يـوم بـلا سيـارات فـي بلجيكـا
مئات آلاف السيارات لم تحرك ساكناً أمس الأول في بلجيكا. انه يوم في السنة، مكرس ليكون بلا سيارات. اكثر من ثلاثين مدينة وبلدية نظمت الحدث. العاصمة بروكسل شهدت رقماً قياسياً، اذ سجلت فيها اكبر مساحة خالية من السيارات في اوروبا، وبلغت 162 كليومتراً مربعاً.
وهي المرة الثامنة التي تنظم فيها بلجيكا هذه التظاهرة، التي تأتي أشبه باحتفال العام. المشهد الأبرز، كان رؤية الدراجات الهوائية تحتل الشوارع الرئيسية، بينما يقتصر مسارها في الايام العادية على طرقات ضيقة ومحددة. كثيرون أطلقوا العنان لهواياتهم في عرض الشوارع، أدوا الحركات البهلوانية بدراجاتهم، أو بأحذيتهم ذات الدواليب.
أسر بكاملها كانت تتنقل معاً. دراجات كبيرة للراشدين، تتبعها الصغيرة للأبناء، وحتى الأطفال الذين لا يزالون يحبون تمكنوا من المشاركة وهم مثبتون على سلال، او كراسٍ خاصة، فوق دراجات أهلهم. الشرطيون بدورهم حاولوا المواكبة، منهم من استخدم الأحذية ذات الدواليب.
الهدف من يوم كهذا، كما يقول منظموه، هو «دفع الناس الى التفكير في شأن استخدام سياراتهم في المدينة» أو الاستغناء عنها. ولإنجاح ذلك، فتح المنظمون المجال لاستخدام وسائل النقل العامة مجانا. فقط سيارات الشرطة والاسعاف سمح لها بالتنقل. من يحتاج استخدام سيارته لضرورة قصوى (توصيلات ملحة، لأغراض طبية مثلاً) كان عليه طلب اذن مسبق، ليعطى ترخيصاً مفصلاً لا يترك مجالاً للتحايل: يبين الساعة التي سيتنقل بها في سيارته، والطريق الذي سيسلكه، وغير ذلك ستتم مخالفته.
الأصوات المدافعة عن البيئة علت بمناسبة اليوم الخالي من السيارات. المتحدث باسم «خلية البيئة» الناشطة في بلجيكا، قال إن التظاهرة جعلت التلوث «اقل بكثير»، موضحاً ان نسبة اوكسيد النيتروجين كانت صباحا 49 مليغراما في المتر المكعب، وتراجعت ظهراً إلى اقل من 3 مليغرامات.
وكان إخلاء المدن من السيارات مناسبة للتذكير بكوارثها، وتذكر ضحاياها. اذ سجل في النصف الاول من عام 2009 الحالي مصرع 400 شخص بحوادث السيارات في بروكسل. لهؤلاء، ربطت باقات الزهور على الاشجار في أنحاء متفرقة من بروكسل.
وتواطأ الطقس، الذي لا يمكن توقع مزاجه، مع المنظمين. السماء الصافية جعلت الشوارع تغص بالناس. كثيرون رغبوا في القاء نظرة نادرة على مدن لا تجري في شرايينها السيارت بضجيجها ومخلفاتها. فرق موسيقية، وعروض سيرك دلفت إلى الشوارع تستقبل الناس.
البعض وجد في احتشاد الناس مناسبة للاستثمار. وزع احدهم آلاف الاسرّة ليتمكن من يريد الحصول على فطوره مع الشمبانيا وهو مستلق في سريره. بلدية بروكسل انتظرت هذا اليوم لتضمن حضورا كبيرا لافتتاح ساحة الفنون في قلبها. عربات تجرها الخيول، وأخرى تجرها الدراجات، سارت في الشوارع، مقترحة جولة فريدة في المدينة، لا يعكرها هدير المحركات او زلاتها القاتلة!
وسيم إبراهيم
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد