ذكر بوبينو انه يتم عبر الحركات والمؤسسات الإسلامية التركية والمغربية ومسجد باريس وغيرها، وأن الطلبات المستقلة مرحب بها أيضاً والشرط الوحيد هو أن يكون الطالب حائز شهادة بكالوريا زائداً سنة جامعية.

وأكد انه عبر الدورتين اللتين جربهما المعهد في السنتين الماضيتين، لمس تأثير ما يتلقاه الطلاب من تعليم خصوصاً لجهة علاقة الدين بالقانون وبالجمهورية، وهذا ما عكسه اختيارهم للمواضيع التي اعتمدوها لصوغ أبحاثهم.

- وعلى رغم الحديث الشائع عن «صدام الحضارات»، فإن بوبينو وصف نهج إعداد الأئمة بأنه «صدمة مضادة لصدام الحضارات، كونه يتمثل بإعداد كوادر مسلمة في معهد كاثوليكي لمصلحة الجمهورية».

واقر بأن ما يقوم به محدود جداً مقارنة باحتياجات فرنسا الى حوالى ألفي إمام والعديد من المرشدين ليعملوا في الجيش والمستشفيات والمدارس والسجون، لكنه أشار الى أن إمكانات المعهد لا تسمح له بالقيام بالمزيد.

ورأى بوبينو أن الإسلام في فرنسا يعاني من افتقاره ليس الى المثقفين التقليديين، بل الى المثقفين الذين يمتلكون شرعية التحدث باسمه انطلاقاً من شرعيتهم بين أبناء دينهم، وذلك بخلاف الأديان الأخرى مثل المسيحية واليهودية.

وقال انه يطمح الى إعداد بعض من هؤلاء المثقفين نظراً الى أهمية دورهم وتأثيرهم، علماً بأنه «عمل بطيء ودؤوب وطويل المدى ولن يغير واقع المسلمين في فرنسا بين ليلة وضحاها».

آرليت خوري

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...