المسلحون يفشلون في معارك «استعادة التوازن»
بعد التقدّم الذي أحرزه الجيش السوري في مثلث الجنوب (درعا ــ القنيطرة ــ ريف دمشق) الشهر الماضي، ثم سيطرته على بلدة باشكوي في ريف حلب الشمالي، قبل دخوله بلدة دورين والجبل المطل عليها في جبل الأكراد في ريف اللاذقية الشرقي، وتقدّمه في ريف إدلب قرب طريق جسر الشغور ــ أريحا، وفي الريف الشمالي للسويداء، وضعت الجماعات المعارضة المسلحة كل ثقلها لتحقيق إنجاز في واحدة من هذه الجبهات يمكّنها من استعادة زمام المبادرة وإعادة التوازن إلى الميدان.
في الجنوب، استبق الجيش السوري شنّ المعارضة هجوماً التفافياً على مواقعه في المثلث، بغارات أول من أمس في ريف القنيطرة، أحبطت العملية التي طلبتها غرفة العمليات المشتركة في الأردن (موك). كذلك أحبط عدداً من الهجمات على المواقع التي طرد منها المسلحين خلال الأسابيع الماضية. وفي ريف حلب الشمالي، تمكّنت المعارضة من وقف تقدّم الجيش، ثم انتقلت إلى الهجوم، ساعية إلى السيطرة على بلدة حندرات. فسيطرتها على تلك البلدة والمواقع العسكرية القريبة منها ستتيح لـ»جبهة النصرة» وحلفائها عرقلة مسعى الجيش تطويق حلب بالكامل وقطع الطرق بينها وبين ريفها وبين تركيا، وفك الحصار عن بلدتي نبّل والزهراء. وجديد المعارضة أمس، كان في ريف اللاذقية الشرقي، بهجوم عنيف على بلدة دورين التي استعاد الجيش السيطرة عليها يوم الجمعة الماضي مع جبل قريب منها. الهجوم فشل، وقُتِل عشرات المسلحين المهاجمين، في ظل معلومات لدى الجيش عن نيتهم شن هجوم جديد في الساعات المقبلة. خلاصة المشهد أن المسلحين يستميتون في مختلف الجبهات لاستعادة التوازن الذي فقدوه خلال الأسابيع الماضية.
وفي حلب، ولليوم السادس على التوالي تتواصل الاشتباكات في الريف الشمالي، في إطار «معركة تحرير حندرات»، التي أطلقتها «جبهة النصرة» و«أحرار الشام» و«جبهة أنصار الدين». وحقق الجيش أمس إصابات بالغة في صفوف مسلّحي تلك التنظيمات وتحديداً في منطقة الشقيف، وبالقرب من تل المضافة، ومقطع البكارة، وشملت خسائر المسلّحين مقتل 11 مسلّحاً، بينهم «أمير» في حركة «أحرار الشام»، إضافة إلى تدمير عدد كبير من آليات المسلّحين وتجهيزاتهم في تلك المنطقة. وبالتوازي، تناقلت صفحات معارضة رسالة منسوبة إلى أبو صالح طحان، القائد العسكري لـ«أحرار الشام» موجهة إلى «أصحاب بيانات تحرير حندرات»، في إشارة إلى المسلّحين الذين أعلنوا أول من أمس سيطرتهم على بلدة حندرات عبر فيدوهات مزيفة. ووصفهم الطحان بأنهم «انتهازيون يترصدون لأنفسهم المنفعة؛ فكيف يطيب لهم نفس بإصدار بيانات بتحرير قرى ومناطق رغم عدم وجودهم بداخلها؟». إلى ذلك، دارت مواجهات في بلدة تل جبين، الملاصقة لبلدة باشكوي في ريف حلب، التي استعاد الجيش السيطرة عليها منتصف الشهر الماضي، وأدت المواجهات إلى مقتل عدد من المسلّحين وإصابة آخرين. فيما استهدف الجيش معاقل للمسلّحين في حريتان، التي تعد معبراً لدعم المسلحين عبر الأراضي التركية، في شمالي حلب، وفي بلدة المنصورة التابعة لجبل سمعان، غربي حلب. كذلك قُتِل 15 مسلحاً إثر استهداف «اللجان الشعبية» في بلدة نبّل (ريف حلب الشمالي) سياراتهم في بلدة ماير المجاورة لها.
أما في الجنوب، فيسود الهدوء الحذر على الشريط الحدودي مع الجولان السوري المحتل، في محافظة القنيطرة، بعد الضربة التي وجهها الجيش السوري أول من أمس لمسلحي «الجيش الأول»، (الفصيل المسلّح المعارض الذي تربطه علاقات وثيقة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي ومع الاستخبارات الأردنية)، التي استهدفت غرفة عمليات كانت تخطط للالتفاف على الجيش من محور القنيطرة باتجاه المثلث الاستراتيجي الواصل بين درعا والقنيطرة وريف دمشق. فيما ترصد وحدات استطلاع الجيش حالة تأهب إسرائيلي على الطرف الآخر من الشريط الحدودي، قال مصدر عسكري إن «قسماً من تحركات العدو أول من أمس كان متصلاً بإسعاف جرحى المسلّحين بعد تلقيهم الضربة، الأمر الذي يفرض عليهم بطبيعة الحال حالة تأهب لتغطية عمليات سحب الجرحى». أما أمس، «فقد كانت تحركات العدو متصلة بالتنسيق مع مسلّحي ريف القنيطرة الملاصق للشريط الحدودي، لاحتواء النتائج، وإعادة انتشارها بحسب الوضع الجديد الذي فرضته الضربة». وفيما نفى تنظيم «الجيش الأول» أن يكون أحد من قادته قد قتل، تصاعد العمل المسلّح في المناطق الأبعد نسبياً عن الشريط الحدودي، فقد أفاد مصدر ميداني بأن «الجيش استهدف رتلاً عسكرياً لجبهة النصرة في منطقة جيدور حوران، الواقعة في الشمال الغربي لمحافظة درعا، والمطلة على ريف القنيطرة»، وبحسب المصدر، كان الرتل يسعى «لمؤازرة مسلّحي ريف القنيطرة من خلال محاولته التسلل عبر طريق درعا القديم مروراً ببلدة إنخل إلى تلك المنطقة». ونفّذ الجيش كميناً ضد مسلّحي بلدة إنخل، إثر محاولتهم التسلل باتجاه ريف القنيطرة، موقعاً العديد من القتلى والمصابين في صفوفهم. بينما قصف سلاح الجو معاقل للمسلّحين في بلدة مسحرة في ريف القنيطرة.
كذلك نشرت جبهة «النصرة» تقريراً مصوراً، مستعرضةً أرتالها وجنودها في سياق ما سمته مواجهة «الحملة الشرسة على الجنوب»، في إطار إعلان «النصرة» والمجموعات المسلحة في ريفي درعا والقنيطرة الاستنفار، بعد التقدّم الذي أحرزه الجيش السوري منذ بداية معركة مثلث الجنوب الشهر الماضي.
في المقابل، وفي ريف دمشق الجنوبي، سلمت مجموعة جديدة من «الجيش الحر»، مكونة من 20 مسلحاً يتبعون إلى «لواء حطين»، أسلحتها للجيش السوري، ليصار إلى ضمها إلى تشكيلات «الدفاع الوطني»، وذلك بعد 3 أيام من انضمام مجموعة مكونة من 60 مسلّحاً من «لواء الأنفال» التابع لـ«الجيش الحر» إلى الدفاع الوطني. كذلك صدر أمس بيان عن «المجلس المحلي» في بلدة ببيلا، يستعرض أفعال عناصر «جبهة النصرة» في البلدة قبل طردهم منها، التي شملت بحسب البيان: «الاعتداء على الأهالي وسرقتهم، والتعرض لمظاهر نسائية، والسماح لزعيم لواء الأنفال بالمرور لتسليم نفسه ومسلّحيه للجيش. والانسحاب من بعض المناطق لمصلحة النظام. بالإضافة إلى الاعتداء على لواء شام الرسول». وطالب البيان في نهايته أبو محمد الجولاني، أمير «جبهة النصرة» بالتبرؤ من أفعال عناصر تنظيمه في ببيلا وبيت سحم. وشنّ مسلحو «لواء شام الرسول» أمس هجوماً على مواقع «النصرة» في بلدة بيت سحم، ما أوقع عدداً من القتلى والجرحى من الطرفين.
وفي العاصمة سقطت عدة قذائف هاون في ساحة الأمويين وفي حي الشعلان والقيمرية، أوقعت 6 إصابات بين المدنيين.
ليث الخطيب
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد