خرافات عن عقيدة قتل المرتد

25-10-2022

خرافات عن عقيدة قتل المرتد

د.سامح عسكر :

أولا: لا توجد فرقة اسمها المرتدين معروفة لها رئيس ونائب ومسئول وجيوش.. إلخ،  لأن الردة تهمة بالأساس لكل مختلف بالرأي، فمن يقول بقتل المرتد يقول عمليا بقتل معارضيه ومخالفيه، والشيوخ سامحهم الله لم يوضحوا تلك الحقيقة لتلاميذهم لكي يكون عقاب المعارض شرعيا.. 

‏ثانيا: خرافة شائعة أن حضارة المسلمين في السابق حدثت بتطبيق الشريعة التي من ضمنها قتل المرتدين..وهذا غير صحيح،  فحضارة المسلمين حدثت حين تفككت الدولة العباسية لدول سنية وشيعية فكان هناك حرية رأي، بينما قتل المرتد هو الذي صنع تخلف العقل المسلم بمنعه للاجتهاد وإرهاب كل فقيه نفسيا..

‏ثالثا:  فقهاء وسلف المسلمين الأوائل علموا حقائق كثيرة كتموها خوفا من سلاح قتل المرتد، وهذا هو السر في التشابه الكبير بين فقه السابقين واللاحقين..فجميعهم ساروا على خط السلطة خوفاً من الاتهام بالردة، ولم يتشجع عقل الفقهاء سوى منذ نهاية القرن 19 بعد إلغاء الدولة العثمانية للشريعة..

‏رابعا: قتل المرتدين ليس قضية عقائدية أو فقهية بل هو قضية سياسية محضة تساوي الآن تهمة "الخيانة" لذا فالموكول باتهام وتطبيق الردة لم يصدر غالبا من الفقهاء بل من الحكام والأمراء، والسر في ذلك أن سلطة الوالي قديما كانت مقدسة بالجبر فصار الخروج عليها يساوي الكفر بالله وبالتالي الردة..

‏خامسا: فقهاء كثيرون اتهموا بالردة لأسباب سياسية، والذي كان يحميهم وضعهم السياسي وقربهم من الأعيان كالإمام أبي حنيفة النعمان أشهر من اتهم بالردة والمروق من الدين، لكن قرب النعمان من الأعيان حفظه من بطش الأمراء،  لكن مفكرين آخرين قتلوا بالردة لضعفهم كالجعد بن درهم وغيلان الدمشقي والجهم بن صفوان.. وغيرهم.. 

‏سادسا: الله في القرآن لعلمه المسبق أن الإنسان مستبد بطبعه وعلى استعداد لفعل الشر من أجل مصالحه وأطماعه لم يقرر أي عقوبة للمخالفين بالرأي ونهى تماما عن ذلك بآيات صريحة، لكن الخلفاء أوعزوا لفقهاء بلاطهم بتعطيل القرآن وإقناع الجمهور بالردة فكان الظهور الأول لقضية نسخ القرآن بالسنة..

‏سابعا: خطأ شائع هو الاعتقاد بأن الفرق الإسلاميّة كالمرجئة والمعطلة والجهمية..وغيرهم هي فرق سياسية لها قادة وزعماء وجيوش معروفين، هذه كانت آراء فقهية واجتهادات فكرية تم تصنيفها من طرف الخليفة ثم الحُكم بكفرها وضلالها وتطبيق حد الردة على منتسبيها..والنتيجة شيوع الخوف من الاجتهاد.. 

‏ثامنا: أي لو كنا نعيش زمن الخلافة والشريعة في الماضي لأضافوا لتلك الفرق الكافرة فرق أخرى هي العلمانية والاشتراكية والليبرالية والقومية.. إلخ،  بل يضيفون فرقا أخرى منتسبة لأشخاص تعارضهم كالعيسوية والبحيرية والقبانجية والعسكرية.. وغيرهم، فالأصل أن كل مختلف بالرأي هو لديهم كافر مرتد.. 

‏تاسعا وأخيراً: لأن حد الردة بالأصل هو مجرد تهمة للمعارضين تورط السلفيون في سوريا والعراق..وغيرهم بقتل سلفيين آخرين مثلهم معتقدين أن ذلك حدا شرعيا، وفي الحقيقة عندما يختلف السلفي مع أخيه سوف يتهمون بعضهم بالردة ومن ثم يتحاربون،  وهذا هو السر في انشقاق الجماعات لمئات الفرق وتقاتلهم دينيا..

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...