من أين يبدأ بلير منسق «الرباعية» الجديد؟

21-07-2007

من أين يبدأ بلير منسق «الرباعية» الجديد؟

فجأة عاد من بوابة «الرباعية» كي يعيد الحياة الى «خريطة الطريق», التي لفظت أنفاسها الأخيرة بفعل التقاطع المفضوح بين التواطؤ الأميركي والانصياع الأوروبي والتخاذل الدولي والصمت الروسي... والعجز العربي.
إنه طوني بلير المبعوث الرسمي للرباعية المكلف مواكبة الحلول السلمية الممكنة في الشرق الأوسط على قاعدة التفاوض بين الفلسطينيين واسرائيل.
ورئيس الوزراء البريطاني السابق يعرف أكثر من غيره صديقه جورج بوش, ويعرف أن الموقف الأميركي المعلن من الحل القائم على دولتين, لا ينسجم البتة مع الممارسات الأميركية في المنطقة, و«خريطة الطريق» لم تقدم حتى الآن شيئاً إلا الوعود الفارغة, وهي بالمناسبة غائبة عن الوعي تماماً مثل آرييل شارون
فيليب ستيفز أحد كتاب صفحة الرأي في «الفايننشال تايمز» قالها قبل أيام: إن الخطأ الكبير الذي وقعت فيه الولايات المتحدة وبالتالي الرباعية, بعد فوز حركة «حماس» في العام الفائت, هو الاصرار على تهميش هذه الحركة ومحاصرة أكثر من مليون فلسطيني (...) هذا العقاب الجماعي لم يفلح سوى في تأجيج التطرف. ومن الوهم الاعتقاد بأن اتفاق سلام يحفظ أمن اسرائيل سوف يكون ممكناً من دون اشراك «حماس» في هذا الاتفاق, وهذا يعني أن على بلير أن يبدأ مهمته بالحوار مع «حماس».
في السياق نفسه يقول مراسل صحيفة «الاندبندنت» في القدس دونالد ماك انتاير, نقلاً عن لسان كولن باول وزير الخارجية السابق «لا اعتقد أن في وسعنا ان نبقي «حماس» في الظل, وأن نبحث عن حلول من دون أن نأخذ بعين الاعتبار مكانة «حماس» داخل النسيج الاجتماعي الفلسطيني», قبل ان يضيف: «لقد فازوا في انتخابات طالبنا نحن باجرائها واعتقد انه ينبغي اشراكهم في العملية التفاوضية سواء أحببنا ذلك أم لا».
هل إن هذه المعطيات واضحة في ذهن منسق «الرباعية» الجديد؟
الرجل الذي يستعد لزيارة المنطقة يحمل انجازاً كبيراً هو سلام ايرلندا الشمالية, وهو انجاز لم يكن ممكناً قبل أن تتخلى منظمة الجيش الجمهوري عن العنف. هذا التخلي حصل في نهاية المفاوضات لا في بداياتها, وهو يعرف ذلك جيداً.
والمفارقة أن «الرباعية» ترفع شعار التخلي عن العنف ضد اسرائيل قبل أن يبدأ التفاوض حول آليات السلام, وكأن المطلوب تدجين الفلسطينيين, فريقاً بعد فريق, كي يسهل نسف «خريطة السلام» ودفنها تحت أنقاض اوسلو.
والتفاوض ليس ممكناً, في أي حال, ما لم يقتنع الفلسطينيون بأن عليهم التلاقي على حد أدنى­ أو أقصى­ من التفاهم, تحت سقف سياسي واحد, من أجل اقناع الاسرائيليين واقناع العالم, بأنهم جديرون بقيادة الدولة الموعودة, حتى اذا قامت تخاصموا ما طاب لهم أن يفعلوا.
وما يحدث داخل الاراضي المحتلة عصي على الفهم انه عهد جديد هلامي الملامح ينطلق على غير هدى, في ظل «دولتين»: «دولة «فتح» في الضفة ودولة «حماس» في غزة, وقادة منشغلين بجمع المساعدات وتوزيع الحصص الأمنية والوظيفية ظناً منهم أنهم شرعيون.
في غزة تحاول «حماس» اعطاء الدليل على انها الأقدر على فرض الأمن وسلطة القانون... وحماية البيئة. وفي الضفة حالة طوارئ تدير الشأن المالي والاداري وتستقبل الضيوف الأجانب والاسرائيليين, من دون حاجة الى التشريع.
حكومة طوارئ هنا, وحكومة طوارئ هناك... ولا دولة.
هذه الحال يمكن ان تستمر لأشهر طويلة, وربما لسنين, ما دامت اسرائيل هي المستفيد الأول من المعادلة.
وقد يستقيل طوني بلير من وظيفته الجديدة ويتقاعد عن ممارسة العمل السياسي قبل ان تهتدي «الرباعية» الى بداية حل.
لماذا كل هذا الكلام؟
لأن الانقلابيين في قطاع غزة والانقلابيين في رام الله, يصرون على تعطيل مهمة «الرباعية» في تواطؤ مفضوح مع القيادة الاسرائيلية.34
ومن أين يبدأ بلير؟


فؤاد حبيقة
المصدر: الكفاح العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...