بعدرفع أسعار الفنادق وشركات النقل:السياحة قدتفقد أهم موسم لها منذ2004
لم تصمد الفرحة كثيراً.... إذ سرعان ما ظهر ما يعكر صفوها.
فالمؤشرات الأولية كانت تبشر بموسم سياحي متميز هذا العام بعكس الأعوام السابقة، لا بل أنها المرة الأولى التي يعترف فيها أصحاب الفعاليات السياحية بهذا الزخم والتفاؤل...
لكن يبدو أن القطاع السياحي أصبح كـ«الحزينة» التي ذهبت لتفرح فلم تجد لها مكانا، فتحريك أسعار المشتقات النفطية ترك، كما هو الحال في باقي القطاعات، تأثيرات على كلف المنتج والخدمات وبالتالي جعل الموسم السياحي «المتميز» نذير شؤوم لأصحاب مكاتب السياحة والسفر وسوف نحدد لماذا أصبح كذلك... والمشكلة كما يؤكد هؤلاء لم تعد في القرار بحد ذاته (كي لا تزعل الحكومة) بل في محاولة استغلاله وعدم استباق صدوره بدراسات علمية موضوعية... والسؤال كيف تأثرت السياحة السورية بارتفاع أسعار المازوت؟!.
يتوزع الدولار السياحي في سورية وفق ما يلي: 35% منه تذهب للمنشآت الفندقية، 15% للنقل السياحي، 15% للأدلاء السياحيين، والباقي وقدره 35% يذهب للأكل والشرب، وعلى ذلك فحدوث أية تغيرات سعرية في هذه التركيبة ستترك تأثيراتها على تكلفة المنتج السياحي السوري الذي سعى خلال السنوات السابقة ليدخل دائرة المنافسة مع المنتجات السياحية لدول المنطقة سواء من حيث الجودة والسعر.... فكيف الحال إذا كانت هذه الجهات قد اتخذت قرارا مفاجئا قضى برفع سعر خدمتها دون سابق إنذار؟!.
تشير العديد من مكاتب السياحة والسفر إلى أنها اليوم تعيش أزمة حقيقية، فهي إذا قررت العمل بالأسعار الجديدة رغم توقيعها لعقود سابقة مع بعض الشركات الخارجية المصدرة للسياحة سوف تخسر شركات مهمة عملت لسنوات على بناء علاقتها معها و الأخيرة لن تكون مشجعة للترويج لأية برامج سياحية باتجاه سورية، أما إذا فضلت المحافظة على تلك العلاقات وتنفيذ العقود الموقعة قبل تحريك أسعار المشتقات النفطية فسيكون عليها تحمل خسائر مالية تتباين نسبتها تبعا لحجم الفروقات السعرية...!!.
ونحو مزيد من التوضيح لصورة ما جرى نشير إلى بعض الأسعار الجديدة التي تم الإعلان عنها مع احتفاظنا بأسماء المنشآت السياحية، إذ أعلن أحد فنادق النجوم الخمسة في سورية عن رفع أسعار المبيت(classic) من 86 يورو إلى 110 يورو أي بزيادة قدرها 24 يورو وما نسبته 28% من السعر القديم، كذلك الأمر فعل فندق أخر في إحدى المحافظات مصنف على أنه خمس نجوم أيضا حيث رفع أجرة الغرفة (إفرادي) من 143 دولاراً إلى 180 دولاراً بزيادة قدرها 37 دولاراً وما نسبته 26%، و الغرفة (المزدوجة) من 160 دولاراً إلى200 دولار بزيادة قدرها 40 دولاراً... وفي فندق أخر ارتفعت الأسعار من 120 دولاراً إلى 150 دولاراً..
على الجانب الأخر المتعلق بشركات النقل السياحي فإن البيانات المتوفرة لدينا تشير إلى أن إحدى الشركات رفعت أسعار خدماتها بشكل كبير، فمثلا أجرة الباص التي كانت 6.5 آلاف ليرة أصبحت 14.5 ألف ليرة أي بنسبة زيادة قدرها 124% تقريباً، والباص الذي كانت أجرته 4.5 آلاف ليرة أصبحت تسعيرته الجديدة 9 آلاف ليرة سورية أي بنسبة زيادة قدرها 111% تقريباً، فيما أعلمت شركة أخرى الفعاليات السياحية بأسعارها الجديدة التي نقدم مثالا عنها حيث أن الباص الذي كانت أجرته داخل القطر 6 آلاف ليرة أصبحت اليوم 14 آلاف ليرة أي بنسبة 133.3%، والباص الذي كانت أجرته 3.5 آلاف داخل القطر أصبحت 7 آلاف ليرة أي بنسبة زيادة قدرها 100%.... طبعاً تعديل أسعار الخدمات السياحية لم يكن ليتوقف على الدليل السياحي الذي جاء بقرار رسمي من مجلس إدارة جمعية الإدلاء التي رفعت أجرة الدليل من 2000ليرة سورية يوميا إلى 3500 ليرة أي بنسبة زيادة قدرها 75%، ويجب ألا ننسى كذلك ارتفاع فاتورة المطاعم وصالات الشاي وغيرها...
هذه التغيرات التي حصلت في شهر أيار الماضي وضعت مكاتب السياحة والسفر كما قلنا سابقا في موقف حرج، و إذا كانوا هؤلاء لا يعترضون على قرار الحكومة بتحريك أسعار المشتقات النفطية كي لا تضيع معاناتهم في خضم شرح لماذا فعلت الحكومة ذلك، فإن اعتراضهم جاء على تجاهل دراسة تأثيرات ذلك على قطاع السياحة و اقتراح الإجراءات اللازمة لتخفيف قدر المستطاع من انعكاساتها السلبية، والأهم تحديد نسبة الزيادة في الكلفة وليس تركها تتحرك على هواها كما عقب على ذلك نشأت صناديقي رئيس اتحاد غرف السياحة السورية، الذي أكد إن أسعار بعض الجهات كانت أعلى من زيادة نسبة تكلفة ارتفاع سعر المحروقات، فمثلا و وفق دراسة أجراها الاتحاد فإن نسبة زيادة سعر الباص الكبير يجب أن تكون بنسبة 56% فقط لا أن ترتفع لتتجاوز 100% كذلك الأمر بالنسبة للباص السياحي الوسط الذي يجب أن ترتفع أجرته بنحو 50%، ومع أن بعض الشركات تراجعت عن أسعارها إلا أن الوضع القائم ينذر بخطورة كبيرة على موسم سياحي لم يتحقق منذ العام 2004، فالمكاتب مستعدة لأن تعمل و تحقق الكلفة فقط حفاظا على صلاتها و أملا بالموسم القادم لكنها لا يمكن أن تعمل بخسارة...
وتناول صناديقي المشكلة من جانب أخر وهو أن الجميع رفع أسعاره دون دراسة أو تدخل لجهة رسمية كوزارة السياحة أو مهنية كاتحاد غرف السياحة، وحتى شركات النقل السياحية التابعة لوزارة النقل لا سلطة إشرافية عليها... لا بل أن الاتحاد لم يستشار بتأثيرات تحريك أسعار المازوت وكأن قطاع السياحة لا يعنيه الموضوع!!.
أحد أصحاب المكاتب السياحية قدم لنا رسائل من شركات سياحية عالمية وجهت له ردا على إعلامه لهم بالارتفاع الحاصل في الأسعار، بعضها يطالبه بتنفيذ العقود الموقعة معه والبعض الأخر يطالب بمزيد من الوثائق لتأكيد ما حصل (أي أنهم لم يصدقوا ما حدث)، وبين هذا وذاك يجري البحث عن حل يمرر هذا الموسم على خير بالنسبة للجميع، فإحدى الخطوات التي تحدث عنها صناديقي واعتبرها بادرة ايجابية قيام بعض الفعاليات السياحية وعددها قليل إعلام المكاتب أنها ستعمل بدءا من تاريخ معين بالأسعار الجديدة أو أنها ستنفذ العقود الموقعة معها سابقا دون تعديل بالأسعار...
وقبل أن نختم هذه المادة دعونا نسأل وزارة السياحة.... هل كانت تعلم بما سوف يحدث؟ وهل أجرت أثناء الحديث عن قرب تحريك الحكومة لأسعار المشتقات النفطية دراسات عن تأثير ذلك على السياحة وخدماتها؟!... ما قيل لنا لا يؤكد أن ذلك قد تم ونحن ننتظر رد السياحة إذا كان لديها رد!!.
زياد غصن
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد