كشف الغطاء عن بعض «جيوب» الفساد في «الحبوب»
كشفت الوثائق والمعلومات التي حصلنا عليها الغطاء عن العديد من حالات الفساد وسرقة المال العام في بعض فروع المؤسسة العامة للحبوب وخاصة فرع حبوب دمشق، والتي تقدر بنحو 300 مليون ليرة سورية، إضافة إلى العديد من الأخطاء المحاسبية، والترهل الإداري وعدم الكفاءة بالعمل، الأمر الذي كان وراء إعفاء مديري أربعة فروع في المحافظات، في وقت سابق.
وأكد مدير عام مؤسسة تجارة وتصنيع الحبوب ماجد الحميدان صحة تلك المعلومات، والذي كشف بدوره الكثير من نقاط الخلل وملفات الفساد، منها الخلل بالمواصفات العقدية مع شركة دبس العائدة لوزارة الصناعة والمقدرة بنحو 170 مليون ليرة سورية، حيث ينص العقد على تسليم فرع حبوب دمشق /6/ آلاف شادر لتغطية أكداس الأقماح في الفرع وبعد معاينة الشوادر المسلمة تبين أنها غير مطابقة للمواصفات التي تم الاتفاق عليها بين الفرع والشركة وأن الشوادر المسلمة رديئة ولا تلبي الغرض منها بحماية وعزل أكداس الحبوب ومعظمها نفوذة.
وأوضح الحميدان أن الترحيل السريع الذي كان محض مصادفة نظراً للحاجة إلى الاستهلاك المباشر لهذه الأقماح، وعدم الاستمرار في تخزينها حتى فصل الشتاء وقتها، هو من أنقذ المحصول المكدس لدى الفرع من تعرضه للرطوبة والأمطار وبالتالي تعفن أكداس الأقماح وفسادها.
وعن الإجراءات المتخذة حول ذلك أكد الحميدان أنه تم التوقف فوراً عن صرف القيم المالية لشركة دبس وإحالة الموضوع للهيئة العامة للرقابة والتفتيش أصولاً وأن الملف قيد المتابعة والتحقيق مع جهتي العقد، الحبوب وشركة دبس.
وبالانتقال إلى عمليات الشحن ونقل الأقماح إلى صوامع ومستودعات الفرع، فقد علمنا بوجود تلاعب بأجور سيارات الشحن التي تقل قرابة 50 ألف طن قمح من مدينة إزرع إلى مستودعات الكسوة والسبينة، حيث تم تقديم فواتير مزورة تبين أن كلفة نقل الطن الواحد هي 1650 ليرة في حين تبين فعلياً أنها 1200 ليرة وبضرب 50 ألف طن بـ450 ليرة الزيادة التي وضعت على كلفة نقل كل طن يتبين أنه تم سرقة مبلغ 22.5 مليون ليرة ذهبت لجيوب أبطال الصفقة.
أما عن المبيعات التي كان يجريها الفرع، فتظهر المعلومات بأن مبيع الطن الواحد من الأقماح التالفة كان 8 آلاف ليرة سورية، في حين السعر الحقيقي للطن هو 31 ألف ليرة.
أي أن نحو 23 ألف ليرة مفقودة من مبيع كل طن، وكذلك مبيع الرقائق البلاستيكية التي تستخدم في عمليات التخزين دونت في سجلات الفرع بقيمة 40 ألف ليرة في حين أثبتت التحقيقات أن السعر الحقيقي هو 100 ألف ليرة.
أيضاً تم بيع كيس الخيش التالف بقيمة 70 ليرة في حين السعر الطبيعي في السوق هو 170 ليرة والمعلومات عن التجاوزات هنا كثيرة، حيث تم بيع نواتج عمليات الغربلة بقيمة لا تتجاوز 25 ألف ليرة للطن الواحد، في حين تم المبيع لنفس النواتج بعد تصحيح عمليات البيع بقيمة 43 ألف ليرة للطن.
إحدى الوثائق، هي محضر اجتماع اللجنة الفرعية لتسويق الحبوب في محافظة ريف دمشق، بيّنت أنه بالنسبة لمركز الكسوة، كانت الأكداس المبنية في العراء غير مطابقة لأصول التخزين، وأنه يوجد ظروف مواد التعقيم بين الأكداس المكشوفة وعلى أرض العراء ما بين الأكداس وهي قابلة للاشتعال، إضافة إلى أن مياه الصرف الصحي عائمة في غرفة مخبر التحليل والغرفة السرية لأيام دون أن يتم معالجتها، إضافة إلى وجود الأقماح في أرض غرفة التجزئة والمخبر ملوثة بمياه الصرف الصحي.
وفي توجهنا للمدير العام للحبوب عن موقفه من هذه التجاوزات، بيّن أن هذه المخالفات كانت قبل تسلمه إدارة المؤسسة، ويروي لنا أنه وقتها تم رفع مقترح للمدير العام السابق بإعفاء مدير فرع حبوب دمشق والذي أيده وقتها المدير العام السابق لكنه، تعمد إلى تزكية مدير الفرع والتوسط لإبقائه في عمله بخلاف المقترح الذي كان قد أيده خطياً ما أدى إلى عدم تنفيذ مقترح الإعفاء في حينها.
بعد ذلك تم تشكيل لجان خاصة للكشف عن واقع العمل في الفروع وتقييم الأداء والتحقيق في العديد من الحالات التي كانت محط شبهات من الإدارة، وقد بدأت عملها من فرع القامشلي في محافظة الحسكة والذي يمثل نحو 40% من حجم عمل المؤسسة، حيث تم جرد جميع المستودعات والمخازين في الفرع وتم اكتشاف نقص نحو 40 ألف كيس خيش بقيمة 8 ملايين ليرة وأحيل الموضوع للرقابة والتفتيش لأن القيمة المالية تتجاوز المليون ليرة.
بينما سجلت اللجان المشكلة لمتابعة عمل الفروع ملاحظات تتصل بالأخطاء المحاسبية في فرع حبوب حلب وتم التحقيق في هذه الأخطاء من الرقابة الداخلية وإحالتها إلى الرقابة والتفتيش رسمياً في حين كانت الملاحظات في فرع اللاذقية تتعلق بسوء الأداء والترهل الإداري وأنه تم وقتها إعفاء كل من مدير فرع حبوب اللاذقية وحلب والقامشلي.
عبد الهادي شباط
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد