صدور نشرة دورية حول اتجاهات الاقتصاد السوري
صدر مؤخراً العدد الأول من نشرة اتجاهات الاقتصاد السوري في إطار مشروع «بناء القدرات والامكانات اللازمة من أجل اعداد واصدار نشرة دورية حول اتجاهات الاقتصاد السوري» بمساعدة الاتحاد الأوروبي.
العدد الأول والذي أعده أ.د. جيرارد دوشبين ود. أسامة نجوم تضمن خمسة أجزاء.
حيث يعرض المؤلفان في الفصل الأول خلاصة موجزة لآخر التطورات الاقتصادية في الاقتصاد السوري، ويناقشان في الثاني الاقتصاد الكلي والقطاعات الحقيقية متضمناً ـ كما يقولون ـ منهجية جديدة لتقدير الناتج المحلي الاجمالي واعادة حساب هذا الناتج، فيما خصصا الفصل الثالث لتقييم العلاقات الاقتصادية الخارجية حيث يتضمن عرضاً لإحصائيات موازين المدفوعات والتجارة الخارجية بالدولار لأول مرة في سورية، أما الفصل الرابع فيحتوي على تقييم القطاع المالي والمؤشرات النقدية مع التركيز على عرض ميزانية القطاع المصرفي في سورية وأما في الفصل الخامس فيقدم المؤلفان تحليلاً مهماً حول نتائج مسحي القوة العاملة وميزانية الأسرة، حيث يبين هذا الفصل عدداً من النتائج التي تعتبر جديدة بالنسبة للاقتصاديين السوريين... وتشرين تنشر فيما يلي أبرز المعلومات والبيانات الواردة في النشرة متمنية أن تتلقى ردود الاقتصاديين والباحثين حيالها.
- يرى المؤلفان في الفصل الأول أن السياسات النقدية الصارمة التي اتبعت من قبل البنك المركزي عام 2006 أدت الى استقرار في المتغيرات الاسمية النقدية، لكنها لم تؤثر بشكل ملحوظ على معدلات النمو واتبعت سياسات نقدية أقل صرامة في نهاية عام 2006 ومن المتوقع ان تنعكس آثارها على معدل التضخم ومعدل النمو الحقيقي في النصف الثاني من عام 2007، لقد عاد معدل التضخم الى وضعه في النصف الأول من عام 2007، فأسعار المستهلك التي وصلت الى أعلى مستوياتها في شهر شباط من عام 2007 بدأت بالتراجع بدءاً من شهر آذار لدرجة أنها انخفضت في شهر أيار بمقدار 4.3% مقارنة بمستواها في شهر شباط ويعود السبب في ذلك الى الانخفاض الموسمي في اسعار المواد الغذائية «المنتجات الزراعية» في فترة الصيف الأمر الذي كان واضحاً العام الفائت...
فيما يتعلق بمعدل النمو يعيد المؤلفان الجدل والحيرة الدائرين حول قيمة معدل النمو الاقتصادي الى عاملين: الأول ويتعلق بوجود صعوبة في المعالجة المحاسبية لأسعار الصادرات النفطية المرتفعة بمعنى أنه هل يجب حساب معدل النمو الاقتصادي في سورية باستخدام اسعار عام 2000 الثابتة أم أنه يجب ادماج المكاسب التي نجمت عن الارتفاعات الهائلة في الأسعار العالمية للنفط في القيمة الحقيقية للناتج المحلي الاجمالي؟! والعامل الثاني ومن وجهة نظرهما ان الاحصاءات السورية تشهد ما يسمى بحالة «أثر التدراك» حيث يعتقدان أن تقييم أرقام معدلات النمو الاقتصادي كان أقل من الواقع خلال العقد الماضي وأن التحسن الملحوظ في المنهجيات الاحصائية حالياً ساهم في الوصول الى أرقام أقرب للدقة والواقع والى الوصول الى أرقام أعلى للنمو الاقتصادي وهكذا ونتيجة مراجعة المؤلفين لتقديراتهما حول معدل النمو الاقتصادي لعام 2006 وبناء على أرقام انتاج الكهرباء واعادة حسابهما للناتج المحلي الاجمالي فقد توصلا الى معدل قدره 6% لعام 2006 ويمكن ملاحظة ان هناك عدة قطاعات اقتصادية تستمر في الازدهار والنمو كقطاعي البناء والتجارة...
لقد شهد عام 2006 ارتفاعاً في أرقام الصادرات والواردات خصوصاً في الربعين الثاني والرابع مع ملاحظة انخفاض مؤقت في الربع الثالث ولكن من الملاحظ ان الواردات نمت بشكل أسرع من الصادرات وأنه حدث عجز في الميزان التجاري في الربع الرابع بعد أن كان متوازناً في النصف الأول من العام 2006 ويمكن ارجاع السبب في ذلك على الأقل جزئياً الى الارتفاع الكبير والحقيقي في قيمة العملة السورية حيث ارتفع سعر الصرف الاسمي لليرة السورية بشكل ملحوظ بمقدار 11% عام 2006 في حين ارتفعت الاسعار المحلية بمقدار 6% بين كانون الأول 2005 وكانون الأول 2006 ومن المتوقع ان يستمر سعر صرف الليرة السورية في الارتفاع في المدى المتوسط على الرغم من الانخفاض العابر الذي حدث في الأشهر الأولى من 2007 بسبب انخفاض اسعار المستهلك ما سيجعل قيمة الواردات أرخص وبالتالي يفاقم من مشكلة عجز الميزان التجاري.
- تحت عنوان «طريقة تجريبية لإعادة حساب الناتج المحلي الاجمالي من قبل طرف محايد» يقدم المؤلفان طريقتهما لحساب الناتج المحلي الاجمالي المسماة «طريقة الدخل» المبنية على ملاحظاتهما للواقع الحياتي ويمكن استخدامها بشكل أسهل على الأقل تقريباً من قبل كل الأطراف، اذ يشير المؤلفان الى وجود طريقتين على الأقل لتحديد الناتج المحلي الاجمالي في سورية وذلك إما بإضافة مجموع القيم المضافة لكل الشركات أو بإضافة أو جمع الاستخدام النهائي للسلع والخدمات «الاستهلاك ـ الاستثمار، الصادرات ناقص الواردات..الخ» وهذه هي الطرق المتبعة من قبل المكتب المركزي للإحصاء من أجل تحديد الناتج المحلي الاجمالي لكن تتطلب هذه الطرق أحياناً توافر مجموعة من المعطيات التي لا يمكن الحصول عليها بشكل كامل ودقيق «مثل معطيات عن سلع الاستهلاك الوسيط» ما يؤدي الى أرقام غير واقعية عن الناتج المحلي الاجمالي بسبب نقص الكفاءة في مراقبة الطرق، بالخلاصة يميز المؤلفان بين أربع فئات للدخل عند حساب الناتج لسورية بطريقة الدخول وذلك بعد اجراء تبديل بسيط لتصنيف الدخل حسب «SNA» كما يلي:
تعويضات العاملين وهي اجمالي الاجور، اجمالي الدخل المختلط وهو يشمل دخل العاملين لحسابهم ودخل المنشآت الصغيرة، إجمالي فائض التشغيل وهو يشمل أرباح المنشآت الكبيرة والمتوسطة، وضرائب الانتاج والاستيراد وصافي الاعانات اي الدخل الاساسي للحكومة.
ہ تعويضات العاملين: بلغ عدد العاملين لأجر في سورية 2.6 مليون شخص تقريباً عام 2004 وبلغ مجموع صافي الاجور المدفوعة لهم 215 مليار ليرة سورية وفق بيانات مسح ميزانية عام 2004 ما يعني أن متوسط صافي الأجر لكل عام هو 6815 ليرة سورية شهرياً اي مايقابل 136 دولاراً أمريكياً وهو رقم تقديري مقبول لتلك الفترة «يتوقعان أن يكون الرقم اكبر من 180 دولاراً شهرياً» من حيث المبدأ فإن هناك مبلغاً اضافياً 14% نسبة المساهمة في التأمينات الاجتماعية على هذه الاجور اضافة الى مبلغ ضرائب الدخل، ويقدر المؤلفان نسبة المبالغ الاضافية التي يجب أن تضاف الى اجمالي الاجور بـ20% ما يعني أن حجم تعويضات العاملين لعام 2006 في سورية هو 258 مليار ليرة اي أن نسبة هذه التعويضات الى الناتج المحلي الاجمالي الذي بلغت قيمته عام 2006 /1254/ مليار ليرة هي 20% فقط وهي نسبة مثيرة للاهتمام وخصوصاً ان هذه النسبة تبلغ 70% في الاقتصاديات الأخرى وفق منهجية الحساب نفسها ما يؤدي بالباحثين الى القول: إن سورية تعاني من مشكلة انخفاض الاجور قياساً الى بقية العالم.
ہ اجمالي الدخل المختلط: ويتألف من ثلاثة مكونات اساسية هي دخل المشاريع الصغيرة ودخول اصحاب المهن العلمية ، الدخل الناجم عن ايجارات العقارات، والمكون الثالث يعتبر نظام الحسابات القومية أنه يجب اجراء تقدير ضمني للسلع والخدمات التي تستهلك من قبل المنتجين أنفسهم «استخدام أصحاب البيوت لمنازلهم ـ استهلاك المزارعين لقسم كبير من منتجاتهم الغذائية».
ففي جانب الاستهلاك الذاتي الزراعي يقدر المؤلفان نسبة الاستهلاك الذاتي في القطاع الزراعي لعام 2004 بنحو 32.1 مليار ليرة سورية وبنسبة قدرها 7.7% مع افتراض انها نسبة ثابتة وهكذا تكون النسبة عام 2005 نحو 34.8 مليار ليرة وفي عام 2006 نحو 36.2 مليار ليرة.
أما بالنسبة لايجارات المنازل بما فيها الضمنية «استخدام أصحاب البيوت لمنازلهم» فتشير تقديرات وحساب النشرة الى أن قيمة الايجارات الكلية بما فيها الضمنية بلغت عام 2004 نحو 111 مليار ليرة و في عام 2005 نحو 122.8 مليار ليرة وفي عام 2006 نحو 139.1 مليار ليرة.. وفي أنشطة المشاريع الصغيرة توضح النشرة ان اجمالي دخل المنشآت الصغيرة الحجم عام 2005 بلغ 217.7 مليار ليرة وفي عام 2005 نحو 329.2 مليار ليرة وعام 2006 نحو 381.9 مليار ليرة.
اجمالي فائض التشغيل: يتصف هيكل قطاع المؤسسات في سورية بالتنوع «وجود عدد كبير من المنشآت الصغيرة الحجم اضافة الى تقارب حجم هذه المنشآت ووجود عدد قليل من المنشآت المتوسطة والكبيرة الحجم».. ويركز المؤلفان على دراسة ريع النفط والقطاع المالي، وفيما يتعلق بريع النفط يؤكدان انه على الرغم من تناقص انتاج واحتياطي النفط تبقى سورية دولة غنية نسبياً بالنفط وهي تستمر في الاعتماد بشكل كبير على انتاج النفط الخام الذي لا تزال أسعاره العالمية تشهد ارتفاعاً متزايداً في السوق الدولية وتبين حسابات المؤلفين ان الربح الكلي من استخراج النفط بلغ عام 2004 نحو 225.3 مليار ليرة وعام 2005 نحو 328.9 مليار ليرة وفي عام 2006 وصل لنحو 386.2 مليار ليرة سورية، اما في قطاع التمويل فإن حسابات المؤلفين تشير الى أن الفائض الاجمالي لقطاع التمويل بلغ عام 2004 نحو 44.7 مليار ليرة، وعام 2005 نحو 67.5 مليار ليرة وعام 2006 كان نحو 84.1 مليار ليرة واجمالي فائض التشغيل في هذا القطاع هو الفرق بين القيمة المضافة والأجور المدفوعة للعاملين فيه، وفي المؤشر الثالث المتعلق باجمالي فائض تشغيل المؤسسات النموذجية «الطبيعية» «تتم فقط للاشارة الى المنشآت ذات الحجم المتوسط والكبير في سورية» فإن تقديرات النشرة تقول إن الربح الاجمالي للمنشآت النموذجية بلغ عام 2004 نحو 388.5 مليار ليرة، و449 مليار ليرة عام 2005 و525.5 مليار ليرة عام 2006.
ہ صافي الضرائب على الانتاج والاستيراد: ويشكل هذا المكون الأخير في الناتج المحلي الاجمالي جزءاً مهماً في حالة سورية، حيث يوجد نظام إعادة توزيع فعال من خلال الضرائب والاعانات واختلالات الاسعار أيضاً.. وتخلص حسابات المؤلفين الى ان صافي الضرائب على الانتاج والتصدير كان في عام 2006 سالباً بنحو 5.9 مليار ليرة سورية وكذلك في عام 2005 بنحو 103.7 مليار ليرة... والامر ذاته عام 2006 بنحو 170 مليار ليرة سورية.
ويؤكد المؤلفان ان الطريقة التي استخدمت للوصول الى هذه الارقام مختلفة كلياً عن طريقة المكتب المركزي للاحصاء والتي تعتمد بشكل اساسي على البيانات المحاسبية المأخوذة من المؤسسات التجارية.
وهكذا تخلص حسابات المؤلفين الى ان مجموع الناتج المحلي الاجمالي بلغ 1271.5 مليار ليرة عام 2004 و1524 مليار ليرة عام 2005، و1724.9 مليار ليرة عام 2006، وبمقاربة ذلك مع الاحصائيات الرسمية تكون نسبة الناتج المحلي الاجمالي الرسمي الى المحسوب «من قبل المؤلفين» 98.6% عام 2004 و97.1% عام 2005.
زياد غصن
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد