استئصال جماعي بسبب الجينات

لا يمتلك مايك سلابو ولا أي من أبناء وبنات عمومته العشرة معدات، بعد أن شاهدوا بعجز، خلال سنوات نشأتهم، كيف قتل سرطان معدة وراثي نادر، جدتهم وبعضاً من أهلهم، وأعمامهم وأخوالهم.

ولإصرارهم على التغلب على السرطان، لجأ 11 فرداً من أفراد العائلة (من أبناء وبنات العمومة) إلى الفحص الجيني، ولدى معرفتهم بأنهم ورثوا جينة جدتهم، غولدا برادفيلد، المعلولة، لم يكن أمامهم إلا أحد أمرين، الأول هو المجازفة وتحدي الاحتمالات، وهي إصابتهم بالسرطان بنسبة 70 في المائة، على أمل ألا يصابوا بالمرض، والثاني هو استئصال معداتهم.

والاحتمال الأخير يعني حياة صعبة، من الأكل القليل جداً في أغلب الأحيان، واختار كافة أبناء العمومة، الخيار الأخير الذي يغيّر نمط حياتهم، وفقاً لما ذكرته وكالة الأسوشيتد برس.

وقال الأطباء إنها أكبر عد من أفراد عائلة واحدة يجرون هذه الجراحة الوقائية، لحماية أنفسهم من سرطان المعدة الوراثي.

قال سلابو، بعد إجراء العملية بستة عشر شهرا، في مركز جامعة ستانفورد الطبي في بالو ألتو: "نحن لا ننجو فحسب، بل ونحيا حياة مزدهرة."

وتوفر التطورات الأخيرة في الاختبارات الجينية، فرصة للعائلات المصابة بالجينات المعطوبة، بأن ترى المستقبل، أحيانا بأمل اتخاذ إجراءات وقائية.

وقد قام أناس كثيرون باستئصال المعدة أو الصدر أو المبيض أو القولون أو الغدة الدرقية، بعدما أظهرت الاختبارات الجينية بأنهم يحملون جينة معطوبة تزيد من فرص إصابتهم بالسرطان.

وقام سلابو، الذي يقيم في دالاس، بلم شمل أبناء عمومته المتشتتين، مؤخرا في لاس فيغاس، بعد شهرين فقط من إجراء آخر الأقارب، بيل برادفيلد من فارمينغتون بنيوميكسيكو، عمليته الجراحية.

وقال الدكتور دايفيد هنتسمان، من جامعة "بريتيش كولومبيا"، والذي وجد الجينة المعلولة في العائلة: "بدلا من أن يعيشوا بخوف، قاموا بمواجهة مصيرهم وجها لوجه."

ويعد هذا النوع من السرطان، الذي يجري في عائلة برادفيلد، والذي يدعى سرطان المعدة المنتشر الوراثي، نادرا جدا، حيث شخصت به 100 عائلة فقط في العالم.

وكان سرطان المعدة الوراثي هذا قد تسبب بمقتل غولدا برادفيلد، عام 1960، وقد نقلت الجينة المعلولة إلى سبعة من أطفالها، الذين مات ستة منهم بسببها في عندما بلغوا الأربعين والخمسين من أعمارهم.

وقد علم الأحفاد بأمر الجينة المعلولة، بعد موت أحدهم، دايفيد ألين، نتيجة إصابته بسرطان المعدة عام2003، حيث بعث أطباؤه بعينة دم إلى مختبر هنتسمان، الذي أكد الخلل الجيني.

وبعد ذلك بوقت قصير، تم فحص السبعة عشر الباقين، حيث تبين وجود الجينة المعلولة في 11 شخصاً منهم، وأجريت لهم عملية استئصال المعدة.

ولم يتردد سلابو، البالغ من العمر 52 سنة، في إجراء العملية، فهو يتذكر كيف ماتت أمه، عندما كان مراهقا، نتيجة إصابتها بالسرطان.

ويقول: "أستيقظ كل صباح، وأفكر: هذا يوم مجاني. إني أحصل على يوم إضافي."

خلال العملية، قام الأطباء باستئصال المعدة كلها، وقاموا بربط أسفل المريء بالأمعاء لتكون كيسا، بحيث تتم عملية هضم الطعام في الأمعاء الدقيقة.

يذكر أنه من دون المعدة، يخسر المريض الكثير من الوزن، وينبغي عليه الإكثار من تناول الوجبات الصغيرة.

ومازالت أعراض جراحة استئصال المعدة على المدى البعيد غير واضحة، فيما يتابع باحثون، من حول العالم، عائلات مصابة بسرطان المعدة الوراثي، ليعرفوا كيف تؤثر العملية على نوعية الحياة.

قبل أن تجري ديان سينت، وشقيقتيها عمليات استئصال المعدة، تناولن حسائهن الأخير في عيد الشكر.

والجانب المشرق بالنسبة لديان أنها خسرت وزنها الزائد منذ إجراء العملية، غير أنها تعاني مشاكل في تقليل التهام بعض الأطعمة كالمثلجات، كما تخسر وزنا بسهولة إذا تمرنت كثيرا.

ولتتغلب على هذه المشكلة، تتناول ديان اللحمة وقد استبدلت رياضة الركض برياضة المشي السريع مشيرة إلى أن ذلك أصبح نظاماً حياتياً جديداً بالنسبة لهن.

وبعكس أبناء عمومته الآخرين، فقد عانى بيل برادفيلد كثيراً قبل اتخاذ قراره، فقد تساءل بشأن كيف ستغدو حياته بلا معدة؟ ما إذا كان سيمتلك طاقة كافية ليؤدي عمله كميكانيكي لشركة غاز طبيعي؟

غير أنه، بعد رؤيته أبناء وبنات عمومته الآخرين، يستعيدون حياتهم السابقة ببطء ، قرر أن يجري العملية في مركز جامعة تكساس للسرطان، ليصبح بذلك آخر شخص في العائلة يتخلى عن معدته.

وقال برادفيلد "سنموت جميعا من أمر ما، ولكنني أعلم أني لن أموت من سرطان المعدة."

المصدر: وكالات