لبنان: شهيدان للجيش في مطاردة مطلوب في عرسال
سال دم الجيش اللبناني في بلدة عرسال البقاعية، في حادثة فيها الكثير من الالتباس، تطرح أمام الدولة بكل مؤسساتها، وأمام كل القوى السياسية من دون استثناء العديد من التساؤلات، حول الاسباب والدوافع والخلفيات، وتحديد المسؤوليات والمسببين في تفاقم التحريض على الجيش ورفع المتاريس في وجهه وتصويره كأنه في مواجهة مع أهله، وتصوير تلك البلدة البقاعية كأنها بقعة في كوكب آخر، محظورة على المؤسسة العسكرية التي ينتمي إليها العشرات من أبنائها.
سال دم الجيش في المكان الغلط، ودفع الثمن غاليا شهيدان وعدد من الجرحى العسكريين، وايا كانت الاعتبارات، فالدولة مسؤولة أمام هذا الوضع الشاذ، ولا تستطيع ان تبقى مكبلة او مقيدة وعاجزة عن الحراك المجدي، فما حصل الامس قدم مشهدا شديد الخطورة يستدعي في الحد الادنى عناية استثنائية، انتصارا لهيبة المؤسسة العسكرية ولأمن الناس، خاصة وان هذا المشهد قابل لأن يتكرر .
تعددت الروايات حول ما جرى، لكن الحقيقة الواضحة هي أن دورية للجيش اللبناني تعرضت لكمين من قبل مسلحين في جرود عرسال، ما ادى الى استشهاد النقيب بيار بشعلاني والرقيب أول إبراهيم زهرمان، واصابة العديد من العسكريين بجراح، ومقتل المطلوب بموجب مذكرات توقيف خالد أحمد حميد.
وأفادت مديرية التوجيه في قيادة الجيش بأن الدورية «تعرضت لكمين مسلح اثناء قيامها في اطراف بلدة عرسال بملاحقة احد المطلوبين الى العدالة بتهمة القيام بعدة عمليات إرهابية، ودارت اشتباكات مع المسلحين أسفرت عن استشهاد ضابط برتبة نقيب ورقيب، وجرح عدد من العسكريين وتضرر بعض الآليات العسكرية، واصابة عدد من المسلحين».
وبحسب بيان مديرية التوجيه، فإن الجيش ارسل قوة الى المنطقة «وفرض طوقا أمنياً حولها، وباشر عمليات دهم واسعة بحثاً عن مطلقي النار». ودعت قيادة الجيش «أهالي البلدة إلى التجاوب الكامل مع الإجراءات التي ستتخذها قوى الجيش تباعاً لتوقيف جميع مطلقي النار»، محذرة من أنها «لن تتهاون في التعامل مع أي محاولة لتهريب المسلحين أو إخفائهم، وسيكون مرتكبوها عرضة للملاحقة الميدانية والقانونية».
وتعددت الروايات من داخل البلدة وألقت المسؤولية على الجيش واتهمت أفراد الدورية بقتل المطلوب خالد الحميد عمدا قرب مسجد البلدة، وتحدثت تارة عن اشتباه بان أفراد الدورية هم من المخابرات السورية، وتحدثت تارة اخرى عن شائعة سرت بان عناصر الدورية تابعون لتنظيم محلي.
وفي المقابل أبلغ مصدر أمني «السفير» تفاصيل ما جرى في عرسال، مشيرا الى ان «دورية تابعة لمديرية المخابرات، أوقفت المطلوب خالد حميد حياً. وأثناء مغادرتها منطقة عرسال، ومعها المطلوب، كمن لها عدد كبير من العناصر المسلحة، فقتل حميد واستشهد نقيب ورتيب وجرح آخرون بالرصاص نفسه. واستولى المسلحون على جثتي الشهيدين، وعلى عربتين للجيش. وتمت قيادتهما إلى محيط بلدية عرسال في احتفال تخلله إقدام بعض المسلحين على رفع إشارات النصر بشكل سافر».
على ان اللافت للانتباه هو ما تردد عن ان المسلحين الذين كمنوا لدورية الجيش، كانوا على علم مسبق بإمكان وصول دورية تستهدف المطلوب خالد حميد الذي تم تشييعه في عرسال مساء امس وسط اطلاق نار كثيف وظهور مسلح كثيف.
وفيما عزز الجيش اللبناني انتشاره في خراج البلدة، تحدثت بعض المصادر عن توجيهات تقضي بعدم التغاضي عما حصل والاصرار على ملاحقة المعتدين على العسكريين وعن إجراءات وتدابير أمنية ستظهر تباعا.
وقال وزير الدفاع فايز غصن لـ«السفير» إنه لن يكون هناك أي تهاون حول هذه المسألة، ولا حول هيبة المؤسسة العسكرية والتعرض لها من أي كان فممنوع اللعب او المس بهيبة الجيش سواء من قبل مسلحين عابثين بالامن، او من قبل من يريد ان يقيم إمارة هنا او هناك.
واكد غصن ان ما حصل غير مقبول على الاطلاق، ولا يجوز تمريره مهما كلف الامر اذ لا سلطة ابدا فوق سلطة الدولة ولا قوة فوق قوة الجيش، الذي سيأخذ دوره، ويحظى بالغطاء السياسي الكامل.
ومساء قطع اهالي بلدة المريجات الطريق الدولية في اتجاه البقاع تعبيرا عن غضبهم لاستشهاد ابن البلدة النقيب بيار بشعلاني
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد