الاضطرابات النفسية تنتاب آلاف لاجئي العراق بالأردن
يضم مجتمع المهاجرين العراقيين في الأردن حالات مرضية في أمس الحاجة إلى العلاج.
فإلى جانب مأساة التهجير واللجوء وفقدان الوطن والأهل، توجد آلاف الحالات من المرض النفسي التي تحتاج إلى علاج وإعادة تأهيل للتخفيف من قسوة وبشاعة التجارب القاسية التي مروا بها.
وفي حالة طفل عراقي لم يتعد السادسة من عمره ما يلخص تلك المأساة، فهذا الطفل اللاجئ حاليا في الأردن بدأ يعاني من اضطراب إثر مشاهدته مقتل أبيه عندما كان معه في السيارة.
ووفقا لاستشاريي منظمة كير غير الحكومية، يواصل الطفل رسم قبور تحمل وجه أبيه بالإضافة إلى سيارات حمراء وسوداء اللون.
ويوضح استشاري أن سيارة والد الطفل كانت حمراء اللون في حين كانت سيارة القتلة سوداء.
ولأن الطفل لم يحصل على الدعم النفسي الملائم مباشرة بعد الحادثة، فقد بدأ يتحدث مع مخلوقات وهمية.
حالة الطفل هذه واحدة من بين عشرات بل مئات الحالات يعيشها عدد من بين 750 ألف لاجئ عراقي بالأردن يشكلون أكثر من 10% من مجموع سكان المملكة.
وبإضافة هذا العدد إلى عدد اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في البلاد يصبح الأردن أكثر بلدان العالم إيواء للاجئين مقارنة بعدد سكانه. لكن مع تزايد هذا الرقم تتفشى حالات الاضطرابات النفسية.
ويرتبط معظم الاضطرابات النفسية التي يعاني منها اللاجئون العراقيون في الأردن، بحسب الاستشاريين في كير، بالعنف بين الأزواج.
ويوضحون أن عددا كبيرا من اللاجئين العراقيين في الأردن يعيشون في فقر مدقع، وهذا وضع قد يبعث الإحباط في نفس الزوج غير القادر على العثور على عمل ويجعله يعبر عن إحباطه هذا بضرب زوجته.
وتنتشر أيضا الاضطرابات الناتجة عن التعرض لصدمات معينة تصيب الرجال والنساء والأطفال الذين تعرضوا للتعذيب أو شهدوا مقتل أحد أفراد أسرهم.
ومع قلة بل ندرة المستشفيات الأردنية الحكومية التي تقدم العلاج النفسي لهؤلاء، بدأ اللاجئون العراقيون الذين يحتاجون للرعاية النفسية يكسرون المحظور ويذهبون إلى المنظمات غير الحكومية التي تقدم علاجا.
وقال المسؤولون في كير إن وحدة الاستشارات النفسية بمركزهم قامت بمساعدة حوالي سبعة آلاف لاجئ عراقي منذ بداية العام الحالي.
ونتيجة لهذا الكم الكبير من المرضى وعدم قدرة استشاريي المنظمة على القيام بأكثر من ثلاث جلسات علاجية في اليوم، فإن المركز يحيل المرضى إلى خبراء آخرين أكثر تخصصا بالنسبة للحالات التي تحتاج إلى أدوية.
تقول مروة الأنصاري من منظمة كير الإنسانية "نحن لسنا أخصائيين نفسيين ولا نقدم حلولا عميقة، ولكننا نستطيع الكشف عن المشكلة وتحويلها إلى الأخصائيين الأكثر خبرة".
وفي الحالات التي تستدعي استشارات نفسية متخصصة وأدوية، تقوم منظمات غير حكومية مثل اتحاد المرأة الأردنية بتحمل مصاريف العلاج والدواء.
غير أن الخبراء الطبيين بمفوضية الأمم المتحدة للاجئين يتفقون على أن العلاج السريري والأدوية وحدهما لا يحلان المشكلة، إذ تعاود الأعراض الظهور بمجرد انتهاء فترة المعالجة.
وفي هذا الإطار يقول المسؤول الطبي بالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة رياض إن الحاجة الأهم تتمثل في ضرورة توفير الاستشارة النفسية والاجتماعية. فالعلاج السلوكي يحقق أكثر بكثير مما يحققه الدواء لوحده.
وينبه إلى ضرورة استعمال الاثنين معا في الحالات التي تستدعي ذلك، مشيرا إلى أن مضادات الاكتئاب باهظة الثمن ولا يستطيع اللاجئون تحمل تكلفتها.
وبات لافتا أن الذين يعانون من اضطرابات نفسية يعتمدون على المنظمات غير الحكومية العاملة تحت مظلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وعن تلك الظاهرة تقول مروة الأنصاري إن الأردن يفتقر للقدرة على معالجة الأعداد المتزايدة من اللاجئين الذين يعانون أعراضا نفسية.
المصدر: الجزيرة نقلاً عن "شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين
إضافة تعليق جديد