أبو ياسين السواس: «غَربِل يا غربال»
يطوّع عمر السواس الخشب بين يديه الخشنتين، ويقص الغرابيل على كرسيّه الصغير في دكانه البسيط وسط مدينة الحسكة، بحثاً عن رزق كريم له ولأسرته.
يحافظ الرجل، منذ ثلاثين عاماً، على مهنته التي تعلّمها مصادفة أثناء عمله في أحد محال بيع الخردوات. يقول إن مسيرته مع المهنة بدأت بتعلّم تصليح الغرابيل أول الأمر، «لكثرة الغرابيل التي كان أصحابها يجلبونها إلى محلّ الخردوات بغية تصليحها». ويضيف «لاحقاً أتقنت صناعتها، وصارت مهنتي الرئيسيّة». استأجر الرجل محلاً صغيراً، وهو «المحل الوحيد الذي يصنع ويبيع الغرابيل بالجملة في الحسكة وريفها».
يشرح السواس كيف أنه تشجع على احتراف المهنة بسبب طبيعة محافظة الحسكة الزراعية، وحاجة السكان إلى الغربال. يقول «للغرابيل موسمان، هما موسم حصاد القمح والشعير والكمون، وموسم البذار؛ أي إن العمل يتحسّن في الفترة الممتدة بين مطلع الصيف وبداية الخريف». ويؤكد أنّه «رغم انتشار المصانع والآلات الصناعيّة المتطوّرة، فإن الغربال اليدوي لا يزال محافظاً على خصوصيته وقيمته وجودته، وصناعته باتت بالنسبة إليّ متعة يومية».
لن يورّث الرجل المهنة لأولاده. يقول بابتسامة عريضة «لم يحب أولادي هذه المهنة، لكنني دائماً ما أقول لهم: سأبقى أعمل فيها ما استطعت إلى ذلك سبيلاً». ويضيف ضاحكاً «يكفي أن الغربال يذكرك بغربلة هموم حياتك، ومواجع يومياتك، ويعوّدك أن تكون نقياً».
الأخبار
إضافة تعليق جديد