باراك يوقف التعاون مع مدرسة تلمودية
أمر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، بوقف التعاون بين الجيش والمدرسة الدينية «هار براخا» برئاسة الحاخام أليعيزر ميلاميد. وهو ما يشكل ذروة الصدام بين الجيش والقوة الدينية الصاعدة حول الجهة صاحبة القرار في توجيه الجنود: الضباط أم الحاخامات. ورغم أن قرارا كهذا هو الأول من نوعه منذ أكثر من أربعين عاما، حينما تم ترتيب العلاقة بين الجيش والمتدينيين في نطاق ما سمي بمدارس التسوية، فإنه يتسم بالأهمية البالغة عند مراقبة عواقبه على الائتلاف الحكومي الحالي.
وكانت مدارس التسوية قد أنشئت قبل أربعة وأربعين عاما في نطاق البحث عن سبل فرض الخــدمة العسكرية على المتدينين المؤمنين بأن الخدمة في الجيش تصرفهم عن عبادة الله. وتم الاتفاق على أنه بدلا من الخدمة الإلزامية لثلاثة أعوام، كما هو سار على كل الشباب، يمكن للجنود أن يدرسوا خمسة أعوام في المدرسة الدينية يؤدون خلالها بعض واجباتهم العسكرية.
وتتلقى مدارس التسوية ميزانية حكومية من ميزانية وزارة التعليم ومخصصا سنويا خاصا من وزارة الدفاع. مخصص وزارة الدفاع يعطى «بحسب الرأس»، على كل جندي يتعلم في المدرسة في اطار الخدمة من دون رسوم، بمعنى أنه لا يكون موجودا في الخدمة النشطة في الجيش. وفي السنة الماضية، كان المخصص السنوي لوزارة الدفاع لكل المدارس الدينية الداخلة في التسوية 24 مليون شيكل.
وطفت المشكلة على السطح قبل بضعة أعوام، أثناء تنفيذ خطة الفصل عن قطاع غزة، حينما أصدر عدد من الحاخامات فتاوى تؤيد رفض تنفيذ الأوامر العسكرية إذا كان فيها ما يتضمن إخلاء مستوطنات. وتم استيعاب المسألة، لكنها تفاقمت في الأشهر الأخيرة في لواءين يخدمان في الضفة الغربية ويمثل طلاب المدارس الدينية جزءاً لا يستهان منهما. وعبر هؤلاء عن اعتراضهم على إخلاء مستوطنات بطرق عديدة دفعت قادة الجيش للتشديد على وجوب القضاء على هذه الظاهرة. غير أنه بدلا من أن تتراجع الأمور تزايدت وصار الحاخامات بشكل متعاظم يفصحون عن رأيهم ضد إخلاء المستوطنات. وبرز على وجه الخصوص رئيسا المدرستين الدينيتين في مستوطني هار براخا وألون موريه.
وأوصى رئيس الأركان وعدد من الجنرالات بوجوب تهديد المدارس الدينية هذه بقطع العلاقة معها إذا لم توقف حملات تشجيع رفض تنفيذ الأوامر العسكرية. غير أن الحاخامات صعدوا مواقفهم ضد الجيش، بل إن المدارس الدينية التي لم تؤيد رفض تنفيذ الأوامر العسكرية تضامنت مع المدارس المؤيدة. وهكذا نشأ وضع اضطر وزير الدفاع إلى استدعاء الحاخام أليعيزر ميلاميد للتباحث معه. لكن الحاخام رفض الذهاب لباراك فقرر الأخير إلغاء التسوية مع هذه المدرسة. وقال ميلاميد ان باراك يستخدم ضده فرية دم وأنه لن يخضع له، فيما شــدد المـقربون منه على أنه لا يعمل عند باراك.
صحيح أن بنيامين نتنياهو أعلن وقوفه خلف قرار باراك، لكنه طالب الجانبين، في بيان رسمي، بالجلوس معاً والتفاهم. ويعرف نتنياهو أن القوى الدينية شمرت عن ساعديها للمواجهة مع باراك، خاصة أنها تشعر بقوة اليمين في الحكومة والساحة السياسية عموما. وأثار قرار باراك غضب القوى اليمينية التي تبحث الآن في سبل الرد على القرار عبر المطالبة بتأجيل الخدمة العسكرية في المدارس الدينية. ويأمل هؤلاء في تلقين قيادة الجيش درسا بأنها سوف تخسر من المواجهة مع القوى الدينية. ورد متخرجو المدارس الدينية العسكرية برسالة بعثوا بها لرئيس الأركان أعلنوا فيها أنهم سيواصلون دروسهم الدينية ولن يؤدوا الخدمة العسكرية الاحتياطية.
وقال شمعون بيريز في خطاب أمــام الجنود، يوم أمس، إنه «مسموح في إسرائيل الانشــقاق سياسيا لكنه محظور التشرذم عسكريا». وفي نظره «على الجيـش الإسرائيـلي أن يواــصل كونه مدرسة للوحدة الوطــنية». لــكنه شدد على أن «جيشا من دون ترتبية قيادية واضحة وحازمة لا يمكن أن ينتصر في الحرب».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد