الإذاعات الرقمية فرصة الحرية للشباب المغربي
أصبحت الإذاعات الرقمية وسيلة جديدة تستهوي الشباب المغربي لما توفره من فرص لحرية التعبير، خصوصاً في ظل المشهد الإعلامي الذي تحتكر فيه الدولة وسائل الإعلام المرئية، أو حتى تركيز الإذاعات الخاصة على الربح التجاري.
ومن خلال حاسوب وميكروفون فقط يمكن الاستماع إلى صوت المذيع، الذي يرحب قائلاً: «مستمعينا الكرام أهلا بكم على إذاعة كيك راديو». هذا ما يحتاج إليه غسان من أجل إطلاق إذاعته الإلكترونية «كيك راديو». وهو يتوجه بها إلى الشباب من خلال صفحتها على «فايسبوك»، التي تضم أكثر من 120 ألف معجب.
إذاعة «كيك راديو» هي نموذج لمجموعة من الإذاعات الرقمية، التي تتخذ من الإنترنت منبراً لها. أصحابها من بين الشباب الذين وجدوا في هذه الوسيلة أفضل طريقة للتعبير عن آرائهم بحرية. فالإذاعة الرقمية أصبحت جزءاً من مسار الثورة الرقمية بسبب سهولة إنشائها وتواصلها مع الجمهور، ومن المنتظر أن تصبح من أهم وسائل الإعلام في المستقبل.
منبر جديد للتعبير عن الرأي
مع انطلاق ثورة مواقع التواصل الاجتماعية، التي ساهمت في قيام عدد من الحركات الاحتجاجية في الدول العربية، بدأ الشباب المغربي يعبر عن رفضه لمضامين معظم وسائل الإعلام في المغرب، والتي تنقسم بحسب الصحافي غسان بن شيهب إلى «إعلام حكومي بخطاب رسمي، يتجلى فيه حضور الشباب كمتفرج، من دون مشاركة في النقاش السياسي والاجتماعي، أو القنوات الخاصة التي أصبحت تروج لخطاب ترفيهي وتربط الشباب بكل ما هو ترفيهي واحتفالي لتقلص من دوره في المجتمع».
لم يعد يجذب هذا المضمون الإعلامي الشباب المغربي، خصوصاً بعدما وجد في مواقع التواصل الاجتماعي فضاءات للتعبير بحرية أكبر، فأصبح يتجه إلى إعلام بديل يستجيب إلى تطلعاته. وفي هذا السياق يقول الشاب محمد شكيح (19 عاماً)، وهو صاحب إذاعة «هيت ميت راديو» إن «ما جعلني أفكر في إنشاء هذه الإذاعة هو أننا نحن الشباب لم نعد نجد أنفسنا في وسائل الإعلام التقليدية. ثم إن الإنترنت أصبح يعبر عن عالم الشباب. ومن أراد الحديث معهم فعليه أن يدخل إلى عالمهم».
وبالتالي، لا يعود إنشاء إذاعات رقمية فقط إلى عدم استجابة وسائل الإعلام المغربية لتطلعات الشباب، ولكن أيضاً إلى ضيق هامش الحرية الممنوح لوسائل الإعلام هناك، «ففي المغرب تكثر الخطوط الحمراء التي يجب عدم تجاوزها، كما يتخوف العديد من الإذاعات من إثارة مواضيع حساسة. أما عبر الانترنت فهناك حرية أكبر للتعبير عن آرائنا وتقاسمها مع أبناء جيلنا من دون خوف من الرقابة أو منع نشرها، ولا أحد يستطيع التحكم في الانترنت»، يقول بن شيهب.
مجهودات فردية ووسائل بسيطة
خلافاً للبث الإذاعي عبر الأثير، الذي يتطلب إمكانيات كبيرة وموارد بشرية ومالية قوية، فإن الإذاعات الرقمية تعتمد على حاسوب وميكروفون ولوحة رقمية لتعديل الصوت.
شكلت خصوصية البث عبر الانترنت وضعف الموارد المرصودة حافزا لمحمد شكيح للمضي قدماً في مشروعه، ويستمع إلى إذاعته «هيت ميت راديو» أكثر من 300 ألف شخص شهرياً. وهو يقول: «حتى الآن، أعمل وحدي، ومعي بعض الشباب المتعاونين الذين يرسلون برامجهم عبر الانترنت كي أقوم ببثها في الإذاعة. لدي فقط حاسوب وميكروفون، وبرغم ذلك فهناك تفاعل كبير مع الشباب، غير أني أطمح إلى أن يعمل معي صحافيون محترفون لتطوير الإذاعة وجعلها أكثر مهنية لتنافس الإذاعات الأخرى».
الإعلام الرقمي... إعلام المستقبل
وفي خضم الجدل الدائر حول مدى قدرة الإنترنت على السيطرة على القطاع الإعلامي والتواصلي، فلا شك بأنه لم تعد هناك من وسيلة إعلامية تستطيع الاستغناء عن الانترنت لنقل رسالتها.
وفي هذا السياق يقول الصحافي حمزة الترباوي إنه «مع الاستخدام المكثف للانترنت في مجالات كثيرة، بدأت المؤسسات الإعلامية تتجه رويدا رويدا نحو الإعلام الاجتماعي على اعتبار أنه الوسيلة المستقبلية في الإعلام. وبالنظر إلى التطور التكنولوجي للأجهزة الإعلامية، حيث يؤخذ الإنترنت في صناعاتها بالاعتبار، فقد يساهم ذلك في خلق ثورة على المستوى الاستهلاكي للأجهزة، ولما تقدمه من منتجات إعلامية من خلال التكنولوجيا المتطورة فيها».
وفي هذا السياق هناك مثلا «راديو الغد» وهي إذاعة فنية عربية، دمجت البث المباشر في شبكات التواصل الاجتماعي لتقدمه في نافذة واحدة. وهذا ما دعا حمزة الترباوي للقول إن «مستقبل الإعلام هو في المنصات الرقمية».
(عن «دويتشه فيلله»)
إضافة تعليق جديد