مشاكل خريجي الجامعات الارمنية تطفو على السطح
يوم الخميس الماضي كان يوماً حامي الوطيس، مسرحه قاعة الباسل في وزارة التعليم العالي التي غصت بأكثر من /350/ طالباً وطالبة من خريجي الجامعات الأرمينية الخاصة، جلسوا وجهاً لوجه مع معاون وزير التعليم العالي الدكتور نجيب عبد الواحد، وممثلين عن الاتحاد الوطني لطلبة سورية باسم سودان نائب رئيس الاتحاد، وكنج فاضل رئيس مكتب الفروع الخارجية.
الطلبة كانوا يعرفون سلفاً ما سيقوله السيد المعاون وممثلو الاتحاد، فجلسوا يستمعون على مضض وكأن الأمر لا يهمهم، رغم محاولات الدكتور عبد الواحد زرع الأمل في نفوسهم عندما خاطبهم قائلاً: أمامكم فرصة نادرة لم تمنح لغيركم فلا تيأسوا.
مضيفاً: أنا أعرف ان الطريق شاقة، لكن ليست أكثر مشقة من طريق طالب طب يدرس في الجامعات السورية يكدح في الليل والنهار ليحظى بشهادة طب متميزة...
غير ان هذا الكلام لم يرق لأغلبية الطلبة الذين يعتبرون ان شهادتهم صحيحة على عكس ما تقوله وزارة التعليم العالي «شهادات فاسدة.. شهادات منبوذة حتى من دولها..».
تفاصيل الحكاية المشكلة، كما رواها الدكتور نجيب عبد الواحد، تعود لأيام انهيار الاتحاد السوفييتي أوائل تسعينيات القرن الماضي، حيث ظهرت في تلك الفترة عدة جامعات خاصة تتاجر بالعلم الفاسد!!.
وللأسف قال السيد المعاون: ان عدداً كبيراً من الطلبة السوريين تفاعلوا مع هذه الجامعة ولم يحسبوا حساباً ليوم التخرج، وتفاقمت هذه الحالة خلال الأعوام الماضية، حيث كثرت أساليب التحايل على الشروط المطلوبة من قبل وزارتي الصحة والتعليم العالي في سورية لمعادلة الشهادات الأجنبية.
وعندما كشفت هذه الأساليب سحب الاعتراف بالشهادات الممنوحة من الجامعات الأرمينية الخاصة، وكان ذلك في الشهر السادس من العام الفائت، وبذلك توقف كل من يزاول مهنة الطب أو الصيدلة بموجب هذا القرار!!.
اما بالنسبة للذين على مقاعد الدراسة، فطلب منهم الانتقال إلى جامعات حكومية سواء في ارمينيا أو خارجها، وللمتخرجين القدامى والجدد طُلب منهم مبدئياً إجراء سنة ترميمية في جامعة حكومية غير سورية، لكن عندما تبين ان هناك صعوبة وعدم جدية في الترميم، ونزولاً عند رغبة بعض الخريجين، أعيد النظر بالقرار وسمح للخريجين بالترميم داخل جامعات القطر، لأن الترميم فيها أجدى وأضمن من جميع النواحي الاجتماعية والأمنية والصحية كما قال الدكتور عبد الواحد.
هذا الكلام كله لم يقنع الطلبة الذين يدعون ان وزارة التعليم العالي ومعها وزارة الصحة تريدان قتل أحلامهم وسحب شهادتهم، علماً انهما، (أي الوزارتان) سبب كل المشكلة كما قال الطلبة بالإجماع!!.
هذه وجهة نظر فيها شيء من الصحة، لأن عدداً من الخريجين كانوا يدرسون في جامعات حكومية معترف بها في سورية، ولكن الظروف التي رافقت انهيار الاتحاد السوفييتي أثرت على سير دراستهم ودفعت بعضهم للالتحاق بجامعات أخرى عملت على طمس تاريخهم الجامعي السابق وأعطتهم شهادات موحدة فيها قوائم مواد وتاريخ انتساب جديد وتخرج، فضاع هنا الصالح بالطالح، وهذا ما اعترف به السيد معاون الوزير، وكذلك جعل لجنة دراسة اعتراضات الطلبة تشعر بأنها غاصت في مستنقع ويصعب عليها الخروج منه.
باسم سودان نائب رئيس اتحاد الطلبة، وكنج فاضل رئيس مكتب الفروع الخارجية، وجدا أنفسهما أمام اتهام مباشر من قبل الطلبة بأن الاتحاد لا يدافع عن مصالحهم وحقوقهم رغم تأكيد سودان بأن المشكلة في طريقها إلى الحل مع ملاحظة أوردها «من شهادته صح ستكون أموره صح»، غير ان هذه الملاحظة لم تعجب الطلبة الذين طالبوا بإلغاء فحص السبر والدخول فوراً إلى السنة الترميمية، علماً ان وزارة التعليم تركت الفرصة مفتوحة أمام الطلبة للتقدم لفحص السبر بشكل مستمر حتى ينجحوا...
إذاً مشكلة هؤلاء الخريجين تعود لتطفو على السطح من جديد بعد سنتين من إثارتها!!.
ربما التباطؤ في إيجاد الحلول المناسبة يعود لحساسية المشكلة، ومع ذلك هذا لا يبرر كل هذا التأخير أمام حالة تتعلق بمستقبل مئات الطلبة، نحن على قناعة بأن عدداً منهم ظلم، وبالوقت نفسه نحن ضد هذا الفساد العلمي القادم عبر الحدود، ومع ذلك نأمل بمرونة أكثر بالتعامل مع هؤلاء الطلبة، وبرأينا من بدأ بداية صحيحة سيتخطى امتحان السبر، ومن بدأ بداية خاطئة سيقتنع ويتراجع، ونأمل له حظاً أوفر.
غسان فطوم
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد