التلوث يجتاح الماء والهواء في الساحل السوري

جملة من المشكلات البيئية التي تعاني منها المنطقة الساحلية عموماً وهذه المشكلات في الهواء والماء والتربة والأهم أن الجهات المعنية تعلم بتلك المشكلات التي تؤثر على التوازن البيئي وتشكل خطراً على حياة الإنسان لا تتخذ الإجراءات المناسبة على الأقل للتخفيف منها بل تساهم في أغلب الأحيان وبدون قصد في رفع نسبة التلوث البيئي وذلك أثناء وضع الخطط بعيداً عن دراسة الأثر البيئي للمشاريع, وإذ قلنا إن المنطقة الساحلية هي منطقة لا تصلح إلا أن تكون منطقة سياحية إضافة لكونها زراعية نرى تركيبة غير متجانسة للاستثمارات فيها وخاصة الصناعية منها على حساب الزراعة والسياحة. ولمعرفة حجم المشكلات التي تعيشها المنطقة الساحلية كان اللقاء مع السيد عيسى علي مدير فرع الهيئة العامة للاستشعار عن بعد في المنطقة الساحلية معتمداً على ما تظهره الصور الفضائية لحجم التلوث البيئي في المنطقة الساحلية.‏

* بداية كيف تقيّم وضع البيئة في الساحل السوري ونسبة التدهور فيها؟‏

** القضية متشابكة والتلوث متعدد الأسباب والأشكال وإذا كنا نعيش ضمن هذه البيئة فيجب الحفاظ عليها والابتعاد عن كل ما يشكل خطراً مباشراً عليها, وخاصة أن كل ما ينجز في الحياة في خدمة ا لإنسان ووسائل عيشه. وتلوث البيئة مؤشر سلبي ينعكس مباشرة على الصحة العامة... والأمراض التي نراها اليوم وانتشارها كمرض السرطان أو الربو أو... ليس إلا ناتجاً عن تلوث البيئة من هواء وماء ولذلك لا بد من إعادة النظر في إدارة موارد المنطقة من خلال التعامل مع الأنظمة البيئية سواء أكانت سهلية أم جبلية ووضع الخطط لاختيار مواقع أفضل للتوسع العمراني والمنشآت الخدمية والخاصة ورفع الوعي البيئي للحفاظ على التنوع الحيوي لما لها من أهمية في التوازن البيئي من تشجيع الجمعيات الأهلية ودورها الطبيعي في هذا المجال للحفاظ على البيئة بدءاً من أنفسنا إلى أصحاب القرار.‏

* كيف يقيّم الشاطىء السوري وما النقاط الساخنة إن صحت تسميتها كبؤر يرتفع معدل التلوث فيها؟‏

وكيف تقييم تلك النقاط الملوثة, وما درجة التلوث فيها من خلال الصور الفضائية والمسح الحراري لها؟‏

** يوجد عدد من النقاط الساخنة على الساحل السوري ومصدر التلوث فيها مختلف ولكن استطعنا تحديد الرئيسي منها من خلال المسح الحراري للساحل السوري إذ أظهر هذا المسح أكثر من سبع نقاط ساخنة وأكثرها سخونة هي تلك النقطة التي رصدت بالقرب من المحطة الحرارية في بانياس والتي تعد بؤرة حرارية مخيفة حيث تعمل هذه المحطة على تسخين مياه البحر من درجة /24/ إلى درجة /29/ ما يؤثر على الكائنات البحرية وعلى البيئة البحرية المحيطة في هذه المنطقة إضافة إلى مصب النفط في بانياس ومصبات الصرف الصحي المنتشرة على طول الساحل السوري التي تنتهي في البحر إضافة إلى رمي النفايات الصلبة مباشرة على الشاطىء.‏

- كما تساهم في هذا التلوث, المنشآت السياحية المقامة على الشاطىء السوري أما الخط البيئي الآخر حسب ما كشفته الصور الفضائية فهو انتشار قطعان الأغنام على طول الشاطىء وتم تسليط الضوء عليه لأنه ليس ظاهرة مكانية وإنما منتشرة على طول الشاطىء ما يسبب تغييرا في وظيفة المنطقة وتغييراً في غذاء الأغنام التي كانت سابقاً تعتمد على الأعشاب وحالياً على العلف والنفايات الصلبة حيث تقوم قطعان الأغنام باحتلال المناطق التي من المفروض أن تستقطب الاستثمارات السياحية. فاستقدام الأغنام من أماكن تواجدها الحقيقي في البادية ومناطق الرعي إلى المناطق الساحلية وتمركزها في المناطق الساحلية يعد مؤشراً سلبياً, وخطورتها لا تنحصر عند ذلك بل حول طبيعة الغذاء الذي تتناوله تلك القطعان والذي استبدلته من المراعي الطبيعية إلى ما تحتويه مكبات القمامة من نفايات خطرة لها تأثير على صحة الثروة الحيوانية وبالتالي على الصحة العامة والأكثر تواجداً لهذه القطعان قرب أو حول مكب البصة المصدر الأساسي المباشر لتلوث الهواء والتربة والمياه الجوفية.‏

** طبعاً هذا ليس كل شيء فهناك العديد من الأمور التي تؤثر على المنطقة الساحلية وتغير من وظيفتها الأساسية فمن خلال النظرة الشمولية بتقنيات الاستشعار عن بعد نرى إنشاء المعامل والمنشآت الخدمية الملوثة للبيئة تنفذ بعيداً عن المعايير التي تحمي البيئة من تربة وهواء لتصل للأجيال القادمة نظيفة ومنها. على سبيل المثال سوء اختيار المنطقة الصناعية في مدينة اللاذقية والتي تقع في منطقة خصبة زراعية وغنية بالمياه وذات مواصفات للبناء سيئة فهذا الاختيار يقول السيد عيسى: على ما أعتقد لا يمكن تصنيفه في أي معيار إيجابي إضافة إلى موضوع الملوثات وقربها من المناطق السكنية كذلك أيضاً التوسع في إقامة المنشآت الصناعية على الأراضي الزراعية الخصبة واقتلاع أشجار الحمضيات والزيتون والأشجار الخاصة في المنطقة الساحلية لتنشأ مكانها معامل للحديد والألمنيوم والمحركات وغيرها من الصناعات الملوثة للبيئة وللمياه.هذا جزء من كل ما تتعرض له المنطقة الساحلية من غزو سريع للبيئة والتي لم تستثنى منها الثروة المائية العنصر الأهم في حياتنا اليومية حيث أصبحت جميع تلك المصادر مهددة بالتلوث فآبار الجنديري التي كانت تغذي جزءاً من مدينة اللاذقية وريفها خرجت من الاستثمار بسبب التلوث, حتى البحيرات والسدود والينابيع لم تنج من غزو التلوث البيئي بعد أن أصبحت مكانا لمصبات الصرف الصحي للبلديات والبلدان.‏

نهلة اسماعيل

المصدر: الثورة