تحليل لما يحدث في سوريا اليوميين الماضيين
د. سامح عسكر:
واضح حجم الدعم الكبير الذي تتلقاه عصابات الجولاني وتنظيم القاعدة الإرهابي في إدلب، ومن خلال هذا الدعم والتنسيق مع قوى إقليمية ودولية نجحوا في التقدم العسكري أمس واليوم في هجوم شامل كان يهدف لاحتلال جزء من حلب بشكل أساسي لصناعة انتصار أولي يمهد للمرحلة التالية..
المراحل التالية من الحرب تستهدف سيطرة تنظيم القاعدة على محافظات حماة وحمص ودير الزور بشكل أساسي لقطع بعض طرق تهريب السلاح للمقاومة اللبنانية مثلما شرحنا أمس، أن هذا الهجوم القاعدي من أحد أسبابه توفير الضمانات الأمريكية لنتنياهو في قطع السلاح على حزب الله وفقا لاتفاق إطلاق النار بلبنان..
ومن ثم تكون المعركة الكبرى في الهجوم على دمشق جنوبا وإسقاط بشار الأسد، وإعلان سوريا (إمارة إسلامية تحكم بالشريعة) والتي من أحد أبرز أهدافها القضاء على المكون الشيعي في سوريا ولبنان أولا، وفرض الجزية على المكون المسيحي في البلدين، والالتزام مع الطرف الأمريكي بأن يكون الجنوب اللبناني منطقة آمنة منزوعة السلاح، وعقد معاهدة بين تركيا – الراعي الرسمي لتلك العصابات – وبين الولايات المتحدة تقوم في ثوابتها العليا على حسن الجوار بين إسرائيل والإمارة الإسلامية، مع الاعتماد على نصوص الشريعة وفتاوى الفقهاء التي تجيز ذلك..
طب هذا الكلام واقعي ؟..ما مستقبل الحرب؟
دعونا لا نتحدث عن مستقبل الحرب لأن من الواضح توجد مفاجآت في الطريق، فهذا الاتفاق الثنائي بين القاعدة والولايات المتحدة من خلال الوسيط التركي، كان متوقعا ولكنه لم يكن متوقعا أن يحدث بهذا الشكل، وذلك الزخم الكبير..
أولا: توجد قوى إقليمية كبيرة تقف ضد ما يحدث هم (مصر والسعودية وإيران) ومن ورائهم الأردن والعراق، فمن جهة مصر يمثل سيطرة القاعدة على سوريا خطرا على الأمن القومي تسبب في السابق في نشوء ولاية سيناء وتهديد المحافظات، وبالنسبة للسعودية يمثل هذا إحياء قيم الجهاد التكفيري وفرصة لتثوير الشارع العربي إسلاميا وهو نهج ترفضه المملكة بشكل عام، وبالنسبة لإيران والعراق فهما مستهدفين كمرحلة تالية نظرا للمكون الشيعي المطلوب القضاء عليه، وبالنسبة للأردن ستمثل سيطرة القاعدة على سوريا خطرا بصعود حركات الإسلام السياسي ثوريا في الشارع الأردني، بما يمهد لحكم جماعة الإخوان الدولة والانقلاب على سلطة الملك.
ثانيا: الإمارات يبدو أنها تقف على الحياد وتنتظر الفائز في المعركة للتعاون معه، فلو فازت القاعدة فستتعاون وفقا للشريعة الإسلامية المبجلة في الداخل، ولو فاز الجيش السوري فستتعاون معه وفقا للمبادئ العلمانية والانفتاح المرفوع من طرف الحكومة والنخبة، أما قطر فهي محرض رئيسي وداعم أساسي للقاعدة، مما يشي بصراع إعلامي وسياسي لطيف بينها وبين الإمارات لن يؤثر في مجريات المعارك بشكل عام.
ثالثا: حتى الآن لم يقرر الجيش السوري وحلفاؤه في الداخل القيام بهجوم مضاد، ولم يقرر حلفاؤه الإقليميين والدولييين (إيران وروسيا) التدخل بعد بكثافة، ربما عامل التوقيت أثر على هذا الدعم، فالولايات المتحدة اختارت توقيا تنشغل فيه روسيا بحرب أوكرانيا مما يضعف مساهماتها مع الأسد، وحزب الله مشغول بلملمة جراحه وبناء نفسه وقدراته بعد معاركه ضد إسرائيل، وأما إيران فهي لا تؤيد فكرة التدخل العسكري المباشر، ولكنها تدعم الجيش السوري بجماعات يغلب عليها المكون الشيعي مثل زينبيون وفاطميون وكتائب أبو العباس..
رابعا: عندما ينطلق الهجوم المضاد سيشتعل الشمال السوري بمعارك كبرى، وستتوقف نتائجه على رغبة روسيا وإيران بشكل أساسي، فلو أرادوا معاقبة أردوغان سيطردوا القاعدة من حلب والمناطق التي احتلتها وصولا لإدلب والعمل على نهاء حكم جماعة تحرير الشام لإدلب وأريافها بشكل نهائي، ولو أرادوا إعادة اتفاق 2020 سيعملون على طرد القاعدة من المناطق التي احتلتها فقط، مع مجازر كبرى وقصف جوي وصاروخي غير مسبوق لكافة مناطق إدلب.
شخصيا أرجح الثانية، فالجيش السوري من خلال هجومه المضاد وبدعم روسي وإيراني سيكون منفعلا للغاية، ويحدث مجازر كبرى في مدنيين إدلب التي تمثل الحاضنة الشعبية للقاعدة وحلفاءها في هيئة تحرير الشام، وكذلك لإعادة ترتيب الشرق الأوسط وفقا للمصلحة الروسية الإيرانية التي هي المعادل الطبيعي للمصلحة الأمريكية الإسرائيلية.
خامسا: لا توجد فرصة لإشعال حرب طائفية بسوريا وبلاد أخرى كالتي جرت في السابق، فالداعم الأساسي لها تغيرت مناهجه وصار أكثر انفتاحا، ويعاقب شيوخ الوهابية المحرضين لها في السجون، والإعلام العربي تغير بشكل كبير بالكف عن استخدام مفردات هذه الحرب وتعابيرها اللغوية...وستنحصر المعارك على شكل مواجهات سياسية وعسكرية بين مكونات مختلفة..
سادسا وأخيرا: للأسف سوف يؤثر هذا الصراع على معنويات وقدرة المقاومة الفلسطينية على التفاوض مع العدو الصهيوني، فداعمين المقاومة منشقين حاليا، ودعوات فرز المقاومة على أسس مذهبية دينية تتعالى، لكنه لن يؤدي لرضوخ المقاومة الفلسطينية للشروط الإسرائيلية كاملة، ربما يحدث تنازل جزئي في سبيل إيقاف الحرب بحيث يعطي القوة الاجتماعية والسياسية للفصائل الفلسطينية من جهة، ويرضي بعض الدول العربية التي وعدت بإعادة الإعمار من جهة أخرى..
واضح حجم الدعم الكبير الذي تتلقاه عصابات الجولاني وتنظيم القاعدة الإرهابي في إدلب، ومن خلال هذا الدعم والتنسيق مع قوى إقليمية ودولية نجحوا في التقدم العسكري أمس واليوم في هجوم شامل كان يهدف لاحتلال جزء من حلب بشكل أساسي لصناعة انتصار أولي يمهد للمرحلة التالية..
المراحل التالية من الحرب تستهدف سيطرة تنظيم القاعدة على محافظات حماة وحمص ودير الزور بشكل أساسي لقطع بعض طرق تهريب السلاح للمقاومة اللبنانية مثلما شرحنا أمس، أن هذا الهجوم القاعدي من أحد أسبابه توفير الضمانات الأمريكية لنتنياهو في قطع السلاح على حزب الله وفقا لاتفاق إطلاق النار بلبنان..
ومن ثم تكون المعركة الكبرى في الهجوم على دمشق جنوبا وإسقاط بشار الأسد، وإعلان سوريا (إمارة إسلامية تحكم بالشريعة) والتي من أحد أبرز أهدافها القضاء على المكون الشيعي في سوريا ولبنان أولا، وفرض الجزية على المكون المسيحي في البلدين، والالتزام مع الطرف الأمريكي بأن يكون الجنوب اللبناني منطقة آمنة منزوعة السلاح، وعقد معاهدة بين تركيا – الراعي الرسمي لتلك العصابات – وبين الولايات المتحدة تقوم في ثوابتها العليا على حسن الجوار بين إسرائيل والإمارة الإسلامية، مع الاعتماد على نصوص الشريعة وفتاوى الفقهاء التي تجيز ذلك..
طب هذا الكلام واقعي ؟..ما مستقبل الحرب؟
دعونا لا نتحدث عن مستقبل الحرب لأن من الواضح توجد مفاجآت في الطريق، فهذا الاتفاق الثنائي بين القاعدة والولايات المتحدة من خلال الوسيط التركي، كان متوقعا ولكنه لم يكن متوقعا أن يحدث بهذا الشكل، وذلك الزخم الكبير..
