الأســعار قد ترتفع مجــدداً وتقلبــات الصــرف لــم تســعف
الملخص: تتوقع المنظمة العالمية للأغذية «فاو» أن يشهد العالم موجة جديدة من ارتفاع اسعار السلع والمواد الغذائية مشابهة للموجة التي شهدها بين عامي 2008-2009، التي أدت الى ارتفاع غالبية السلع بصورة جنونية، إذ أن هذه السلع ستتأثر بالتغيرات الاقتصادية التي طرأت على الاقتصاد العالمي بما فيها تذبذب أسعار الصرف ووقوع الأسواق في هوة مجهولة النتائج يستحيل معها التكهن أو تقدير المستقبل!.
وتنسحب هذه التوقعات على الأسواق المحلية، فعلى الرغم من انخفاض سعر صرف اليورو مقابل الدولار، إلا أن أسعار غالبية السلع الغذائية المستوردة من أوروبا لم تنخفض بل يمكن القول أن بعضها قد ارتفع بنسب كبيرة، فيما تؤكد المؤشرات التي رصدتها جمعية حماية المستهلك أن الوتيرة تصاعدية الاتجاه بعد أسابيع من عدم الاستقرار!
- إذاً أسواق السلع السورية ليست بعيدة عما يشهده العالم بل وربما تكون ذات نصيب كبير من التأثير، فأسعار الحبوب ارتفعت متأثرة بالطلب المتنامي على الوقود العضوي خصوصا أسعار القمح التي تتقلب بطريقة مذهلة، فضلا عن عدد من المؤثرات في العرض التي أدت بدورها الى استفحال أسعار عدد كبير من السلع الغذائية، كارتفاع أسعار الطاقة والظروف المناخية وازدياد الطلب العالمي وما سيتبعه من ارتفاعات متتالية.
وتتحدث الفاو عن ارتفاع اسعار السلع الغذائية في عام 2010 بمعدل يبلغ 11٪ وخصوصا فاتورتا السكر ومشتقات الحليب التي ستكون أكبر من انخفاض فاتورة أسعار الحبوب، وسترتفع فاتورة الاستيراد في البلدان الأقل تطورا بنسبة 10٪، وفي تفاصيل الأسباب لا تنفي جمعية حماية المستهلك الأسباب الخارجية لارتفاع الأسعار، إلا أنها في المقابل تحمل مسؤولية فلتان الأسعار الى بعض المحتكرين والتجار وإلى ثقافة الجشع الموجودة لدى البعض اضافة الى الفجوة الكبيرة في متوسط دخل الفرد فيما لمستوردي المواد الغذائية رأي آخر في أسباب ارتفاع الأسعار وكلها عوامل خارجية وليست داخلية.
وتصف غرفة تجارة دمشق ذلك «بالاستثنائي» حيث تشهد الأسواق ارتفاعا لأسعار المواد الغذائية خصوصا الحليب ومشتقاته ويختصر التجار أسباب هذه الزيادة بارتفاع سعر النفط عالميا اضافة الى لجوء بعض الدول الى الطاقات البديلة ومنها الطاقة الزيتية.
وفي المقابل انخفض سعر صرف اليورو مقابل الدولار، وبما أن غالبية هذه السلع مستوردة من دول أوروبية ، فلم يغط خفض سعر العملة الأوروبية الفارق في الارتفاع الناجم عن أسباب مختلفة.
إذا لا يتعلق الأمر بسعر اليورو وحده، بل هناك أسباب أكثر عمقا تتعلق بعناصر عدة مرتبط بعضها ببعض مثل أسعار النفط والاستهلاك المحلي والأوضاع البيئية وكوارث الطقس والمناخ... «فالسعر عالميا لا ينعكس بالضرورة نفسها في السوق المحلية» وفقا لمديرة التخطيط في وزارة الاقتصاد سمر قصيباتي التي أشارت إلى أن السبب بسيط، وينقسم الى معطيين: الأول أن السوق المحلية هي حاصل تجمع التضخم المحلي والمستورد. والثاني هو تغير سعر صرف اليورو مقابل الدولار.»
- واستدعت ظاهرة الارتفاعات المتتالية لأسعار المواد الغذائية من الحكومة سلسلة من الاجراءات المتكاملة بدأت بقرارات فرض قيود على الصادرات الزراعية ووقف تصدير بعض السلع مرورا بتأسيس عدد من صناديق دعم الانتاج الزراعي والصادرات.
بيد أن مصادر في وزارة الاقتصاد ترى «أن جميع هذه الاجراءات لا تكفي لمواجهة ظاهرة ارتفاع الأسعار ما لم تلحق باجراءات أخرى كإعفاء جميع المواد الغذائية والاستهلاكية المستوردة من الرسوم الجمركية والغاء أو تخفيض رسوم الانفاق الاستهلاكي على كافة المواد الغذائية في الخارج والداخل الأمر الذي من شأنه بحسب المصادر-أن يساعد المنتج على المنافسة ويوفر بحبوحة في الاقتصاد يشعر بها المواطن بشكل مباشر.»
مصادر وزارة الاقتصاد نفسها دعت في ظل ارتفاع الاسعار مجدداً «إلى ضرورة التراجع عن تحرير بعض المواد الغذائية والأسعار ووضع ضوابط لها إذا ثبت أنها ليست لصالح المواطن واعداد دراسات دقيقة تحدد آلية معينة للتصدير تأخذ بالاعتبار الفترة الزمنية لايقاف التصدير للسلع والمواد أو فرض قيود معينة مع ضرورة الاعلان الرسمي لها».
وأشارت في السياق «أن هناك مجمعات تجارية ضخمة في الدول الأخرى غالباً ما يكون لها أنظمة وقوانين تحكمها ولها حصة كبيرة في السوق وتستخدمها شريحة واسعة من المستهلكين يمكن أن توفر اليوم بديلاً جيداً فيما لو تم تحريرها من بعض القيود التنظيمية المتعلقة بتسويقها للمواد الاستهلاكية بهدف تخفيف هوامش الربح ضمن سلسلة التوريد للعديد من السلع الاستهلاكية».
-وحيث أن الضغوط التضخمية بدأت بالظهور مع بداية العام مترافقا مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية ، يبدي اقتصاديون مخاوفهم من عودة معدلات التضخم القياسية خلال النصف الثاني من العام بعد أن سجل الرقم القياسي للأسعار ثاني صعود له في شهر نيسان الماضي إلى حدود 5٪ .
هذا وكان من المفترض أن تتراجع أسعار السلع الاستهلاكية في السوق المحلية خلال العام الحالي بسبب ارتفاع حجم مستورداتنا وتغيرات سعر الصرف إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث، ويرى بعض الاقتصاديين: «أن على الدولة طالما لاتريد التدخل في تحديد الأسعار بشكل مباشر أن تتدخل كمستورد لهذه السلع حتى تجبر التجار على تخفيض هوامش الربح الخيالية التي يحققونها من وراء استيراد السلع بأسعار منخفضة وبيعها بأسعار خيالية».
- إذاً قد تتسم توقعات ارتفاع الأسعار والتضخم مجدداً بواقعية في ظل ازدياد الحديث عن عودة نشاط الاقتصاد العالمي، فرئيس صندوق النقد الدولي كان قد تحدث أخيراً عن تشغيل محرك النمو ما يعني أن الطلب على النفط متجه إلى الارتفاع ويبدو أننا قد نحطم المعايير مرة أخرى على صعيدي التضخم والأسعار لذا فالدعوة حالياً موجهة صوب احتراز يكفل الخروج من المأزق قبل وقوعه مجدداً عبر تقوية الاقتصاد بحيث يعتمد بالدرجة الاولى على استيراد أقل للسلع والخدمات والتوجه نحو زيادة الصادرات واعادة تأهيل قطاع المؤسسات ، فتكتسب بانتاجيتها قدرة على المنافسة في الأسواق الخارجية وتوسع حصتها فيها.
أمل السبط
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد