في نقد الموروث الإسلامي

 د.سامح عسكر:

كان الفيلسوف محمد إقبال يرى أن الفتوحات الإسلامية هي التي أعادت الوثنية للمجتمع الإسلامي، ولم تنشر الإيمان الحقيقي كما هو شائع، فانشغالهم بالسياسة والغزوات أعاد إحياء القيم الوثنية الجاهلية القديمة التي ثار عليها الإسلام، وبرغم بناء العرب امبراطورية عظيمة لكن هذه الامبراطورية في الحقيقة لم تكن مؤمنة كما ينبغي بل أضاعت القيم الأخلاقية والكونية في القرآن..

رؤية إقبال يمكن فهمها بعلم الاجتماع

فالمسلمون كانوا عدة قبائل عربية صغيرة في بداياتهم لا يتجاوز تعدادها الكلي (مئات الآلاف)..قراراهم بالتوسع السياسي بعد موت الرسول أدى لدخول شعوب وأعراق لهم (بعشرات الملايين) فانصهرت هذه القبائل في الشعوب الوافدة ودخلت إليهم عقائد من تلك الشعوب هي التي سادت طوال العصرين الأموي والعباسي، ومن تلك الشعوب ظهرت عقائد أهل الحديث الكثيرة التي دخلت على القرآن حتى عجزوا عن احتواء تلك العقائد الدخيلة فقرروا تقديمها على القرآن وسميت بعد ذلك (بالسنة)

أي لو ظلت قبائل العرب الصغيرة في مكانها ما أدى ذلك لتحريف الدين بهذا الشكل، ولانحصر التحريف في جانب التأويل فقط لا إضافة نصوص دينية جديدة جرى تقديسها باسم السنة..

وسياسيا لا يمكن الحفاظ على مركز الدولة وثقافته في ظل التوسع السياسي في الأطراف، فدولة المسلمين توسعت بالأطراف جدا حتى وصل امتدادها في العصر الأموي ل 15 مليون كم مربع تقريبا من الشرق إلى الغرب، وهذا التوسع في حقيقته هو (ثقب أسود) ابتلع الدين الإسلامي وجعله رهينة لرجال الدين والبلاط السياسي..برغم أن القرآن ثائر على فكرة الكهانة ورجل الدين بالأساس..وينهى عن التقليد والاتباع الأعمى، في المقابل يأمر بالفكر والتدبر ، مما يعني أن جوهر ذلك الدين لم يختلف عن سابقيه المسيحي واليهودي في الأمر بالفكر والتدبر والعقلانية والأخلاق وسط مجتمع وثني فاسد..

وليس كل مجتمع وثني هو فاسد اجتماعيا وسياسيا بالضرورة، لكن التاريخ وبعض النصوص الدينية والآثار تحكي أن المجتمعان الروماني والعربي كانوا فاسدان بالفعل، وبعد التوسع العربي والغزوات جرى استيراد كل قيم وأعراف هذا المجتمع الفاسد باسم الشريعة والسنة، حتى انتقل هذا المرض الخطير للمسلمين أنفسهم وظلوا يحاربون بعضهم 300 عام حروب أهلية كان التكفير وسيف التبديع والتفسيق فيها هو الحل لحشد الجماهير للجيوش..