فلسطينية تروى مشاهد احتراق عائلتها خلال العدوان على غزة
لم يتبق من عائلة موسى في حي الزيتون سوى الفتاتين فتحية وأختها حنين، حيث لا تفارقهما مشاهد استشهاد ستة من أفراد عائلتهما بمن فيهم الأبوان تحت نيران القصف الإسرائيلي لمنزلهم خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.
وتنتظر الأختان على أحر من الجمر عودة أخيهما محمود متعافياً من رحلة علاجه بأحد المستشفيات المصرية ليلتئم شمل ما تبقى من هذه العائلة في منزلهم الذي كان أشبه بخلية النحل، وتحول بعد تعرضه للقصف الصاروخي إلي بيت أشباح، ولا تقوى أي من الأختين على الولوج إليه إلى هذه اللحظة.
لكن مشاهد الفاجعة تأبى أن تفارق ذهن فتحية (17 عاما) التي عجزت كلماتها عن وصف ما رأته، وهي تشاهد أجساد أفراد عائلتها تتحول إلى أشلاء ممزقة ومحترقة يتصاعد منها الدخان.
وتقول الفتاة التي لا تزال تعيش وقع الصدمة "فجأة وبدون سابق إنذار انقض صاروخ طائرة إسرائيلية على منزلنا ليباغتنا ويقتل أبي وأمي وإخوتي الأربعة".
واستطردت بصوتها الخافت ووجها الشاحب "بينما كنت جالسة بغرفتي أنا وأختي حنين، وباقي أفراد العائلة في إحدى الغرف المجاورة، وقع صوت انفجار قوي أسقطني من السرير وتسبب في خلع باب الغرفة فوق أختي حنين، وتطاير زجاج النافذة".
وأضافت الفتاة "كنت أظن لحظة وقوع الانفجار أنه بعيداً عن البيت وأن منزلنا لن يكون هدفاً لقوات وأسلحة الاحتلال الإسرائيلي، كونه يقع وسط منطقة سكنية مكتظة بالسكان ويبعد كثيراً عن المناطق التي شهدت اجتياحاً للجيش الإسرائيلي".
وفور خروج فتحية لسؤال أهلها عن مبعث الانفجار، فوجئت بالدخان والنيران تتصاعد من داخل البيت وأدركت حينها أن منزلهم هو من تعرض للقصف، وبدأت حينها بالنداء علي أبيها وأخيها الكبير وحيد للاطمئنان عليهما لكنها لم تتلق جواباً من أحد.
وتابعت "توجهت صوب الغرفة الكبيرة التي كان يوجد فيها أفراد العائلة وصعقت وأنا أرى أجساد العائلة تحترق، فحاولت التماسك من شدة الصدمة إلا أن الخوف تمالكني فخرجت من البيت مسرعة وأنا أطلب مساعدة الجيران".
واستطردت الفتاة "بعد أن خرجت من المنزل طلباً للمساعدة سيطر علي مشهد رؤيتي لولادتي وأخي محمود وهما يتحركان ويتنفسان، فأسرعت مرة أخرى للبيت وبدأت أسكب الماء على محمود الذي كان نصف جسده السفلي يحترق.
وأوضحت أنها نجحت برفقة خالها أبو عفيف الذي كان أول من هبوا لمساعدتها من نقل كل من محمود والأم خارج المنزل إلى أن وصلت سيارة الإسعاف، إلا أن الأم لفظت أنفاسها الأخيرة قبل أن تصل المستشفى.
أما الخال أبو عفيف الجراح، فيصف لحظة استهداف المنزل بالمرعبة والمخيفة وغير المتوقعة. وأضاف "بقيت مساعدتي في إخلاء الجثث والأشلاء المتفحمة فاقداً للوعي ثلاث ساعات أصبت خلالها بالهستيريا تأثراُ من هول الموقف".
وذكرأن مشاهد جثث عائلة أخته التي كانت تلتهمها النار لا تغادر مخيلته حتى هذه اللحظة، مشيراً إلى أنه ينتظر محمود الذي فقد نصف جسده السفلي من علاجه بمصر كي يشد من أزر أختيه اللتين لا تكفان عن السؤال.
لكنه تساءل وعيناه تفيضان بالدمع "كيف سيتولى محمود مسؤولية أختيه وهو مبتور القدمين وبحاجة ماسة إلى من يقف إلى جانبه ويساعده ويشد من أزره هو الأخر؟".
أحمد فياض
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد