لغز فساد في جمعية تعاونية
تتركّز قصّة الفساد في تنفيذ المشروع الأوّل لجمعية نقابة المعلمين في طرطوس على المواد المقننة (حديد مبروم ـ حديد صناعي ـ خشب بأنواعه ـ بواري مزيبقة ـ فونت)..
التي قام متعهدو المشروع باستجرارها من مؤسسة عمران في الثمانينيات من الألفية الماضية لمصلحة مقاسم ومساكن 644عضواً في مشروع الجمعية، ولم يأخذ قسم كبير من تلك المواد طريقه إلى التنفيذ في مساكن الأعضاء، وبذلك بقيت مسؤولية المتورطين في استجرار المواد إلى غير مساكن الأعضاء لغزاً..؟!
وبعدما حصل أحد أعضاء المشروع على قرار قضائي اكتسب الدرجة القطعية عام2007، وألزم الجمعية بالتعويض على الأضرار التي لحقت به، توضّح جزءًٌ من فصول هذا الملف خصوصاً لجهة صرف الجمعية للمتعهدين قيمة أعمال غير منفذة، وعلى الرغم من تعامل التفتيش مع ذات الملف فإنّ محافظ طرطوس اقترح بتاريخ 13/1/2009 على السيّد وزير الإسكان والتعمير تشكيل لجنة رقابية لمساءلة من تثبت ارتكاباتهم للمخالفات في الملف المذكور ومخالفات أخرى قامت بها الجمعية، ولكنّ وزير الإسكان رأى ضرورة العمل بمضمون ما انتهى إليه كتاب الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش الصادر بتاريخ 1/12/2008 والذي ينصّ على )أنّه بإمكان باقي أعضاء الجمعية الادّعاء للمطالبة بالضرر الذي لحق بهم جرّاء قيمة الأعمال غير المنفذة في مساكنهم.(
وتكشف تشرين ملابسات بالجملة تحتاج إلى تدقيق من جهات أخرى مهمّتها المحاسبة سواء لجأ الأعضاء إلى القضاء أو لم يلجؤوا؟.
- إنّها المرة الثالثة التي تعتمد الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ذات الرأي في ترك موضوع المواد غير المنفذة في مساكن أعضاء المشروع الأوّل لجمعية نقابة المعلمين للأعضاء أنفسهم إذا رغبوا في اللجوء إلى القضاء للحصول على حقوقهم، وكان التفتيش حقق سابقاً في ذات الموضوع وطلب بتاريخ 2/12/1992من الجمعية متابعة موضوع تقييم مشروع الجمعية، وفي حال عدم التوصّل إلى قرار بإعادة التقييم، أن يلجأ المستفيدون منه إلى القضاء المختصّ إن رغبوا بذلك، وكرر التفتيش ذات المقترح بتاريخ 22/6/2006 في كتاب اعتماد نتائج تحقيقاته بذات الملف..
ولكن بعد صدور كتاب التفتيش بتاريخ1/12/2008 أرسل محافظ طرطوس كتاباً إلى وزير الإسكان والتعمير، بتاريخ 13/1/2009حول تتبع معالجة مقترحات التقرير التفتيشي المعتمد في 22/6/2006 وأشار المحافظ في كتابه إلى مستجدات حصلت في الموضوع تتمثّل بتنفيذ قرار الحكم رقم417 تاريخ 25/7/2007 الصادر عن محكمة الاستئناف المدنية بطرطوس والمكتسب الدرجة القطعية، والمتضمن التعويض على أحد أعضاء المشروع الأول للجمعية بمبلغ نحو 80ألف ل.س، قيمة مواد غير منفذة في مسكنه، وذكر كتاب المحافظ (بأنّ الدعوة التي أقامها العضو المشار إليه تؤكّد حق كلّ عضو في المشروع الأوّل للجمعية بالتعويض)، واقترح المحافظ تشكيل لجنة رقابية للوقوف على المخالفات المالية والقانونية والأسباب التي منعت تنفيذ مقترحات التفتيش المعتمدة أصولاً لجهة عدم تبليغ الأعضاء بأنّه من حقّهم اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالتقييم والتعويض عن المواد المقننة المستجرة لمصلحة المقاسم وغير منفذة في المقاسم، ومساءلة من يثبت ارتكابهم للمخالفات، وخاصّة أنّ متابعة دائرة تقارير التفتيش في محافظة طرطوس بيّنت أنّ هنالك تنفيذ مقترحات غير معتمدة وكتباً خاطئة ولم ينفّذ لها تصحيح السيّد غازي خضرة، محافظ طرطوس سابقاً، وخطأ في طريقة التبليغ ودعوة الهيئة العامة لجمعية نقابة المعلمين بغياب أعضاء المشروع الأوّل، أيّ وفق كتاب المحافظ ـ فإنّ الأعضاء المدعوين قاموا بتصديق حسابات مشروع آخر غير مشروعهم؟!!
- سبق وشكل الاتحاد التعاوني السكني في طرطوس لجنة فنية مختصة لدراسة وحصر كميات مواد البناء (حديد مبروم ـ حديد صناعي ـ خشب بأنواعه ـ بواري مزيبقة ـ فونت..) التي استلمها متعهدو المشروع الأوّل للجمعية ومقارنتها بالكميات المنفذة فعلياً لمصلحة المشروع، وبدأت أعمالها نهاية عام 1988 وأنجزت تقريرها الذي تم إرساله إلى محافظ طرطوس بتاريخ 12/5/1990، ومايزال التقرير بلا فعالية مع أنّه يكشف خللاًً صريحاً حدث في التعامل مع استجرار مئات الأطنان من المواد التي لم تنفّذ في مساكن الأعضاء على الرغم من تسديد الأعضاء لالتزامتهم المالية..؟!
وتوجز تشرين عينة من الارتكابات التي يكشفها تقرير اللجنة المذكورة، إذ ثلاثة مقاسم تعهد بتنفيذها السيد )أ.س ( ليس لها دفتر متعامل في مؤسسة العمران، واستجر نفس المتعهد مواد لمقسمين آخرين لمتعهد آخر هو (ح.س)، كما استجرّ المتعهدان (ن.ن) و (ف.ش) كمية نحو 155طناًَ من الحديد ولم تسجل أرقام المقاسم المستجرة لها، حيث ذكر على دفتر المتعامل في مؤسسة عمران عبارة تفيد أنّ المتعهدين والمواد استجرت لمصلحة جمعية نقابة المعلمين، ولاحظت اللجنة وجود فرق في مادة الحديد المبروم بين دفتر المساحة والكشف النهائي لخمسة مقاسم تعهدها (ي.م)مقداره 23.1// طناً، وبعد تدقيق أضابير المتعهد تبيّن أنّ المقاسم الخمسة كانت سابقاً تعهد (نفس المتعهدين اللذين استجرا 155طن حديد..) وسحبت منهما الأعمال ولم تعثر اللجنة على محضر جرد للأعمال المنفذة وكمية البيتون المسلح المنفذة من قبلهما..
وبالنسبة للحديد الصناعي والبواري وجدت اللجنة أنّ خمسة مقاسم لا يوجد لها دفتر متعامل في مؤسسة العمران، كما استجر متعهد مواد لثلاثة مقاسم تعود لمتعهد آخر، واستجر متعهدان بواري سوداء720متراً، و1040كغ من الحديد الصناعي دون ذكر أرقام المقاسم المستجر لها.. وبالنسبة للخشب وجدت اللجنة أنّ المقاسم من 7403 وحتّى 7409 لا يوجد لها دفتر تعامل في مؤسسة العمران علماً أنّه تمّ تنفيذ المنجور بكامله للمقاسم المذكورة، إضافة إلى سبعة مقاسم أخرى ليس لها دفتر متعامل، والمقسم 6101 استجر له المتعهد (م.ح) وليس له ذكر في سجلات الجمعية؟!
وأحد المتعهدين لديه دفتر متعامل واحد وهو في نفس الوقت متعهد في مشروع لجمعية أخرى، واستجر 30 لوحاً معاكساً لم يذكر لأيّ جمعية..، ولاحظت اللجنة استجرار مواد واردة في العقد وغير منفذة، واستجرار مواد غير واردة في العقد؟! ولاحظت اللجنة حصول المتعهدين على كتب من الجمعية لاستجرار مواد من مؤسسة العمران تزيد على الكمية الفعلية اللازمة لتنفيذ المقاسم؟! ولاحظت اللجنة وجود فروق واضحة (زيادة أو نقصاناً) في مساحات الشقق عن البيانات المعتمدة لدى الجمعية، ولاحظت تغييراً في مواصفات بعض المقاسم عن المخطط الأساسي..
- تكفّل القرار القضائي الذي حصل عليه أحد أعضاء الجمعية والذي اكتسب الدرجة القطعية ـ المذكور سابقاً ـ بكشف أمور في غاية الأهمية لا تنطبق على العضو الذي لجأ إلى القضاء فقط بل تكشف (الخلل) تجاه كامل المشروع الأوّل للجمعية، حيث ورد في حيثيات القرار القضائي أنّ جمعية نقابة المعلمين تهرّبت من إبراز دفتر الشروط الخاص بالمشروع، وأنّ الخبرة التي اعتمدت عليها المحكمة وجدت أنّ بعض الأعمال المنفذة في شقة المدّعي تمّت بغير المواد الواردة في الكشف التقديري، والتمديدات الداخلية غير مكتملة وتمّ صرف قيمتها للمتعهدين في الكشف التقديري..؟!
وهكذا فمن الواضح وجود الفوضى والخلل في التعامل مع استجرار المواد المقننة وأمور أخرى في الجمعية، وهذا لا يتمّ دون (تعاون وتنسيق بين أكثر من جهة وشخص)، وحتّى الآن فإنّ من (انتفع) بكسب غير مشروع في ارتكابات ملف جمعية نقابة المعلم ين في طرطوس مازال ينعم بما كسبه بعيداً عن (ساطور)المحاسبة والرقابة؟! وهل حلّ لغز الفساد في مشروع الجمعية الأوّل يتطلّب قيام 644 عضواً ب644 دعوة قضائية للحصول على حقوقهم؟! وإذا قرر الأعضاء عدم اللجوء إلى القضاء ـ لظروف عديدة ـ فكيف يمكن محاسبة المتورطين في خلل مشروع الجمعية الأوّل؟!
ظافر أحمد
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد