صدمة في إسرائيل: صواريخ غزّة تصل إلى تل أبيب
لا تقلّ أصداء مفاجأة الصاروخين اللذين سقطا على منطقة غوش دان وسط إسرائيل، عن أصداء الانفجارات التي دوّت في منطقة تل أبيب، وبثت الرعب في صفوف المستوطنين. وبقدر ما شعرت إسرائيل بالصدمة، بفعل أصوات الصواريخ، فإن وقع المفاجأة شكل صدّمة إضافية تركت أصداءها على الصعيد الشعبي والسياسي والأمني، ودفعت بكل القيادات إلى «الكرياه»، مبنى وزارة الدفاع، للتشاور حول ما ينبغي القيام به في مواجهة الصفعة التي تلقّتها عاصمة الكيان.
وما زاد إرباك تل أبيب أن فصائل المقاومة الفلسطينية في القطاع أعلنت عدم مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ، وهو ما ساهم في إضفاء المزيد من الضبابية على خلفيات الحادثة وسياقها. في المقابل، تبقى حقيقة أن إسرائيل تلقت ضربة وتجد نفسها مدفوعة للانتقام والرد. لكن هناك أكثر من تحدٍّ يواجه المؤسسة السياسية والأمنية. الأول: ما هو الرد الذي يتناسب مع ضربة بهذا الحجم، وخاصة أنها ضربت عمق الكيان؟ والتحدي الثاني، كيفية استعادة صورة الردع من دون أن يؤدي ذلك إلى التدحرج نحو مواجهة واسعة ومفتوحة.
في المقابل، ما دامت الفصائل الفلسطينية أعلنت عدم مسؤوليتها، فهي لن تقبل بأن تجبي منها إسرائيل أثماناً دموية. لكن رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، يشعر كما لو أنه تلقى الضربة شخصياً، لأن خصومه من اليمين والوسط يتربصون بالأداء العملاني الذي سيختاره، وخاصة بصفته وزيراً للأمن.
مع ذلك، فقد أتى سقوط الصاروخين، في ظلّ أكثر من سياق سياسي. فهو تزامن مع المفاوضات التي يجريها الوفد المصري بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وأيضاً في ذروة الحملة الانتخابية الإسرائيلية، وبعد ارتفاع لهجة التهديدات الإسرائيلية التي توالت في الأيام والأسابيع الماضية ضد قطاع غزة، وفحواها أن إسرائيل تتجه نحو عدوان واسع، بعدما مهدت لذلك بنشر منظومة القبة الحديدية في محيط تل أبيب في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي.
مساء أمس، وخلال اجتماع الوفد المصري مع قيادة «حماس» في غزة، دوّت صفارات الإنذار للمرة الأولى منذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في عام 2014، في منطقة تل أبيب. جيش العدو اعترف بأنه «رصد إطلاق قذيفتين من قطاع غزة، وأنه تم تشغيل منظومة القبة الحديدية في منطقة تل أبيب، غير أنها لم تعترض القذيفتين اللتين سقطتا في منطقة مفتوحة».
قصف تل أبيب اعتُبر مفاجئاً بالنسبة الى العدو، وتغييراً لقواعد الاشتباك التي سارت بين المقاومة والاحتلال طوال السنوات الأربع الماضية، وهو ما دفع فصائل المقاومة إلى نفي علاقتها بالقصف. إذ أصدرت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، بياناً أعلنت فيه عدم «مسؤوليتها عن الصواريخ التي أطلقت باتجاه العدو، وخاصة أنها أطلقت في الوقت الذي كان يعقد فيه اجتماع بين قيادة حماس والوفد الأمني المصري حول التفاهمات الخاصة بقطاع غزة»، فيما عقّبت حركة «الجهاد الإسلامي» على لسان الناطق باسمها، داود شهاب، على اتهام وسائل الإعلام الإسرائيلية لها بالمسؤولية، بالنفي، واصفة تلك الادعاءات بأنها «باطلة وليس لها أي أساس من الصحة».
بعد القصف، غادر الوفد المصري قطاع غزة عبر معبر «إيريز». وأجريت اتصالات مكثفة بين «حماس» والوسيطين المصري والأممي لضبط الأمور ومنع انزلاقها إلى مواجهة عسكرية، ووعد الطرفان بالعمل على تهدئة الاحتلال، ودفعه إلى عدم تجاوز الخطوط الحمر في رده على إطلاق الصواريخ، وضمان أن لا تؤدي هذه الحادثة إلى توقف مباحثات تفاهمات التهدئة.
وقبل منتصف الليلة الماضية، عقد نتنياهو جلسة تقدير في «الكرياه» (مبنى وزارة الحرب)، فيما نقلت القناة «13» الإسرائيلية أنه تم اتخاذ قرار برد واسع في قطاع غزة، لكن على نحو لا يؤدي إلى مواجهة شاملة.
وفتح إطلاق الصواريخ باب المزايدات الانتخابية الداخلية على مصراعيه. إذ طالب وزير التعليم الإسرائيلي وزعيم حزب «اليمين الجديد»، نفتالي بينت، نتنياهو بعقد الـ«كابينت»، واتخاذ قرار بحسم الأمور في غزة، معتبراً أنه «حان الوقت لتصفية قادة حركة حماس بغزة»، فيما طالب وزير الأمن السابق، أفيغدور ليبرمان، نتنياهو، بـ«العودة فوراً إلى سياسة الاغتيالات ومعاقبة المسؤولين عن إطلاق الصواريخ».
وفي سياق متصل، أصدر رئيس بلدية تل أبيب، رون حولدائي، أوامر بفتح كل الملاجئ داخل المدينة، كما تم فتح الملاجئ في مدينة ريشون لتسيون.
وذكر المحلل العسكري في القناة 12 الإسرائيلية، روني دانييل، أن التوقعات تشير إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي سيشنّ ضربات جوية عنيفة على الأهداف التي تحددها الاستخبارات العسكرية في القطاع خلال الساعات المقبلة، ولفت إلى أن ذلك سيستمر لساعات طويلة.
الأخبار
إضافة تعليق جديد