مصر: السلفيون يتطلعون إلى ملء فراغ «الإخوان»
هل يكون السلفيون هم الفصيل الإسلامي الوحيد الفائز من الإطاحة بمحمد مرسي وجماعة «الإخوان المسلمين»؟
الإجابة تبدو سهلة قياسا إلى أن «حزب النور» السلفي كان الطرف الوحيد من تيار الإسلام السياسي الذي شارك في الاتفاق على ما بات يعرف بـ«خريطة طريق ما بعد الإخوان»، متوافقا مع الجيش على الإطاحة بمرسي مقابل إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتعيين المستشار عدلي منصور رئيسا مؤقتا. بل ربما ما حدث مع «الإخوان» يفتح الباب لـ«النور»، الذي يعد أكبر فصيل إسلامي منظم سياسيا بعد «الإخوان»، لأن يتطلع لأن يكون الوريث السياسي للجماعة.
لكن الإجابة الدقيقة عن السؤال ذاته تستوجب معرفة ما يدور داخل الحزب نفسه، وما تعده بقية الأحزاب الإسلامية الأخرى، خاصة بعد رفض «الإخوان» دعوة الرئيس الجديد بالتعاون معه، متمسكة باعتبار الثورة الشعبية التي أطاحت برئيسهم انقلابا عسكريا، الأمر الذي يخرجهم نظريا من المشهد السياسي مؤقتا.
الأمين العام لـ«حزب النور» جلال المرة، والذي مثله في اتفاق نقل السلطة، أكد لـ«السفير» أن الأسباب التي دفعتهم للمشاركة في الاتفاق مع الجيش هو حقن الدماء والخوف من الدخول في حرب أهلية، مضيفا «رغم أني أعلم يقينا أن ثمن مشاركتنا في ذلك ربما يصل إلى حد إهدار دمي أنا شخصيا»، في إشارة ضمنية إلى الهجوم الشرس الذي وصل إلى حد التهديد بالقتل من قبل أنصار «الإخوان» عقب عزل مرسي.
الأمين العام للحزب السلفي أوضح أن مشاركة حزبه في الاتفاق الذي تم مع الجيش أنقذ الدستور من تغيير هويته، لافتا إلى أن «النور» كان الطرف الذي ظل متمسكا بالاتفاق على تعطيل الدستور لا إلغائه، كما دعا إلى ذلك رئيس «حزب الدستور» محمد البرادعي، مرجعا ذلك إلى أن السلفيين لم يوافقوا على إلغاء الدستور الذي يضم مواد تحافظ على «الهوية الإسلامية» للبلاد.
مصادر من داخل حزب «النور» أكدت لـ« السفير» أنهم يدركون الصدمة التي تعرض لها أنصار «الإخوان»، وإمكانية أن يكون لذلك عواقب عنيفة، خاصة عقب إصدار «الدعوة السلفية»، التي انبثق عنها «حزب النور»، لبيان تدعو فيه أنصار «الإخوان» عقب عزل رئيسهم «لعدم التظاهر في الشوارع وترك الميادين والعودة لبيوتهم ومساجدهم». وأضافت المصادر أن «ردود الفعل المتوقعة من الإخوان لن تثنينا عن استكمال التنسيق مع الجيش والقوى السياسية الأخرى في ما يتعلق بلجنة المصالحة الوطنية وتسمية رئيس وزراء جديد»، مشددة على أنه «لم يتم الاتفاق على شخصية محددة تتولى الحكومة حتى الآن».
لكن صدمة عزل «الإخوان» من الحكم، تركت أثرا في صفوف كثير من الإسلاميين، بعضهم يتعلق بنظرية المؤامرة على ما يسمونه بـ«المشروع الإسلامي»، والآخر يتعلق بضرب شعبية التيار الإسلامي في مقتل بعد فشل الإخوان.
رئيس «حزب الإصلاح» السلفي عطية عدلان قال إن «عزل مرسي هو سيناريو تم وضعه قبل الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، وان هذا كان متوقعا»، مضيفا أن «عمل الأحزاب ذات المرجعية الدينية بشكل عام أصبح شبه مستحيل، وهناك مجموعة كبيرة من المشايخ تدرس عدم الاستمرار في اللعبة السياسية».
أما المتحدث الرسمي باسم «حزب الأصالة» السلفي حاتم أبو زيد، فقال إن «استمرار الأحزاب الإسلامية في الحياة السياسية أصبح صعبا، خصوصا في الفترة المقبلة، وما تشهده من عملية إقصاء واضحة وصريحة».
ويمثل حزبا «الإصلاح» و«الأصالة» قطاعا محدودا بين السلفيين، لكن يبدو أن «حزب الوطن» الذي يترأسه عماد عبد الغفور، مساعد مرسي السابق، والذي ينظر إليه باعتباره الحزب السلفي الذي تأسس برعاية نائب مرشد «الإخوان» خيرت الشاطر، لا يزال يتمسك بالعمل السياسي، بل ومحاولة اللحاق بما يحدث من إعادة ترتيب للأوضاع.
ورغم أن عبد الغفور نفسه قال، قبل يومين فقط من انطلاق تظاهرات 30 حزيران المليونية، أن «التظاهرات ستمر مرور الكرام» وأنه يستحيل تلبية مطالب المعارضة وأنه يرفض إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فإن الحزب اصدر بيانا أمس بدا فيه أنه يوافق ضمنا على الإطاحة بمرسي. وقال إن «الحزب يطالب بتوضيح ملامح الحياة السياسية والدستورية في الفترة المقبلة من قبل القيادة العامة للقوات المسلحة، والتي يناط بها حفظ الأمن وضمان التحول الديموقراطي في الفترة المقبلة مع التأكيد على نبذ كل أشكال الإقصاء» وأكد أنه «لم ولن يكون أبدا طرفا في أي خلافات تهدم ولا تبني تدمر ولا تعمر».
وقد يمثل «الوطن» واجهة سياسية تتحدث عبرها «الإخوان» لاحقا إذا ما تمسكت بعدم الاندماج مجددا في الحياة السياسية، لكن هذا متوقف على عدم ملاحقة رئيس «حزب الوطن» نفسه قانونيا، باعتباره كان مساعدا لمرسي، ولم يقدم له النصيحة اللازمة لعلاج الأزمات المتتالية، والتي تسبب عناد «الإخوان» في ملامستها إلى حدود الحرب الأهلية.
محمد هشام عبيه
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد