نقص الأعلاف وغلاء الأدوية يهدد الثروة الحيوانية بدرعا
منذ ثلاث سنوات ونحن نلاحظ ارتفاعا متدرجا وغير مسبوق بأسعار المواد العلفية في أسواق درعا, بحيث أصبح من المتعذر على مربي الثروة الحيوانية بالمحافظة تأمين كامل احتياجات قطعانهم وماشيتهم من الأعلاف الجاهزة, فالشعير تضاعف سعره خلال المدة المذكورة أربع مرات على الأقل ووصل حاليا إلى 27 ل.س لكل كغ واحد, والتبن الأبيض ب8 ليرات والتبن الأحمر بنحو 20 ل.س ولم يقتصر غلاء الأسعار على المواد العلفية لدى القطاع الخاص, بل انسحب على المواد التي تستجرها المؤسسة العامة للاعلاف. حيث يبلغ سعر طن النخالة الذي توزعه المؤسسة على المربين بالمحافظة 5 آلاف ل.س وسعر الطن الواحد من جاهز حلوب 10 آلاف ل.س والكسبة 7500 ل.س, ولم تقتصر معاناة مربي الثروة الحيوانية بدرعا على غلاء المواد العلفية بل تشمل المعاناة عدم توفر حاجة ماشيتهم منها, ونقص المقنن العلفي الذي توزعه الدولة, فالكميات التي يقدمها فرع المؤسسة بالمحافظة للمربين قليلة جدا ولا تسد جزءا يسيرا من غذاء الأغنام والابقار بدرعا, وتفيد المعلومات التي حصلنا عليها من فرع مؤسسة الأعلاف بالمحافظة بأن متوسط مخصصات الرأس الواحد من الأغنام في الدورة الواحدة التي تقدر مدتها بشهرين تتألف من 5 كغ نخالة, وكغ واحد من الكسبة, كما أن مخصصات رأس البقر الواحد من مقنن جاهز حلوب في الدورة الواحدة هي 60 كيلو غراما وهذه الكميات لاتعادل ربع الحاجة الفعلية للرأس الواحد.
وقد ترافقت أزمة نقص الأعلاف الجاهزة وارتفاع أسعارها بالمحافظة خلال السنوات الأخيرة مع مشكلة انحسار رقعة المراعي والجفاف الذي ساد المنطقة وما نتج عنه من نقص بالاعلاف الخضراء إذ جرت في الفترة المذكورة فلاحات واسعة للأراضي التي كانت ترعى فيها الماشية بلغت مساحتها أكثر من 140 ألف هكتار من المناطق الوعرة والهضابية التي كانت تشكل الجزء الأكبر من الواحات والمراعي التي كانت تعيش عليها الثروة الحيوانية بالمحافظة وقد انعكست مشكلات الأعلاف بنوعيها الخضراء الجاهرة بدرعا سلبا على الوضع المعيشي والصحي للثروة الحيوانية وعلى إنتاجها من الحليب واللحم وعلى أعدادها أيضا حيث تشير إحصاءات اتحاد فلاحي درعا إلى أن عدد رؤوس الأغنام لايزيد حاليا عن 400 ألف رأس وعدد الأبقار 35 ألف رأس فقط, في حين بلغت هذه الاعداد قبل سبع سنوات نحو 445 ألف رأس من الأغنام و48 ألف رأس من الأبقار كما تراجع إنتاج هذه الثروة من مادة الحليب في العام الماضي إلى 55 ألف طن في الوقت الذي وصل فيه إنتاجها من الحليب عام 2003 إلى أكثر من 75 ألف طن. وفي الواقع.. فإن هذه التحديات التي تواجه الثروة الحيوانية بالمحافظة قد دفعت بعض المربين للتخلي عن أعداد كبيرة من ماشيتهم وبيعها في الأسواق بأبخس الأثمان ما أدى بالنتيجة إلى خسارة المربين وتدهور الثروة الحيوانية بالمحافظة. إذ يباع الخاروف و أمه حاليا بنحو 3 آلاف ل.س في حين أن سعرهما الفعلي لايقل 6 آلاف ليرة, ومن العوامل الأخرى التي تربك المربين وتضر بالثروة الحيوانية وتؤدي إلى نفوق اعداد كبيرة منها بالمحافظة ارتفاع أسعار الأدوية البيطرية, ففي حين يحصل المربي على أدوية المضادات الحيوية والسروب مجانا من أقسام ومصالح البيطرة أصبح الآن لايحصل عليها إلا من الصيدليات البيطرية الخاصة وبأسعار باهظة جدا وقد أفادنا الدكتور جهاد أبو نبوت رئيس دائرة الادوية في قسم الثروة الحيوانية بدرعا بأن أسعار بعض الأدوية الحيوانية قد ارتفعت بشكل ملحوظ في الأسواق, فمثلا سعر الليتر من تيمازول وهو مضاد للطفيليات الداخلية ب 160 ل.س وثمن ليتر السروب بنحو 500 ل.س وسعر عبوة البنسلين وهي مضاد حيوي يعطى للأبقار غالبا يبلغ 200 ل.س وقد أثر الارتفاع على أسعار الأدوية البيطرية سلبا على رغبة المربين في إقتناء قطعان الأغنام والأبقار, فالمربي الذي كان يملك 5 رؤوس من الأبقار اكتفى حاليا بتربية رأس أو اثنين.
وفي ضوء ما أشرنا إليه من معلومات تتعلق بواقع الثروة الحيوانية والمشكلات التي تواجهها في محافظة درعا, فإننا نؤكد على ضرورة تأمين حاجة الثروة الحيوانية من المقنن العلفي والأدوية بأسعار معقولة, بغية الحفاظ عليها, وزيادة أعدادها كونها تشكل جزءا مهما من دخلنا الوطني وأمننا الغذائي وكذلك من أجل الحد من ارتفاع أسعارها وقطع الطريق على أصحاب محال بيع اللحوم الذين يرفعون أسعارها بين فترة وأخرى بحجة تزايد تكاليف تربيتها.
سلامة دحدل
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد