اغتصاب الطفولة
(بنات هالأيام ما بيتحملو شي) بهذه العبارة جُرّمت تلك الفتاة التي أدخلت غرفة العمليات في إحدى المستشفيات بعد ليلة زفافها التي كان يتوجب عليها أن تتحمل ذلك الرجل "الفحل" الذي فرّغ رجولته في رحمها الصغير. أمها وأخوتها كن خجلات من ضعف جسدها الذي لم يقو على تحمل ليلة الزفاف فكيف له أن يعارك الحياة الزوجية مع هذا الثور البشري.
أما أم زوجها وبنات عمها(أخوات زوجها ) فكن ممتعضات من سوء اختيارهن لهذه الفتاة التي عكرت صفو ليلة زفاف ابنهن ولكنهن في الوقت ذاته كن فخورين بهذا الابن البطل الذي أثبت للجميع فحولته العالية.
لم أستطع إلا أن أحشر أنفي بين تلك النسوة اللاتي استطعن أن يلفتن أنظار كل من في المستشفى بألسنتهن.
علمت أن الفتاة التي ينتظرون خروجها من غرفة العمليات تعرضت لتمزق في الرحم ليلة زفافها .
حاولت أن أخوض معهن في الحديث أكثر فأكثر فتبين أن الفتاة عمرها أربعة عشر عاما جاءت مع زوجها من ديرالزور لتقضي شهر العسل في اللاذقية .
عندما لاحظن استغرابي من هذه الحادثة أخذت النساء تتحدث كل واحدة عن ليلة دخلتها التي كن فيها يتعرضن للعنف ونزف الدم الحاد دون أن ينبسن بكلمة واحدة بينما أخذت هذه الفتاة تصرخ وتتألم حتى اضطر العريس لنقلها إلى المستشفى.
ما أثار ذهولي أن الفتاة تعرضت للنزف الحاد ليلة زفافها التي قضتها في ديرالزور ثم جاءت إلى اللاذقية مع زوجها "الفحل" لتقضي شهر العسل وهذا يعني أنها كابدت الآلام خلال سفرها لأكثر من يومين حتى تكرم عليها زوجها ونقلها إلى إحدى المستشفيات في اللاذقية لتجعل العائلة تلحق بها إلى غرفة العمليات وهم مستاءين من هذا التصرف الأخرق لفتاة حمقاء لا تستطيع أن تتحمل أقل ما يمكن من الآلام التي تنتظرها في حياتها الزوجية المقبلة.
تمثلت أمامي حياة الأنثى في مجتمع يحتاج لغرفة عمليات بكل موجوداتها تقص.. تجتث.. ترمم..تصعق.....
فأمام غرفة العمليات كانت مجموعتان تنتظران خروج الفتاة، المجموعة الأولى أهل العريس الفخورين بابنهم الفحل والمجموعة الثانية أهل العروس الخجلين من هشاشة ابنتهم.
وبينهما تتصارع مجموعة إنسان بل مشروع إنسان هو تلك الفتاة التي ستفصّل على مقاس المجموعتين.
الفضول جعلني أتسلل إلى أهل العروس لمعرفة ماذا سيحل بالفتاة بما أنهم سيقررون ذلك دون الرجوع إليها.
رميت بهذه العبارة لأم الفتاة (تستطيعون تقديم شكوى على العريس) جاءت عبارتي كصفعة على وجهها شعرت أنها ستردها لي بصفعة أكبر فرمقتني بنظرة حادة وصرخت في وجهي وما شأنك أنت؟. فوصلني الجواب ولكن شعرت أن سؤالي كان غبياً جداً فمن يزوج ابنته بمثل هذا العمر بمباركة القانون ويتركها تكابد الآلام وهي في طريقها لشهر العسل المعسول لا يتوقع منه إلا أن يؤد ابنته في قفصها الذهبي ليصفق أبواب الأمل في وجه أحلامها الموءودة وطفولتها المسلوبة وآفاقها المحدودة.
صفاء شيخ عيد
المصدر: الثرى
التعليقات
أنا شخصيا برأيي
إضافة تعليق جديد