قتيل من 93 ألفاً
في صحيفة الاندبندنت، يعنون باتريك كوبرن "سوريا: قتيل بين 93 ألفاً"، ويروي قصة غسان الخولي، عامل البناء والأب الذي قتل في قذيفة مورتر أصابته فيما كان يتولى حراسة البوابة القديمة لدمشق الأسبوع الماضي.
يقول كوبرن: "قتلت قذيفة مورتر غسان الخولي بينما كان يحرس البوابة القديمة في الحي المسيحي من البلدة القديمة لدمشق الخميس الماضي. وانفجرت القذيفة بجانبه مما أدى إلى وفاته على الفور، وتشكل بقع الدم الداكنة وكومة الحجارة اليوم علامة على مكان وفاته.
يقول بركات الشماس الذي كان يتولى مع غسان الحراسة في ذلك اليوم: "سمعت صوت قذيفة قادمة وانبطحت أرضاً. عندما نهضت، كان هناك الكثير من الدماء وأدركت أن غسان قد مات".
أصيب بركات بشظايا اخترقت يده اليمنى فضلا عن رقبته وساقه اليسرى.
وغسان الخولي، عامل تبليط أرضيات كان عاطلاً عن العمل، وهو واحد من حوالى 93 ألف سوري لقوا حتفهم منذ بداية الحرب الأهلية في مارس/ آذار 2011".
ولفت الكاتب الى انه "عدا عن كونه مسيحياً من طائفة الروم الأرثوذوكس، لم تختلف معاناته كثيراً عن تلك التي عانى منها كثير من السوريين الآخرين الذين علقوا في الصراع".
ويتابع كوبرن: "تقول أرملته نور السابك أن غسان كان قبل عامين، تاريخ بدء الصراع في سوريا، موظفاً بدوام كامل، لكن عندما وصل المعارضون الى المنطقة، انتهى كل شيء. فهم يسيطرون على ضواحي دمشق حيث تتركز أعمال البناء، وبما انه مسيحي، لم يكن يجرؤ على الذهاب. فكل من ليس بعربي مسلم سني هو عرضة للقتل، الخطف أو السرقة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
ومع ارغامه على البقاء في وسط دمشق، راح يمارس أي عمل يصادفه، من الأعمال الكهربائية الى تركيب الأقراص اللاقطة وتبليط الأرضيات. وزادت أسرته فقراً".
كان غسان الخولي منتمياً الى قوة الدفاع المدني، وهي منظمة ميليشيوية قوامها 60 ألف عنصر من المؤدين للنظام. وهي مجموعة تعرف في الخارج بانها تلقت تدريبات حديثاً بهدف قلب كفة الموازين في الصراع في سوريا. وكل شاب سوري مجبر على الانخراط بهذه القوات بين سن العشرين الى 62 عاما. وكثيرون منهم متقدمين في السن".
ويلفت الكاتب الى انه عندما التقى بركات لاحظ تقدمه في السن. فهذا الرجل في الـ65 من العمر، فيما كان غسان يصغره بعشرة سنوات.
ويستهدف المعارضون احياء دمشق القديمة باستمرار بقذائف المورتر. ولم يكن بمقدور بركات وغسان فعل الكثير لوقفها. وكل ما كانا يقدران على فعله محاولة منع تسلل المقاتلين عبر البوابة القديمة. وبما أن عمرهما متقدم نسبياً، كانا قادرين على تحديد الغرباء ومنع دخولهم الى المنطقة عبر الباب الشرقي، المدخل الشرقي لبوابة المدينة القديمة.
ويلفت الكاتب الى ان حوالى 5 الى 10 الاف مسيحي قتلوا في مجزرة استمرت 8 ايام في العام 1860. لكن اليوم، ورغم كل ما تشهده سوريا، كان عدد المسلمين الذين حضروا عزاء غسان أكثر من عدد المسيحيين.
في الغزاء، لزم ولداه الصمت وتركا للأقرباء التذكير بغسان.
وقبيل مغادرة كوبرن، أوقفه ابن المغدور شادي البالغ من العمر 13 عاما وقال له: "الناس والعالم أحبّوا غسان الخولي".
المصدر: BBC
إضافة تعليق جديد