روسيا تنسحب اليوم ... وجورجيا تطلب الحماية
نجحت الوساطة الفرنسية في احتواء الصراع بين موسكو وتبليسي، حيث أعلن الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف، أمس، أن قواته ستبدأ اليوم انسحابها من جورجيا، تنفيذاً لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين، والذي يمنح موسكو الحق في التوغل كيلومترات قريباً من أوسيتيا الجنوبية.
وتزامن إعلان ميدفيديف مع وصول المستشارة الالمانية انغيلا ميركل إلى تبليسي، حيث اكدت أن جورجيا »ستكون عضوا في حلف شمال الأطلسي«، في وقت واصلت واشنطن التصعيد ضد موسكو، متوعدة إياها بأنها »ستدفع الثمن« على خلفية الصراع في القوقاز.
وأعلن الكرملين أن ميدفيديف ابلغ نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي، في اتصال هاتفي، أن روسيا »ستباشر ابتداء من الغد (اليوم) سحب قواتها العسكرية التي كانت أرسلتها لتعزيز قوات حفظ السلام الروسية اثر الاعتداء الجورجي على أوسيتيا الجنوبية«، وهو ما أكده بيان لقصر الإليزيه، ذكر أيضاً أنّ ساركوزي حذر ميدفيديف من »التداعيات الخطيرة لعدم تطبيق اتفاق السلام بشكل سريع وكامل، على علاقات روسيا بالاتحاد الاوروبي«.
وكان ساكاشفيلي وميدفيديف قد وقعاً تباعاً على اتفاق لوقف إطلاق النار تضمن ستة مبادئ تعهد فيها الطرفان بعدم اللجوء إلى القوة، ووقف جميع الأعمال العسكرية، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية، وعودة القوات الجورجية المسلحة إلى قواعدها، وانسحاب القوات الروسية إلى مواقعها التي كانت فيها قبل بدء المعارك، وإطلاق محادثات دولية حول مستقبل أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا.
لكن مكتب ساركوزي تحدث عن إجراءات أمنية إضافية تتضمن حق روسيا في التوغل كيلومترات داخل جورجيا، شرط أن يقتصر الأمـر على الجـوار المباشـر لأوسـيتيا الجنوبية.
من جهته، أقرّ وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير بأن »وقف إطلاق النار هش« في جورجيا، آملا إرسال قوة دولية لحفظ السلام »في أسرع وقت«.
وفي السياق قال قائد منطقة غوري الجورجية في الجيش الروسي الجنرال فياتشيسلاف بوريسوف إن »قوات حفظ السلام الروسية وصلت، والقوات الروسية تنسحب تدريجيا«، من دون أن يوضح ما إذا كانت هذه التحركات تشمل كافة أنحاء جورجيا.
لكن الأمين العام لمجلس الأمن الجورجي الكسندر لومايا اتهم القوات الروسية بمواصلة تعزيز مواقعها في جورجيا بعيداً عن أوسيتيا الجنوبية الانفصالية، رغم وقف إطلاق النار.
وحذرت وزارة الدفاع الروسية من أن جورجيا تخطط »لعمل استفزازي كبير« في غوري، مشيرة إلى أن تبليسي تقوم بتشكيل عصابات من »المرتزقة« من بينهم جورجيون واوكرانيون وشيشانيون سيرتدون الزي العسكري الروسي، ويستعدون للقيام بأعمال، وهو ما نفته وزارة الداخلية الجورجية بشدة.
من جهة ثانية، أعلنت وزارة الخارجية الجورجية أن متمردين ابخازا تدعمهم القوات الروسية سيطروا على ١٣ قرية جورجية ومحيط مصنع لإنتاج الكهرباء على مقربة من جمهورية ابخازيا.
وما زالت قوات روسية تسيطر على ثلاث مدن في جورجيا أهمها غوري الاستراتيجية، وتحتفظ بمواقع على طريق رئيسي يربط هذه المدينة بالعاصمة الجورجية، أحدها على بعد ٣٠ كيلومترا فقط من تبليسي.
- إلى ذلك، أعلنت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل، بعد محادثات أجرتها مع ساكاشفيلي في تبليسي، أن جورجيا »ستصبح عضوا في الحلف الأطلسي إذا أرادت ذلك، وهي بالفعل تريد ذلك«.
وكشفت ميركل عن وجود مباحثات تجري مع جورجيا من خلال ألمانيا، وأخرى مع روسيا عبر ساركوزي من أجل تمركز قوات حفظ سلام تابعة للاتحاد الأوروبي في أوسيتيا الجنوبية، مشيرة الى احتمال مشاركة ألمانيا في هذه القوة.
أمّا ساكاشفيلي فأكد أن بلاده لا تعترف »بأية قوة سلام روسية«، مشيراً إلى أنّ القوات الروسية في جورجيا تعد »بحوالى الفي دبابة« ومهمتها »تدمير البنى التحتية الاقتصادية« للبلاد.
وكانت ميركل اعتبرت خلال لقائها ميدفيديف الجمعة الماضي، في سوتشي جنوبي روسيا، أن الرد الروسي على جورجيا كان »غير متكافئ«، مشيرة إلى أنّ سلامة ووحدة أراضي جورجيا يجب ان تشكلا »نقطة اساسية« في اي خطة سلام في القوقاز.
في المقابل، أكد ميدفيديف أن بلاده ستعاود الرد بالطريقة نفسها كما فعلت في اوسيتيا الجنوبية اذا تعرض مواطنوها الروس مجددا لأي اعتداء، معتبراً أنّ »نشر تجهيزات صاروخية دفاعية جديدة في أوروبا موجه ضد روسيا الاتحادية«.
- من جهتها، اعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس أن روسيا لا تفي بالالتزامات التي تعهدت بها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، خصوصا لجهة سحب قواتها على الفور من جورجيا.
وقالت رايس، في مقابلة مع شبكة »فوكس نيوز«، إنّ روسيا »ستدفع ثمن« عملياتها العسكرية في جورجيا، مشيرة إلى أنّ موسكو »قضت« على سمعتها بسبب طريقة تعاطيها مع هذه الأزمة.
أمّا وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس فاعتبر في لقاء مع محطة »أيه بي سي« أنّ »العالم بأسره يرى روسيا من منظار مختلف الآن«، لافتاً إلى أنّ الروس »لم يدركوا بعد الحجم الحقيقي لتبعات« النزاع.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد