حجاب الورع يخنق تونس الجديدة
يوم الأربعاء الماضي، أوقف ثلاثة صحافيين تونسيين في جريدة «التونسية» بتهمة المساس بالأخلاق العامة، هم: مدير الجريدة نصر الدين بن سعيدة، ورئيس التحرير الحبيب القيزاني، والصحافي محمد الهادي الحيدري. وجاء ذلك بعدما نشرت الصحيفة صوراً وُصفت بـ«الفاضحة» للاعب كرة القدم الألماني من أصل تونسي سامي خضيرة مع حبيبته عارضة الأزياء لينا غيرك. وأصدر قاضي التحقيق في المكتب الخامس عشر في المحكمة الابتدائية، قراراً بسجن نصر الدين بن سعيدة، ما أثار صدمة في أوساط الإعلاميين التونسيين.
وكان أحد الكتّاب في الجريدة قد قال إنّ الصحيفة تعرّضت لتهديدات إثر نشر الصور، ما استدعى انتشار عناصر الأمن لحراستها من أي اعتداء محتمل.
محامي الجريدة التي تأسّست بعد ثورة الكرامة، وصف المحاكمة بالسياسية، ولا تعبّر إلا عن نية بعض الأطراف الحكومية في الالتفاف على مبادئ الثورة، وأولها حرية التعبير والإبداع. هذه الحادثة طرحت الكثير من علامات الاستفهام لدى أهل الرأي العام والقطاع الإعلامي في تونس، ولا سيما أنّ عملية الإيقاف جرت حسب القانون العام، وتحديداً حسب القانون الجزائي، ولم تعتمد على فصول قانون الصحافة. وهي تندرج في السياق ذاته الذي جرت فيه محاكمة قناة «نسمة» بعد بثها فيلم «برسيبوليس» الذي اتُّهم بالتعدي على الذات الإلهية.
وكان الاتحاد الدولي للصحافيين من أولى الهيئات التي أصدرت بياناً مسانداً للصحافيين، رافضاً عملية إيقافهم. وقد قال رئيس الاتحاد جيم بوملحة إنّ إيقاف ثلاثة صحافيين يؤكد وجود قوى مضادة في تونس ترفض تكريس حرية التعبير والصحافة، ودعا الاتحاد في بيانه الدولة التونسية إلى احترام التزاماتها مع مبادئ حقوق الإنسان التي تنصّ في جزء منها على حرية الصحافة والتعبير.
وقد أصدرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين بياناً عبّرت فيه عن رفضها لإيقاف الصحافيين الثلاثة، لما يحمله ذلك من تعسف واضح في استخدام القانون. وأصدرت «النقابة العامة للثقافة والإعلام» في «الاتحاد العام التونسي للشغل» بياناً أعربت فيه عن قلقها من تكرار هذه الممارسات التي تشلّ حرية الإعلام والصحافة، مشيرة إلى أنّ إيقاف الصحافيين الثلاثة سابقة خطيرة انتهكت حرماتهم الجسدية وتعاملت معهم كمجرمين، داعية أهل القطاع إلى المزيد من اليقظة أمام هذه الهجمة الممنهجة لضرب حرية الإعلام والإبداع. ودعت النقابة إلى الإفراج الفوري عن الصحافيين، وتوفير محاكمة عادلة لهم بعيداً عن الخلفيات السياسية أو الأخلاقية. وأصدرت «الجمعية الوطنية للصحافيين الشبان» و«جمعية مديري الصحف»، و«النقابة التونسية للصحف المستقلة والحزبية» بيانات تندد بإيقاف صحافيي جريدة «التونسية».
كذلك أصدر «مركز تونس لحرية الصحافة» بياناً دعا فيه إلى إخلاء سبيل الصحافيين الموقوفين، ووضع حدّ للملاحقة القضائية في حقهم والعمل على تنقية القطاع من الرواسب التي خلّفها النظام السابق والشروع في فتح حوار وطني جدي حول واقع القطاع الإعلامي وآفاقه المستقبلية في ظل الثورة التي حدثت في تونس.
من جهتها، أصدرت العديد من الصحف التونسية بيانات تضامنية مع «التونسية»، رغم أنّ عمليات إحالة الصحافيين على الجهاز القضائي بتهم مختلفة تكرّرت كثيراً في تونس بعد الثورة.
ناجي الخشناوي
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد