استعداداً لمواجهة إيران: انعطافة أمريكية نحو الملف الفلسطيني

21-09-2006

استعداداً لمواجهة إيران: انعطافة أمريكية نحو الملف الفلسطيني

بعد وقت قصير من تزايد الأحاديث عن ضغط أميركي إسرائيلي مشترك على الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) من أجل عدم التعاون مع حركة حماس، عادت الصحافة الإسرائيلية إلى الحديث عن انعطاف في هذا الموقف الأميركي، مشيرة إلى أن الأميركيين يضغطون الآن من أجل تنفيذ صيغة تقضي بفرض عقوبات على إيران في مقابل تسهيل المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وأشار مراسلو الصحف الإسرائيلية في واشنطن إلى أن هذه الانعطافة تجسدت في تغيير الوجهة الأميركية، من تجاهل ابو مازن إلى الضغط على إسرائيل من أجل اللقاء معه على أعلى المستويات. وبدأت هذه اللقاءات باجتماع أبو مازن مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني في الأمم المتحدة وقرب موعد اجتماعه مع رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت.
واعتبرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن سبب الانعطافة يكمن في تهديد دول اوروبا والدول العربية المعتدلة الرئيس الأميركي جورج بوش بعدم التعاون معه ضد ايران إذا لم يعمل على تحريك المسار الاسرائيلي الفلسطيني. وأشارت الصحيفة إلى أن بوش كان ينوي إبلاغ أبو مازن ان الولايات المتحدة ستقاطع السلطة اذا ادارتها حكومة تشارك فيها حماس التي ترفض الاعتراف بدولة اسرائيل. غير أنها استدركت وقالت إن بوش عاد وأخذ بالحسبان الضغط الهائل الذي يتعرض له البيت الابيض من بريطانيا والسعودية ومصر والاردن. وأشارت مراسلة الصحيفة في واشنطن، أورلي أزولاي، الى أن ممثلي هذه الدول أفهموا بوش أنه لا يمكنهم مساعدته ضد ايران اذا لم يضع على رأس سلم الاولويات النزاع الاسرائيلي الفلسطيني.
واعتبرت أزولاي أن المسؤول الوحيد في الادارة الاميركية الذي كان مستعدا لأن يتحدث علنا عن هذه الانعطافة في موقف الادارة، كان مساعد وزيرة الخارجية فيليب زيلكوف، الذي قال في مؤتمر معهد واشنطن لسياسة الشرق الادني  اذا أردنا تحقيق تقدم حيال ايران ومواجهتها بتحالف واسع، فينبغي اظهار أن هناك تقدما بين اسرائيل والفلسطينيين . وقالت ازولاي إن وزيرة الخارجية الاميركية كونداليسا رايس استشاطت غضبا عندما سمعت أنه كشف اسرارا من خلف الكواليس ونفت أقواله. أما بوش فيكتفي حاليا، وفق الصحيفة الإسرائيلية، بمحاولة نفض الغبار عن خريطة الطريق .
وركزت صحيفة هآرتس على أن الاميركيين شددوا مؤخرا على أن الادارة معنية بالتقدم في الساحة الفلسطينية. وكتب مراسل هآرتس في العاصمة الأميركية شموئيل روزنر أن زيلكوف نجح في إغضاب الكثيرين وإثارة أعصابهم، موضحا أن أحد المسؤولين وصفه بأنه ثرثار بعدما استمع إليه يوم الجمعة الفائت خلال إلقائه كلمته امام مؤتمر معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى . وقرأ زيلكوف في محاضرته المشهورة نقاطا عشرا كان قد أعدها مسبقا وخلاصتها: التقدم في محادثات السلام بين اسرائيل والفلسطينيين واجب وضرورة، وهذا أمر لا نقاش فيه.
وقال زيلكوف ربما أن هذا جيد لاسرائيل ولكن هذا ليس هو المهم، التقدم في المحادثات يعتبر أمرا ايجابيا وضروريا لاميركا . وهكذا أوضح بمنطق واضح ومحدد: اميركا مُهدَّدة، وهي بحاجة الى ائتلاف كبير لمحاربة التهديد، وبهذا الائتلاف الذي يشمل دولا اوروبية ودولا عربية معتدلة، التي تكتسي عضويتها أهمية، فإن ما يمكن أن يجعلها راضية عن هذا الائتلاف هو تحقيق نقطة معينة لصالحها وليس أكثر من السماح لتحقيق أمن الولايات المتحدة من خلال النظر الى التسوية السياسية في الشرق الاوسط. وقد بسط الأمور بالقول إن الحل بين اسرائيل والفلسطينيين مرتبط الى حد ما بالاميركيين، وحيث إن الجهود السياسية المطلوبة لهذا الغرض أثبتت فعاليتها خلال الاشهر الماضية، والدليل على ذلك أن المتشددين في حماس على حد سواء مع العنيدين في اوروبا، أخذوا يستجيبون لهذه السياسة.
ويفهم روزنر من كلام زيلكوف أن الضغط الأميركي أثمر الحكومة الفلسطينية الجديدة مثلا وبرنامجها السياسي، حيث إن الأمور باتت مطلوبة بين المعدل الوسطي الحالي والمستوى الأعلى المطلوب وليس بين المعدل الوسطي والأدنى المتطرف. ويخلص إلى أن زيلكوف يرى أن واشنطن خلال العامين الأخيرين من ولاية بوش، وما يليها ايضا ستشهد عودة الضبابية السياسية.
يطلق زيلكوف، وفق روزنر، على ذلك أسماء معينة: ايديولوجية عملية ، كما وصفتها بذلك رايس، أو موضوعية تقدمية ، كما اقترحها هو. صحيح أن الذين استمعوا لزيلكوف سمعوا أيضا رايس وهي تقول إن السياسة الاميركية لم تتغير . ولكن هذه هي طريقة العالم الآن، عندما ينسحبون يعلنون عن النصر، وعندما يُغيرون الاتجاه يعلنون أنهم يتحدثون عن مواصلة الطريق، لكن هذا لا يعني، بالضرورة، أن طريقة زيلكوف هي التي ستتغلب. الادارة الاميركية ما زالت تحتوي على قوى كبيرة ومتنفذة سوف تطلب من الادارة العليا تحديد الطريق وتصنيف هذه الأقوال ووضعها في نصابها، ولكن شيئا من هذا لن يحدث بسرعة ولن يتقدم أحد هناك لنفيها أو اعلان التنصل منها: فالموضوع الفلسطيني، مرة ثانية، تغلّب وسيطر على جدول الاعمال لدى الادارة الاميركية، واسرائيل مرة اخرى سيُطلب منها أن تُظهر العناية والاستجابة حتى وإن كان ذلك يوجب الانتظار لبعض الوقت.
وتخلص هآرتس إلى أن مسؤولين أميركيين يعتقدون أنهم أثبتوا أن سياستهم صحيحة؛ وأن حماس تتراجع، وتضعف، وأن الضغط الذي مورس عليها فعل فعله، وآخرون يقولون بأن الضغط لم يساعد في التوصل حاليا الى تغيير الواقع، والتحدث مع الموجود، قبل أن يتحول هذا الى اسوأ. وهنا، في دفتر الملاحظات توجد خمس محادثات من الفترة الماضية وجميعها تشبه ما يُقال البحث عن طرف الخيط ، لشق الطريق ، و أين يبدأ الطريق المعقد للحل ، في مقابلات نشرت كانوا يستخدمون كثيرا من هذه الأوصاف والعبارات لا سيما لدى بعض الذين يسخرون من الحلول الممكنة بدلا من مواصلة المواجهة مع اسرائيل، ولكن ايضا على الولايات المتحدة التي تريد التفرغ للعمل في المنطقة توجد حسابات كبيرة.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...