صندوق النقد يُصلح نفسه لـ«ازدهار العالم»
ضاعفت مجموعة الدول العشرين الكبرى في قمّتها التي عقدتها في لندن في نيسان الماضي الموارد المخصّصة لصندوق النقد الدولي لتبلغ 500 مليار دولار. وأقرّت زيادة حجم حقوق السحب الخاصّة بواقع 250 مليار دولار لتسهيل عمليّات الإقراض، ومنحت الصندوق حقّ إصدار السندات لتوفير السيولة. تلك الإجراءات وفّرت لهذه المؤسّسة الدوليّة التي نشأت على أنقاض الحرب العالميّة الثانيّة زخماً مادياً ومعنوياً في ظلّ أزمة اقتصاديّة هي الأعنف منذ نهاية تلك الحرب. فالصندوق يتوقّع الآن انكماش الاقتصاد الكوني بنسبة 1.3 في المئة خلال العام الجاري، على أن يعود النموّ في العام المقبل بنسبة 1.9 في المئة. في الوقت الذي تعاني فيه بلدان عديدة من نقص السيولة بسبب ضغوط أسواق الائتمان.
الصندوق الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، حدّد خطّة عمل شاملة تهدف إلى تعزيز الإجراءات في حلّ أزمة الاقتصاد العالمي التي تهدّد تداعياتها بالتحوّل إلى اجتماعيّة، وحتّى إلى سياسيّة. وفي هذا السياق قال مدير الصندوق، دومينيك شتراوس ـــــ كان، في اجتماع المجلس التنفيذي لمناقشة برنامج عمل المؤسّسة: «أسهم الصندوق بدور محوري في مساعدة البلدان على التواؤم مع الأزمة الماليّة والاقتصاديّة، ونحن على استعداد لمواصلة تلك الجهود». وأضاف: «نتحرّك بسرعة لطرح أهمّ أولويّاتنا» في الاجتماعات السنويّة المقرّرة أن تعقد في تشرين الأوّل المقبل في مدينة إستانبول بهدف «مساعدة البلدان على العودة إلى مسار الازدهار الدائم والاستقرار المالي».
ووفقاً لما يورده على موقعه الإلكتروني، يقول الصندوق إنّه سيعمل على تقوية شبكة الأمان المالي عبر اتخاذ خطوات لإضافة المزيد من الموارد الجديدة وتعزيز طاقته الحاليّة على الإقراض بشروط ميسّرة وتطويع أدوات الإقراض المتوافرة لتلبية احتياجات البلدان ذات الدخل المنخفض.
فهناك حاجة إلى التوسّع في «الترتيبات الجديدة للاقتراض» ولزيادة مرونتها عبر نقاش مع الدول الأعضاء. وهذه المسألة يجب أن تجري بالتماهي مع ترجمة التعهّدات الدوليّة التي أُعلنت أخيراً، وبتحويلها إلى اتفاقيّات قروض ثنائيّة تُعرَض بأسرع وقت ممكن على المجلس التنفيذي لبتّها.
كذلك يجب إتمام مناقشة الوثائق المطلوبة لإجازة أوّل إصدار سندات من الصندوق لبلدانه الأعضاء أو لمصارفها المركزيّة، ما سيؤدّي إلى تعزيز طاقة الإقراض. تعزيز ستوفره أيضاً «الشروط الميسّرة» التي سيدرسها المجلس التنفيذي في نهاية تمّوز المقبل حين تجري عملية توزيع حقوق السحب الخاصّة على البلدان بقيمة 250 مليار دولار.
يقول صندوق النقد الدولي إنّ من أهّم ما تحقّق أخيراً هو مضاعفة حدود استخدام موارده لأغراض الإقراض الميسّر للبلدان المنخفضة الدخل. وخلال الأسابيع المقبلة، سينظر المجلس التنفيذي في خيارات التمويل المتعلّقة بهذه المسألة. وهنا يشدّد الصندوق على أنّ المزيد من الإصلاح لإطار القروض سيساعده على حماية الإنجازات التي تحقّقت حتّى الآن على صعيد مواجهة الفقر، وضمان ألّا تؤثّر عليها تداعيات الأزمة الاقتصاديّة العالميّة.
وإلى هذه العناوين يشير الصندوق إلى أهميّة المتابعة والمشورة في شأن السياسات، ويقول إنّ الفرصة ستتاح للمجلس التنفيذي ليستعرض التجارب المبكرة للصندوق على صعيد المشاركة في البرامج المرتبطة بالأزمة. ومن المقرّر أن تتضمّن التقارير المستقبليّة للصندوق دراسة لمسار الاقتصاد العالمي والنظام المالي صوب الخروج من الأزمة.
كذلك يتحدّث الصندوق عن مواصلة جهوده تلبية لدعوة تعزيز فعاليّة الرقابة واستقلاليّتها. ويقول إنّه يعمل على تنفيذ عمليّة للإنذار المبكر (Early Warning Exercise) بالتعاون مع مجلس الاستقرار المالي، تهدف إلى تقدير مصادر التعرّض للصدمات غير المتوقّعة وتحديد ارتباطها بالمخاطر النظاميّة. وسيقوم المجلس التنفيذي بتحديد الخطوات التي تحقّقت حتّى الآن ومناقشة الخطوات التالية قبل إطلاق عمليّة الإنذار المبكر أثناء الاجتماعات السنويّة في إستانبول.
واللافت هو أنّ المجلس سيدرس أيضاً إدخال تحسينات على «برنامج تقويم القطاع المالي» لكي تزداد مرونته وترتفع دقّة الهدف واندماج الصندوق في النشاطات الرقابيّة.
وفي هذا الصدد أيضاً يقول الصندوق إنّ برنامج عمله سيعالج أيضاً ضرورة تعزيز الإصلاح التنظيمي لمجاراة الابتكارات المستحدثة في النظام المالي العالمي. فيما لا يزال التقدّم جارياً في إصلاح نظام الحوكمة لتمكين الصندوق من تعزيز شرعيّته ورفع فعاليّته في استيفاء المسؤوليّات المنوطة به.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد