الإنسان الأول نقش فنه على أصداف المحار
تفتح مجرد تعاريج بسيطة محفورة منذ ملايين السنين على سطح أصداف محار المياه العذبة في جزيرة جاوا الأندونيسية كنزاً دفيناً يكشف لغز تطور الإنسان الأول.
ويقول العلماء إن هذه الأصداف تمثل انجازاً مشهوداً للتعرف على الإنسان الأول، ومؤشراً على أن الإنسان الأول المعروف علمياً باسم «هومو اريكتوس»، الذي سبق في سلم التطور البشري أخيه العاقل الحديث المعروف علميا باسم «هومو سابينس»، كان يمتلك قدراً من الإمكانات المعرفية والإدراكية المتقدمة أكبر بكثير مما كان يعتقد من قبل.
وفي الدراسة التي نشرت أمس الأول في دورية «نيتشر»، وصف العلماء مجموعة من الأصداف المأخوذة من موقع «ترينيل» على جزيرة جاوا على أنها «تمثل كنوزاً دفينة لرفات الهيكل العظمي للإنسان منتصب القامة والأدوات البدائية التي كان يستعملها».
واتخذت إحدى هذه الأصداف شكل أداة ذات حافة ملساء مصقولة ربما كانت تستخدم كسكين، فيما عثر على صدفة أخرى ذات شكل متعرج، وهي الاكتشافات التي يقول العلماء إنها تمثل أقدم النقوش والمنحوتات الهندسية المعروفة.
وقالت عالمة الأحياء جوزفين يوردنس من جامعة لايدن الهولندية إنه «قبل هذا الاكتشاف، كان تاريخ أقدم أدوات مماثلة يعود إلى حوالي مئة ألف عام مضت، وعثر عليها في مواقع في جنوب أفريقيا، وصنعها الإنسان العاقل بعد وقت طويل من اندثار الإنسان الأول».
واعتبرت يوردنس أن «هذا من شأنه أن يغير وجهة نظرنا بشأن درجة تعقد السمات الحضارية لحفريات هذه الأنواع ويوضح أن الأدوات الحجرية مؤشر باهت وناقص على مجمل صعوبة الأساليب المستخدمة في ذاك العصر».
وقدر الباحثون عمر الأدوات المصنوعة من أصداف منطقة ترينيل بما بين 400 ألف سنة إلى 500 ألف سنة.
وقال فرانشيسكو دريكو، أستاذ علم الآثار القديمة في جامعة بوردو الفرنسية إن هذه الأصداف «يتألف معظمها من تعاريج نقشت خلال جلسة واحدة بالاستعانة بآلة مدببة صنعها يقيناً الشخص نفسه، وكانت النقوش محفورة بعناية فائقة وتضمنت قدراً كبيراً من الاهتمام في صنع الزوايا شديدة الوضوح والخطوط المستقيمة ذات الطول المتساوي»، معتبراً أن «استخدام الأصداف والمحار كمصدر للغذاء وكمادة خام لصنع الأدوات وكوسيط للحفر والنقش «ينم عن مرونة معرفية سابقة لا غبار عليها».
ويعتقد أن الـ«هومو أريكتوس» منتصب القامة عاش منذ نحو 1.89 مليون سنة، وكان أول نوع من الإنسان الأول يملك أعضاء من أطراف وجذع تضاهي في طولها الإنسان العاقل.
(عن «ميدل إيست أونلاين»)
إضافة تعليق جديد