أولا: توجد قوى إقليمية كبيرة تقف ضد ما يحدث هم (مصر والسعودية وإيران) ومن ورائهم الأردن والعراق، فمن جهة مصر يمثل سيطرة القاعدة على سوريا خطرا على الأمن القومي تسبب في السابق في نشوء ولاية سيناء وتهديد المحافظات، وبالنسبة للسعودية يمثل هذا إحياء قيم الجهاد التكفيري وفرصة لتثوير الشارع العربي إسلاميا وهو نهج ترفضه المملكة بشكل عام، وبالنسبة لإيران والعراق فهما مستهدفين كمرحلة تالية نظرا للمكون الشيعي المطلوب القضاء عليه، وبالنسبة للأردن ستمثل سيطرة القاعدة على سوريا خطرا بصعود حركات الإسلام السياسي ثوريا في الشارع الأردني، بما يمهد لحكم جماعة الإخوان الدولة والانقلاب على سلطة الملك.
ثانيا: الإمارات يبدو أنها تقف على الحياد وتنتظر الفائز في المعركة للتعاون معه، فلو فازت القاعدة فستتعاون وفقا للشريعة الإسلامية المبجلة في الداخل، ولو فاز الجيش السوري فستتعاون معه وفقا للمبادئ العلمانية والانفتاح المرفوع من طرف الحكومة والنخبة، أما قطر فهي محرض رئيسي وداعم أساسي للقاعدة، مما يشي بصراع إعلامي وسياسي لطيف بينها وبين الإمارات لن يؤثر في مجريات المعارك بشكل عام.
ثالثا: حتى الآن لم يقرر الجيش السوري وحلفاؤه في الداخل القيام بهجوم مضاد، ولم يقرر حلفاؤه الإقليميين والدولييين (إيران وروسيا) التدخل بعد بكثافة، ربما عامل التوقيت أثر على هذا الدعم، فالولايات المتحدة اختارت توقيا تنشغل فيه روسيا بحرب أوكرانيا مما يضعف مساهماتها مع الأسد، وحزب الله مشغول بلملمة جراحه وبناء نفسه وقدراته بعد معاركه ضد إسرائيل، وأما إيران فهي لا تؤيد فكرة التدخل العسكري المباشر، ولكنها تدعم الجيش السوري بجماعات يغلب عليها المكون الشيعي مثل زينبيون وفاطميون وكتائب أبو العباس..
رابعا: عندما ينطلق الهجوم المضاد سيشتعل الشمال السوري بمعارك كبرى، وستتوقف نتائجه على رغبة روسيا وإيران بشكل أساسي، فلو أرادوا معاقبة أردوغان سيطردوا القاعدة من حلب والمناطق التي احتلتها وصولا لإدلب والعمل على نهاء حكم جماعة تحرير الشام لإدلب وأريافها بشكل نهائي، ولو أرادوا إعادة اتفاق 2020 سيعملون على طرد القاعدة من المناطق التي احتلتها فقط، مع مجازر كبرى وقصف جوي وصاروخي غير مسبوق لكافة مناطق إدلب.
شخصيا أرجح الثانية، فالجيش السوري من خلال هجومه المضاد وبدعم روسي وإيراني سيكون منفعلا للغاية، ويحدث مجازر كبرى في مدنيين إدلب التي تمثل الحاضنة الشعبية للقاعدة وحلفاءها في هيئة تحرير الشام، وكذلك لإعادة ترتيب الشرق الأوسط وفقا للمصلحة الروسية الإيرانية التي هي المعادل الطبيعي للمصلحة الأمريكية الإسرائيلية.
خامسا: لا توجد فرصة لإشعال حرب طائفية بسوريا وبلاد أخرى كالتي جرت في السابق، فالداعم الأساسي لها تغيرت مناهجه وصار أكثر انفتاحا، ويعاقب شيوخ الوهابية المحرضين لها في السجون، والإعلام العربي تغير بشكل كبير بالكف عن استخدام مفردات هذه الحرب وتعابيرها اللغوية...وستنحصر المعارك على شكل مواجهات سياسية وعسكرية بين مكونات مختلفة..
سادسا وأخيرا: للأسف سوف يؤثر هذا الصراع على معنويات وقدرة المقاومة الفلسطينية على التفاوض مع العدو الصهيوني، فداعمين المقاومة منشقين حاليا، ودعوات فرز المقاومة على أسس مذهبية دينية تتعالى، لكنه لن يؤدي لرضوخ المقاومة الفلسطينية للشروط الإسرائيلية كاملة، ربما يحدث تنازل جزئي في سبيل إيقاف الحرب بحيث يعطي القوة الاجتماعية والسياسية للفصائل الفلسطينية من جهة، ويرضي بعض الدول العربية التي وعدت بإعادة الإعمار من جهة أخرى..
إضافة تعليق جديد