مصر: لم يعد ينقص إلاّ تحريم الكاريكاتور
الكلام عن قفا الرئيس المصري محمد مرسي ممنوع حتى لو جاء من رسام كايكاتور تخصّص في رسم قفا الرئيس المخلوع حسني مبارك. بالتالي، على الرئيس أن يتدخّل «ليؤدب» الصحافيين الذين دعموا الثورة نفسها التي جاءت بمرسي رئيساً للمحروسة. لا يفوّت الداعية ومقدم البرامج في قناة «الناس» خالد عبد الله، فرصة إلا يهاجم فيها حرية الصحافة في مصر. برنامجه «مصر الجديدة» لم يعد مخصّصاً لطرح قضايا، بل لمتابعة ما يقوله المختلفون معه في الرأي ومهاجمتهم. فقرة لا تزيد مدتها على 3 دقائق في برنامج «هنا القاهرة» لابراهيم عيسى حوّلها خالد عبد الله أخيراً إلى مناسبة للهجوم على الليبراليين «أصحاب إعلام قوم لوط» على حد قوله. يعرف عبد الله جيداً أنّ تلك الصفات تؤثر في الجمهور المستمع إليه.
والدليل أنّه ختم الهجوم بأن هؤلاء الليبراليين الذين يعتبرون أنفسهم النخبة لا وجود لهم في الشارع المنحاز للتيار الاسلامي فقط على حد قوله، أي إنه حوّل الهجوم إلى صراع انتخابي، ليؤكد الدور الذي يؤديه كل يوم هو وغيره من الدعاة المتشددين. دور لا يخرج عن التمهيد لفوز التيار الاسلامي بالاغلبية في أي انتخابات مقبلة، من خلال تشويه المعارضين بكل الوسائل. حتى إنّ عبد الله يزايد على الحرية التي التزم مرسي بمنحها للصحافة والثقافة قبل فوزه، ويعاتبه لأنه ترك الاعلاميين والصحافيين يوجهون إليه الانتقادات التي يراها هو إهانات. والبداية كانت عندما استضاف ابراهيم عيسى في برنامجه على «القاهرة والناس» أخيراً رسام الكايكاتور الأبرز في مصر عمرو سليم، الذي انفرد برسم قفا مبارك مرات عديدة قبل سقوطه. وقبل أسابيع من الثورة، هاجمه زكريا عزمي أحد اقطاب نظام مبارك، لأنه اهان أعضاء مجلس الشعب في رسم كاريكاتوري، وهدد بملاحقته قضائياً. وهو المجلس نفسه الذي انهار عقب الثورة. كل ذلك لم يشفع عند خالد عبد الله. عندما قام عيسى بسؤال سليم عن امكان رسم قفا الرئيس مرسي، رد الفنان بأنّ قفاه غير مميز فنياً، وأنّ اللافت فيه هو الذقن والنظارات. هذه الملاحظة اعتبرها عبد الله سخرية من اللحية، وخصوصاً أنّ سليم أكمل الرسم بجسد طائر، واصفاً مرسي بأنه طائر النهضة، نسبة إلى المشروع الذي قال الاخوان المسلمون إنّهم سينفذونه إذا نجح ممثلهم في دخول القصر، ثم تملصوا منه لاحقاً. وصف خالد عبد الله كل ذلك بأنّه «قلة أدب وانحطاط وابتذال وتفاهة وصفاقة»، سواء من ابراهيم عيسى، الذي يتهمه الاسلاميون بتخطي الخطوط الحمر في نقد الدين، أو من عمرو سليم، الذي يعد صاحب الكم الأكبر في رسوم الكاريكاتور، التي تنتقد مرسي خلال الايام المئة من توليه الرئاسة. المفارقة أنّ خالد عبد الله عرض صوراً للرئيس باراك اوباما وهو يستخدم المنديل لمسح أنفه في خطاب جماهيري، رداً على سخرية البعض من قيام مرسي بالفعل نفسه في زيارته الأخيرة إلى نيويورك، لكنّ عبد الله لم يسأل نفسه: هل يعتبر الأميركيون قفا أوباما خطاً أحمر في رسوم الكاريكاتور كما يريد الشيخ السلفي أن يفعل الرسامون المصريون مع قفا مرسي؟
محمد عبد الرحمن
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد