قلعة صلاح الدين بسوريا لؤلؤة حجرية
طريق ضيق متعرج بين الوديان يوصلك إلى قلعة صلاح الدين الأيوبي التي صنفتها منظمة اليونسكو منذ 2006 موقعا من مواقع التراث العالمي، وتقع قرب بلدة الحفة على بعد 33 كيلومترا شرق مدينة اللاذقية، وتبدو جاثمة على رأس صخري مثلث الشكل، مرتبط من جهته الشرقية بالهضبة المجاورة، ويحيط بالقلعة من الجهتين الشمالية والجنوبية واديان عميقان يشكلان مجاري للمياه.
ترتفع القلعة 450 مترا عن سطح البحر ويبلغ طولها 740 مترا، وتزيد مساحتها عن خمسة هكتارات، وللوصول إلى القلعة يتحتم اجتياز خندق حجري ضخم حفر يدويا ويتوسطه عمود حجري.
وتتميز القلعة -التي تقع بوابتها البرجية بعد 141 درجة حجرية صعودا- بتنوع أنماط البناء التاريخي فيها، حيث تظهر علائم كل حقبة مرت بها، وهو ما يجعلها "عظيمة ومختلفة" كما تقول ميري التي تعمل ضمن البعثة السورية الفرنسية المشتركة للتنقيب في القلعة.
الخندق الحجري المحفور يدويا بالأزاميل وفي وسطه مسلة (الجزيرة نت)
فالقلعة التي سميت باسم صلاح الدين الأيوبي "عرفت قديما بقلعة صهيون" وتعني بالسريانية الصخرة العالية أو البرج العالي، كما يقول جمال حيدر مدير متحف اللاذقية.
ويضيف متحدثا عن تاريخها بأن البيزنطيين احتلوها عام 975، واستمرت فترة احتلالهم لها حوالي 120 سنة إلى أن سيطر عليها بعد ذلك الفرنجة لمدة ثمانين عاما، وليتم تحريرها في عام 1188 على يد صلاح الدين الأيوبي.
وتشير مؤلفات ابن الأثير وعماد الدين الأصفهاني وابن شداد -وكانوا يرافقون جيش السلطان الأيوبي- إلى أن تحرير القلعة كان "بوصول صلاح الدين الأيوبي إلى القلعة برفقة ابنه الظاهر غازي، حيث خيما مع جيشهما بالقرب من القلعة في 26 يوليو/تموز من عام 1188، وأخذا يتأملان القلعة ويدرسان تحصيناتها لإعداد خطة لمهاجمتها بنصب المنجنيقات" التي ترمي الحجارة، وأثمرت خطتهما باستسلام الفرنجة بعد ثلاثة أيام.
ويصف عماد الدين الأصفهاني حالة الفرنجة في القلعة عند مهاجمتها فيقول "واستولى على أهلها الرعب واستشرى بهم الكرب وصاحوا الأمان ونزلوا الإذعان فأعطاهم السلطان الأمان".
ويقول ابن شداد في مؤلفاته واصفا تسامح صلاح الدين "أنعم عليهم السلطان على أن يسلموا بأنفسهم وأموالهم ويؤخذ من الرجل عشرة دنانير ومن المرأة خمسة ومن الصغير ديناران وهكذا سلمت القلعة".
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد