كابول: جداول زمنية وهمية للخروج من أفغانسـتان
توافق ممثلو أكثر من 70 دولة ومنظمة دولية خلال مؤتمر كابول الدولي أمس، على مجموعة تحولات في استراتيجية التعامل مع الازمة الأفغانية المتصاعدة منذ الاحتلال الاميركي الاطلسي قبل تسع سنوات، أبرزها تحديد العام 2014 موعدا لتسلم القوات الحكومية مسؤولية الامن في البلاد، ومرور 50 في المئة من المساعدات الدولية للتنمية عبر الموازنة الحكومية التي لطالما اتهمت بالفساد الشديد.
لكن مصداقية الأجندة الامنية القائمة على تدريب القوات المحلية، ومد اليد لمقاتلي طالبان، بدت هشّة، عندما قتل جندي افغاني أميركيين اثنين خلال تدريبات على الرماية، بعدما اجبرت صواريخ طالبان التي أوقع مقاتلوها قتيلين آخرين للاحتلال، طائرة تقل الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووفدا أوروبيا رفيعا، على تغيير وجهتها والهبوط في قاعدة باغرام الجوية، فيما اكد وزير الخارجية الايراني المشارك في المؤتمر، منوشهر متكي، أن زيادة قوات الاحتلال ستزيد الوضع الأمني سوءا، مستبعدا أي تغيير ايجابي في المدى المنظور.
- وفي البيان الختامي لمؤتمر كابول الذي عقد أمس، أعربت «المجموعة الدولية عن دعمها هدف الرئيس الأفغاني الذي يقضي بأن تتولى القوات المسلحة الوطنية الأفغانية قيادة العمليات العسكرية في كل الولايات قبل نهاية العام 2014»، مقابل «تعهد الحكومة الأفغانية رفع عديد قوات الامن والجيش الأفغانيين». كما دعم»المشاركون مبدأ برنامج السلام والمصالحة في افغانستان، المفتوح لجميع الأفغان من المعارضة المسلحة... الذين يتخلون عن العنف ولا يقيمون علاقات مع منظمات ارهابية دولية ويحترمون الدستور... وتكرر المجموعة الدولية دعمها هذا المجهود عبر صندوق السلام وإعادة الاندماج».
كما اعلنت الحكومة الافغانية أنها ستبدأ حوارا مع مجلس الأمن الدولي في عملية «شفافة ومبنية على ادلة لسحب عناصر (من طالبان)، من اللوائح السوداء الواردة في قرار مجلس الأمن الرقم 1267».
أما التحول الأبرز الذي شهده المؤتمر الدولي، فكان في الاستجابة لمطلب الرئيس الأفغاني حميد قرضاي، عبر إقرار «مرور 50 في المئة على الأقل من المساعدة المخصصة للتنمية عبر موازنة الحكومة الأفغانية خلال سنتين»، بدلا من نسبة الـ 20 في المئة الحالية، رغم الاتهامات المتكررة بالفساد المستشري في مؤسسات الإدارة الحكومية الأفغانية، فيما اعلن صندوق النقد الدولي توصله الى اتفاق مع كابول حول شروط منحها قرضا بقيمة 125 مليون دولار.
- قرضاي أكد تصميمه في افتتاح المؤتمر، على «ان تكون قواتنا الامنية الوطنية الافغانية مسؤولة عن جميع العمليات العسكرية والامنية في البلاد بحلول العام 2014»، وأعرب عن امله في التوصل «خلال الأشهر المقبلة» إلى «اتفاق حول إجراءات هذا الانتقال»، فيما اعلن الامين العام للحلف الأطلسي أندرس فوغ راسموسن ان قوات الاحتلال ستبقى في افغانستان بعد الفترة الانتقالية لتقوم بـ«دور مساند» للقوات الافغانية، كما اعتبرت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون أن المؤتمر شكل «منعطفا» مع تبني خطة «لم نشهد أبدا مثلها»، ورأت أن العملية الانتقالية «مهمة جدا بحيث لا يمكن تأجيلها إلى ما لا نهاية، مضيفة ان هذا الموعد (2014) هو بداية مرحلة جديدة وليس نهاية تدخلنا»، ومؤكدة «ليس لدينا اي نية في التخلي عن مهمتنا الطويلة الامد الرامية الى (قيام) افغانستان مستقرة، آمنة وسلمية».
اما وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير فشدد على أن «السلام يصنع مع اعداء الامس» واعتبر «ان الانتخابات التشريعية المرتقبة في ايلول المقبل (ستكون) اختبارا هاما» لقدرة عناصر طالبان سابقين على الاندماج في اللعبة السياسية الديموقراطية. كما اعرب كوشنير عن تمنيه الا تدفع النساء «ثمن تسوية سياسية متسرعة» في حين تثير اليد الممدودة الى طالبان قلق المنظمات غير الحكومية المدافعة عن حقوق النساء. ولفت الى ان «الامور لا تصطلح بين ليلة وضحاها، وان جيران افغانستان سيبقى لهم ثقل حاسم واحيانا مفرط».
من جانبه، حذر متكي الذي استبعدت ايران لقاءه كلينتون على هامش مؤتمر كابول، من أن «زيادة عديد القوات الاجنبية تزيد الوضع الأمني سوءا ولا يتوقع أي تغيير ايجابي في المستقبل المنظور».
في هذا الوقت، أطلق جندي أفغاني النار خلال تدريبات عسكرية في مدينة مزار شريف الشمالية، على المحيطين به ما ادى إلى مقتل أميركيين وجنديين أفغان، كما قتل جنديان للاحتلال جراء انفجار عبوتين في جنوب البلاد، ولم تعط قيادتهما تفاصيل إضافية عن مقتلهما. وبذلك ترتفع حصيلة قتلى الاحتلال في افغانستان منذ الغزو في العام 2001، إلى 1950 قتيلا، بينهم 382 سقطوا خلال العام 2010. ومن هؤلاء، قتل 102 خلال شهر حزيران الماضي الذي شهد تصعيدا لعمليات طالبان، كما شهر تموز الحالي الذي شهد حتى الآن مقتل 60 جنديا للاحتلال.
وكانت طائرة تقل الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ووزير خارجية السويد كارل بيلد إلى كابول، اضطرت إلى تحويل وجهتها إلى مطار قاعدة باغرام التابعة لقوات الاحتلال، بسبب إطلاق صواريخ قرب مطار كابول.
وفي واشنطن، اعتبر الرئيس الاميركي باراك اوباما ان المؤتمر شكل «خطوة كبيرة إلى الأمام» في القضية الأفغانية، وذلك في مؤتمر صحافي أعقب استقباله رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، الذي اعتبر ان تسليم الأفغان المسؤولية الأمنية بحلول العام 2014، «هدف واقعي».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد