تصدير عشوائي للأغنام ونقص في الأعلاف
تمر الثروة الحيوانية في محافظة درعا منذ سنوات بظروف معيشية وصحية صعبة للغاية, نظراً لإنحسار رقعة المراعي ولعدم توفر حاجتها من الأعلاف الجاهزة, بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأدوية البيطرية التي تحتاجها, الأمر الذي دفع أغلب المربين للتخلي عن أعداد كبيرة من قطعانهم من خلال بيعها وتصديرها ما أدى بالنتيجة إلى تراجع وتدهور الثروة الحيوانية بالمحافظة وانخفاض إنتاجها من الحليب واللحم.
وتشير الإحصاءات لدى اتحاد فلاحي المحافظة بأن عدد رؤوس الأغنام لايزيد حالياً عن 400 ألف رأس, وعدد الأبقار /35/ ألف رأس في حين بلغت هذه الأعداد قبل ثماني سنوات حوالي /442/ ألف رأس من الأغنام و /48/ ألف رأس من الأبقار.
وتعود مشكلة الأعلاف بالمحافظة لعاملين: الأول نقص الأعلاف الخضراء. وهذا ناتج عن الجفاف الذي تمر به المنطقة منذ عدة سنوات, وعن تقليص المساحات الرعوية بالمحافظة. حيث جرت في السنوات الأخيرة فلاحات واسعة للأراضي التي كانت ترعى فيها الماشية, وهذه الفلاحات أقدمت عليها الدولة من خلال عمليات استصلاح الأراضي الوعرة والهضابية عبر مشروعي التنمية الزراعية والتشجير المثمر.
إذ تبلغ المساحات التي تم استصلاحها عن طريق هذه المشاريع وغيرها أكثر من /130/ ألف هكتار كان القسم الأعظم منها يشكل الواحات والمراعي التي تعيش عليها الثروة الحيوانية بالمحافظة ومن هنا صغرت المساحات الرعوية في المحافظة وأصبحت الآن محدودة جداً ولاتتسع إلا لأعداد قليلة من الأغنام وأمام هذا الوضع لجأ الكثير من المربين إلى التخلص من قطعانهم.
والعامل الثاني في قضية الأعلاف: هو نقص المقنن العلفي وارتفاع أسعاره. فالكميات التي تقدمها الدولة للمربين قليلة جداً ولاتسد إلا جزءاً يسيراً من حاجة أغنامهم وأبقارهم.
وأفادنا المهندس محمود العيد معاون مدير الأعلاف بدرعا بأن المخصصات الحالية للرأس الواحد من الأغنام في الدورة الواحدة التي تقدر مدتها بأربعة أشهر تتألف من 12 كغ نخالة و 3 كسبة و6 كغ من القمح و 2 كغ قشرة. أي أن وزن كامل المخصصات العلفية في الدورة الواحدة هو 23 كغ لكل رأس غنم.
كما أن مخصصات رأس البقر الواحد من مقنن جاهز أبقار حلوب في الدورة الواحدة التي مدتها ثلاثة أشهر هي /50/ كغ, مشيراً إلى أن كميات الأعلاف التي توزعها المؤسسة حالياً للثروة الحيوانية بدرعا تعادل ربع حاجتها الفعلية أو أقل بقليل.
وفي الواقع فإن المشكلة بالأعلاف الجاهزة لاتتعلق بندرتها وعدم كفايتها فحسب, بل في أسعارها الكاوية والمرتفعة حيث يصل سعر الطن الواحد من النخالة إلى /4750/ ل.س وثمن طن الجاهز حلوب /9/ آلاف ل.س, وسعر طن الكسبة /7500/ ل.س.
وخلاصة القول إن الأعلاف الخضراء غير متوافرة تماماً وبالمقابل فإن مخصصات الأعلاف الجاهزة التي تقدمها الدولة غير كافية لسد الحاجة وعالية السعر. وهذه كلها تحديات تواجه الثروة الحيوانية بالمحافظة وتقود إلى تراجع أعدادها وإنتاجها من الحليب واللحم. حيث تراجع إنتاج الأبقار والأغنام من /75/ ألف طن حليب عام 2003 إلى أقل من /60/ ألف طن هذا العام.
ومن الأسباب الأخرى التي تربك المربين وتدمر الثروة الحيوانية بالمحافظة وتؤدي إلى نفوق أعداد كبيرة منها إرتفاع أسعار الأدوية البيطرية وعدم توفرها لدى دوائر وأقسام الصحة الحيوانية بالمحافظة.
ففي حين كان المربي يحصل على أدوية المضادات الحيوية والسروب مجاناً من دوائر البيطرة أصبح الآن لايحصل عليها إلا من الصيدليات البيطرية وبأسعار باهظة جداً / طبعاً ماعدا اللقاحات فهي مجانية /.
وقد أفادنا الدكتور أحمد الصياصنة صاحب مكتب بيطري بأن أسعار بعض الأدوية الحيوانية مرتفعة في السوق فمثلاً سعر الليتر من ( بندازول ) وهو من مضادات الطفيليات الداخلية ب /125/ ل.س وسعر ليتر السروب وهو لمعالجة الطفيليات الخارجية ب /600/ ل.س وسعر عبوة البنسلين الحقن التي تحتوي 100 سم وهو مضاد حيوي يعطى للأبقار غالباً /200/ ل.س وفي الواقع.. فإن لمشكلة الأدوية البيطرية تأثيراً على رغبة المربين في زيادة أعداد قطعانهم فالمربي الذي كان يملك أربعة رؤوس من الأبقار اكتفى حالياً بتربية بقرة واحدة فقط..؟!
ولايفوتنا ونحن نتحدث عن مشكلات الثروة الحيوانية بالمحافظة الإشارة إلى عامل أساسي في تفسير نقص وتراجع أعداد الثروة الحيوانية في المحافظة وهو ظاهرة تصدير الأغنام العواس وتهريبها في بعض الأحيان التي تحصل بين فترة وأخرى عبر الحدود الجنوبية إلى بعض الدول المجاورة حيث يتم حالياً تصدير حمولة /40/ سيارة شاحنة من الخراف إلى السعودية يومياً.
ومن هنا فإن حماية الثروة الحيوانية بالمحافظة والعمل على زيادتها بصفتها جزءاً أساسياً من اقتصادنا الوطني وعنطراً غذائياً مهماً يتطلب وقف الاعتداءات الجائرة على المراعي وفتح المزيد من المحميات الرعوية وتوفير الأعلاف الجاهزة وزيادة مخصصات الرأس الواحد منها وكبح جماح حمى أسعارها وأسعار الأدوية البيطرية التي ترتفع يوماً بعد آخر.
سلامة دحدل
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد