تغيَّرَت النسخة الأولى للإسلام بعد عبورها لبَوَّابات الزَّمان والمكان: نحو بلاد الشَّام ومصرَ والعراق وسائر بلدان العالم القديم خلال القرون الهجريَّة اللاحقة. ومنذُ انشقاق معاوية عن المصدر المُحَمَّديِّ والراشدي، بدأت نسخة الإسلام الأُمويِّ بالتَّشكُّل، بعد الفتنة الكبرى، حيث باتت السِّياسةُ مرتبطةً بالاقتصاد والسُّوق أكثرَ منها بالأيديولوجيا الإسلامية المؤسِّسة، وعلى هامش النُّسخة المُحَمَّدية والأُمَويَّة، تشكَّلَت نسخةُ الخوارج المناهضين لحكومات قريش. وغيرُ بعيد عن دمشق الأموية، كانت نسخةُ الإسلام العبَّاسيِّ المعارِضة قد بدأت بالتَّشكُّل في بغداد لتحلَّ محلَّ الأُمويَّة بعد مرور ثلاثة أجيال على صدورها، وكذا كان الأمر في العصر العباسيِّ الثَّاني حيث تشكَّلت مدارسُ جديدةٌ صادرةٌ عن شركتين متنافستين هما الشِّيعة والسُّنَّة، كمثل (مايكروسوفت وآبل)، لتُصَدِّرا بدورهما نسخاً فرعيَّةً تمَّ وَسْمُها بالمذاهب: فالشَّركةُ السُّنِّيَّة أصدرت نسخاً لمذاهب الحَنَفيَّة والمالكيَّة والشَّافعيَّة والحنبليَّة، بينما أصدرت شركةُ الشِّيعة نسخاً لمذاهب الجعفريَّة والزَّيديَّة والظَّاهريَّة والإباضيَّة...