غزة: الإدمان على المسكنات تحت وطأة الحصار
اكتسبت حبوب «الترامادول» المسكنة، شعبية متزايدة في قطاع غزة، باستخدامها وسيلة مضادة لتحمل ضغوط الاحتلال الإسرائيلي.
ويتناول الفلسطينيون حبوب المسكنات بشكل كبير، لكن انتشار حبوب «الترامادول» في القطاع، يرتبط بسهولة توافرها بين السكان مقارنة بفعاليتها، خصوصاً أنها تمنح الشخص المدمن عليها الإحساس بالقوة والقدرة على نسيان مرارة الواقع ومآسيه.
وتعاني غزة من الحصار الإسرائيلي منذ بداية العام 2006، حيث وجد سكان القطاع في حبوب المسكنات ملاذا آمنا ومريحاً هرباً من المصاعب والصدمات النفسية وحالة الفقر المدقع، خصوصاً أن فئة كبيرة من الشباب تعاني من ارتفاع معدلات البطالة من بينهم متخرجو الجامعات الذين يبحثون عبثاً عن عمل.
وتعتبر حبوب «الترامادول» بمثابة دواء مسكّن، يوصف للتخفيف من الأوجاع في الكثير من الأحيان، لكن يمكن أن يتسبب بحالات الوفاة بين سكان القطاع، إذ أنه يباع بطريقة غير شرعية في الشوق السوداء.
ويقول أبو يوسف (34 عاماً)، وهو ممرض في أحد المستشفيات، «نعالج حوالي أربع حالات أسبوعياً، بسبب تناول غالبية الأشخاص جرعات زائدة من حبوب الترامادول»، مضيفاً «عادة، يعاني المريض من حالة من الهذيان، ويتقيأ باستمرار تزامنا مع إحساسه بالألم في بطنه، ويمكن أن تصل حالته إلى درجة الهلوسة، خصوصاً أن حبوب الدواء تتكون من مادة المورفين، التي لها عدد من الآثار الجانبية السلبية».
وبالرغم من أن أبا يوسف لم يدمن على حبوب المسكنات كغيره من الأشخاص، إلا أنه اضطر إلى تناول «الترامادول» وفقاً لوصفة طبية لفترة مؤقتة بعد خروجه من السجون الإسرائيلية.
ويشير أبو يوسف إلى أن بعض الممرضين يتناولون هذه الحبوب، لتمدهم بشعور من الراحة بسبب فترات عملهم الطويلة، مضيفاً أن عمال الأنفاق، يتناولونه بانتظام، لأنه يحافظ على قدرتهم على تحمل مصاعب المهنة، وليس سعياً إلى الإحساس بالمادة المخدرة فيه.
أما الطبيب حسام الخطيب (28 عاماً) الذي يحاول مساعدة الأشخاص المدمنين على الإقلاع عن تناول حبوب «الترامادول»، فيقول إن «هناك أسبابا متنوعة لإدمان الفلسطينيين على هذا الدواء وأهمها القدرة على نسيان المشاكل التي يعاني منها أبناء القطاع»، مضيفاً أن «الحصار الإسرائيلي تسبب في ارتفاع نسبة البطالة، والشعور باليأس، والإجهاد، والقلق، والاكتئاب، والمشاكل الأسرية، خصوصاً لدى الفئة الأصغر من الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم الـ15 عاماً».
ويشير الخطيب إلى أن الكمية الأكبر من هذا الدواء تدخل عن طريق الأنفاق من الحدود المصرية، حيث يصنع بعض المصريين هذه الحبوب في المنزل بهدف بيعها في ما بعد إلى الفلسطينيين، موضحاً أهمية تقديم النصيحة الطبية للأشخاص مستخدمي «الترامادول». ويقول «نحن نحاول أن نبث فيهم الشعور بالأمل، ونشجعهم على الاختلاط، ونساعدهم على إيجاد فرص عمل».
من جهته، يقول أبو يوسف إنه يجب «تشجيع المدمنين على التحلي بالصبر في البحث عن عمل، وليس الشعور بالاستسلام واليأس».
المصدر: («إنتر برس سرفيس»)
إضافة تعليق جديد