الفصام.. علاجات وفق الجينات
يعالج علم الصيدلة الجيني (Pharmacogenomics) العلاقة بين الموروث الجيني الذي يختلف بين فرد وآخر والاستجابة للأدوية بغية تطوير أدوية فعالة تتوافق مع التركيبة الجينية للفرد وبمضاعفات جانبية أقلّ.
في الطب النفسي، تظهر أدوية فعالية عند بعض الأشخاص بينما تكون غير فعالة عند أشخاص آخرين.
تسجّل بعض الأدوية مضاعفات سلبية عند بعض الفئات، بينما تغيب تلك الآثار عند فئات أخرى، فيحاول الباحثون في الأمراض النفسية في مختلف أنحاء العالم معرفة الأدوية المناسبة للفرد بغية التخفيف من معاناة المريض وعائلته والحفاظ على صحته وإنتاجيته وعدم إضاعة الوقت في تناول علاجات عدة. لا يتشابه مريضان، وتختلف حالات الاكتئاب أو الفصام أو غيرها بين مريض وآخر. وتعود الخصائص الفردية للمريض إلى تركيبته الجينية (طفرات أو جينات معينة) تجعل من الشخص أكثر استجابة لبعض الأدوية أو أكثر عرضة للمضاعفات، وإلى تفاعل الجينات مع البيئة والتجارب التي يختبرها الشخص.
يشرح الباحث في مرض الفصام في مستشفى «Zucker Hillside» في مدينة نيويورك الدكتور يوسف حسّون أن الأدوية من الجيل الثاني لمرض الفصام (Schizophrenia) تتسبّب بزيادة خطر التعرض إلى السكري والسمنة وارتفاع معدل الكوليسترول في الدم.
ويأمل الأطباء في تحديد العوامل الجينية التي تجعل من بعض المرضى أكثر عرضة للمضاعفات من غيرهم.
يؤدي دواء «Clozapine» إلى حالة ندرة المحببات (Agranulocytosis) بسبب انخفاض عدد كريات الدم البيضاء. وتهدف البحوث العلمية إلى تحديد المرضى الذين سيظهرون تلك المضاعفات في حال تناول دواء «Clozapine».
في المقابل، يتسبب دواء «Olanzapine» بزيادة في الوزن، وتساهم البحوث في معرفة الفئات الأكثر عرضة لزيادة في الوزن في حال تناول الدواء، وبالتالي وصف الدواء للمرضى الذين لا يظهرون خطر زيادة الوزن فحسب.
تندرج جميع تلك الأعمال، وفق حسون، في دائرة البحوث الطبية من دون بلورة آليات طبية تطبيقية على المرضى حتى اليوم.
وتساعد تلك التطورات العلمية في زيادة الثقة بالطب النفسي وفعاليته، وتقبل المرضى للعلاجات وتحسّن وضعهم الصحي، والحدّ من هدر وقت المريض في اختبار علاجات عدة.
في المقابل، تواجه البحوث تحديات عدة: عدم حماسة شركات الأدوية للتمويل إذ يؤدي تطوير أدوية مناسبة للشخص إلى الحدّ من عدد الأشخاص الذين يشترون الدواء من دون أن يوافقهم، واقتحام خصوصية الفرد بمعرفة موروثه الجيني.
ترتكز عوارض الفصام، التي تظهر بين الثمانية عشر عاماً والخمسة والعشرين عاماً، على الشك الدائم في الأشخاص والمحيط، والشعور بتهيؤات صوتية وبصرية، وطريقة تفكير معينة. وفي الغالب، لا يتسم المرضى بالعنف إلا في حال الشعور بالخوف.
ولا تتوافر أدوية شافية من الفصام، وتتراوح نسبة المرضى الذين يتجاوبون مع العلاج الأوّل بين عشرين إلى ثلاثين في المئة وتزيد تلك النسبة مع تناول علاجات ثانية وثالثة. لا يلتزم بعض المرضى بالعلاج بسبب عدم اعترافهم بحالتهم المرضية ما يؤثر على نوعية حياتهم وتدهور حالتهم الصحية.
ويزيد الكشف والتدخل المبكران فعالية العلاج والسيطرة على المرض.
ويعتبر العمر المتوقّع لمرضى الفصام أقل بخمسة عشر عاماً من المعدل العام نسبة إلى خصائص المرض والعلاجات.
ملاك مكّي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد