العلاج في مقابل التخابر: إسرائيل تبتز مرضى غزة
تعكس حالة المواطن محمد أبو عمشة (32 عاماً) من سكان بيت حانون شمالي غزة، واقع المرضى الفلسطينيين الذين يحاولون الحصول على تصاريح لاجتياز معبر بيت حانون (إيريتز)، من أجل الوصول إلى مستشفيات الضفة الغربية المحتلة والأردن وأراضي العام 48 المحتلة، لأجل العلاج، إذ تستغل قوات الاحتلال الإسرائيلي حاجتهم للسفر لغرض الإيقاع بهم واعتقالهم، أو الضغط عليهم ومساومتهم بين التخابر لصالح أجهزتها الأمنية أو العودة إلى الموت في غزة.
وتحدثت «السفير» مع خليل أبو عمشة (52 عاماً) أحد الفلسطينيين الذين حاولوا اجتياز معبر «إيريتز» من خلال مرافقته لشقيقه محمد أثناء سفره للعلاج في مستشفى «سيرجي كاري» الأردني في الضفة الغربية المحتلة.
وأوضح خليل أنه وشقيقه وصلا إلى المعبر صباح يوم الأربعاء في الخامس من كانون الأول الحالي، حيث استدعي شقيقه محمد لمقابلة الاستخبارات الإسرائيلية في المعبر، ثم استدعي هو أيضاً، وخضع لتفتيش دقيق بعدما أجبر على خلع ملابسه، ثم دخل لمقابلة أحد أفراد الاستخبارات هناك.
وفي تفاصيل التحقيق، أوضح خليل الذي وضعه ضباط الاستخبارات داخل غرفة صغيرة في طابق تحت الأرض، أن الضابط الإسرائيلي سأله عن بياناته ومعلومات تخص عائلته وإخوته خصوصاً محمد، وسأله عن منطقة سكنه وأصدقاء شقيقه، إذ أخبرهم أنه يعمل في البناء ولا يوجد لديه أي نشاط سياسي أو تنظيمي.
ويشير أبو عمشة إلى أنه خرج إلى قاعة الانتظار عند حوالي الساعة الواحدة ظهراً، وبعد سؤاله أكثر من مرّة عن أخيه أمره الضابط عند الساعة 14:40 بأن يغادر المعبر. وعند سؤاله عن شقيقه قالوا له انه عندهم وعليه أن يذهب إلى منزله في غزة، فأخذ حقيبته وعاد إلى بيت حانون، وبقي شقيقه محمد معتقلاً في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وبينما وصف تقرير حقوقي صادر عن «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان» في بيان له، تحول معبر «إيريتز» إلى ابتزاز حقيقي للمرضى الفلسطينيين، شدد الحقوقي سمير زقوت، من «مركز الميزان لحقوق الإنسان»، على أن ابتزاز سلطات الاحتلال ومنعها وعرقلتها لوصول المرضى ومرافقيهم إلى المستشفيات الفلسطينية، خطوة منظمة في سياق انتهاكها قواعد القانون الدولي الإنساني، لافتاً إلى أن إسرائيل تقوم بجرائم واضحة تنتهك القانون سواء بعلميات الهدم والقتل والتدمير، أو باستمرار الحصار المفروض على غزة والذي يشكل جريمة حرب واضحة المعالم.
وأوضح زقوت في حديثه إلى «السفير»، أن إسرائيل تماطل أيضاً في تقديم المريض طلب الحصول على تصريح دخول حتى بعد اتمامه الحجز في أحد المستشفيات، مشيراً إلى أن هناك مرضى يضطرون إلى تغيير موعد الحجز أربع أو خمس مرات على مدار أسابيع وشهور، وهذا يسهم في إحداث مضاعفات وتفاقم معاناتهم، وأحياناً وفاتهم.
وبيّن زقوت أن إسرائيل ترد الكثير من التصاريح، وتطلب من المرضى المتقدمين أن يخضعوا لمقابلة أمنية في المعبر ذاته، وهناك يخضعون للمساومة والابتزاز، بين أن يتخابروا مع سلطات الاحتلال ويسمح لهم بالمرور، أو يعودوا إلى الموت في غزة.
وأضاف أنه «في حالات أخرى يصدر التصريح للمريض من دون طلب مقابلة أو أي إجراء، ويذهب المريض للسفر وبمجرد وصوله الى المعبر يتفاجأ بأنه أصبح رهن الاعتقال».
وانعكس الحصار الإسرائيلي على ضعف القدرات الطبية في غزة، على صعيد الطواقم البشرية والأجهزة والمعدات، ما يضطر المرضى للسفر إلى المستشفيات الفلسطينية في الضفة والأردن والأراضي المحتلة، وإجراء عمليات لا تستطيع المراكز الطبية في غزة القيام بها.
وفي سياق آخر، تتابع الأجهزة الأمنية في حكومة حماس المقالة كل الممارسات الإسرائيلية على المرضى وغيرهم في معبر «إيريتز»، إذ يؤكد إسلام شهوان، المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية في حكومة حماس، أن الأجهزة الأمنية تابعت الكثير من الحالات التي يجري ابتزازها على المعبر، ممن رفضت الخروج، وعرض عليها التخابر في مقابل العلاج، لأجل إمدادهم بمعلومات عن المقاومة ومؤسسات وغيرها في غزة.
وقال شهوان لـ«السفير» إنه «بشكل شبه يومي يتم ابتزاز المواطنين على هذا المعبر، ولدينا حالات تم ابتزازها، وجاءت إلينا وأدلت بإفاداتها».
ووصف شهوان ما تقوم به أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، بأنه يدل على النهج اللاإنساني والهمجي، لافتاً إلى أن وزارة الداخلية قامت بجهد توعوي للمواطنين في هذا الإطار، من خلال إصدار بيانات وندوات عقدتها في غزة.
وأشار إلى أن «عناصر الأمن الموجودة على الحاجز الفلسطيني قبل المعبر، تجلس مع الحالات التي تغادر لأجل التوعية أمام الابتزاز الإسرائيلي».
محمد فراونة
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد