قمة «التعديل الجيني»: جدل بين الأخلاق والعلم
احتدم الجدل أمس الاول، حول استخدام أساليب حديثة للتعديل الجيني للحيوانات المنوية للرجل أو بويضات الأنثى أو الأجنة البشرية، بعدما التأم شمل علماء واختصاصيين في الأخلاقيات العلمية في قمة دولية لمناقشة هذه التقنية التي يمكنها تعديل التركيب الجيني لأطفال سيولدون في المستقبل.
واستضافت القمة التي تستمر ثلاثة أيام، مدينة واشنطن الأميركية، وتشارك فيها الاكاديميات الأميركية القومية للطب والعلوم، والأكاديمية الصينية للعلوم، والجمعية الملكية في بريطانيا.
وطالبت جماعات عدة خلال القمة بوضع قيود على استخدام هذه التقنية المعروفة باسم «كريسبر - كاس 9»، والتي فتحت آفاقاً جديدة في مجال الوراثة الطبية، نظراً إلى قدرتها على تحوير الجينات بسرعة وفعالية.
وطالبت رئيسة قسم اللاهوت الاخلاقي الكاثوليكي في جامعة «لويولا» في شيكاغو، هيلي هاكر، أمس، بفرض حظر دولي مدته عامان على الأبحاث المتعلقة بتعديل الخلايا الجنسية للإنسان، وهي التغييرات التي ستنتقل إلى النسل الجديد.
واعتبرت هاكر أن مثل هذه الممارسات «تمثل انتهاكاً لحرية الاطفال الذين لم يولدوا بعد ممن لم تتح لهم الفرصة للموافقة على تعديل نسقهم الجيني».
لكن استاذ الاخلاقيات الحيوية في جامعة مانشستر في بريطانيا جون هاريس طالب، من جهته، بالانحياز الى التكــنولوجيا الحيوية.
وقال هاريس إنه «لدينا جمـــيعاً واجب أخلاقي لا مفر منه، ألا وهو المضي قدماً في البحوث العلمية الى النقطة التي نصل فيها الى خيار رشيد. ولم نصل بعد الى هذه المرحلة. يبدو لي أن اللجوء الى المنع ليس المسار الصحيح، إذ ان الأبحاث ضرورة».
وتتيح هذه التقنية الحديثة للعلماء تعديل الجينات من خلال «مقص» جيني يضاهي في عمله برنامجاً حيوياً لمعالجة النصوص يمكنه رصد التشوهات الجينية واستبدالها. ويقوم العلماء في غضــون هذه التقنية بإدخال انزيمات تلتـــصق بجين متطفر يمكن ان يسبب الأمراض ثم يقوم الانزيم إما باستبداله وإما اصلاحه.
ويقول مؤيدو هذه التقنية إنها يمكن ان تسرع من اليوم الذي سيتمكن العلماء فيه من منع الاصابة بالأمراض الوراثية، فيما يشعر معارضوها بالقلق بشأن الآثار المجهولة على الأجيال المقبلة، علاوة على ميل الآباء في المستقبل الى دفع مبالغ مقابل تحسين النـــسل، مثل مستوى الذكاء لدى الابناء ورفع القدرات الرياضية.
وبدا وجود اجماع عريض خلال الاجتماع على تعديل الخلايا «الجسمية»، وهي التي تختص بالتغييرات في غير الخلايا الجنسية المسؤولة عن التكاثر، وهي بالتالي لا تنتقل الى النسل الجديد، الأمر الذي لا يمثل خطراً كبيراً.
ويرى بعض العلماء أن الوقت قد فات لحظر استخدام أي تقنية تختص بالخلايا الجنسية للإنسان، لأنها تقنية يسهل الدخول اليها وتشيع بصورة كبيرة داخل المختبرات.
لكن باحثين وعدداً كبيراً من الشركات الصغيرة الناشئة التي تتلقى تمويلاً كبيراً، والتي تأمل بترويج هذه التقنية تجارياً، ينتابها قلقٌ بالغٌ بشأن القوانين المحتملة.
وأصدرت شركتان بياناً مشتركاً أمس يتعهد بعدم الاستعانة بالتقنية الجديدة لتعديل الحيوانات المنوية للرجل أو بويضات الانثى أو الأجنة، وقال مسؤولون في هاتين الشركتين إن هذا الجدل مهم، لكنه سابق لأوانه.
وإذا استخدمت هذه التقنية الحديثة للتعديل الجيني الأجنة، فإنها تبشر بالقضاء على الكثير من الأمراض، لكن الكثير من العلماء يساورهم القلق من حدوث آثار مجهولة غير مأمونة العواقب لدى الأجيال المقبلة، لأن هذه التغييرات ستنتقل للذرية.
ويشير العلماء إلى أن هذه التقنية يمكن استخدامها لتعديل الحمض النووي (دي ان ايه) في الخلايا غير الجنسية بغرض اصلاح الجينات التالفة، فيما تنصب المعارضة على التعديل الجيني للخلايا الجنسية المسؤولة عن التكاثر.
وقالت مجموعة من الخبراء مؤخراً إن الأبحاث المتعلقة بالتعديل الجيني للأجنة البشرية، على الرغم من الجدل المثار حولها، ضرورية لاكتساب فهم جوهري لبيولوجيا الأجنة في مراحلها الأولية ما يستلزم فتح الباب أمامها.
وكان علماء صينيون قد أحدثوا ضجة على المستوى الدولي عندما أعلنوا في نيسان الماضي انهم قاموا بالتعديل الجيني للأجنة البشرية. وفيما تتيح هذه التقنية للعلماء رصد وتعديل او تغيير التشوهات الجينية، يقول المنتقدون إن بإمكانها ايضاً ولادة أطفال «حسب الطلب».
(رويترز)
إضافة تعليق جديد